سجّل تقرير "معهد رويترز لدراسة الصحافة" لعام 2025 تحوّلًا تاريخيًا في أنماط استهلاك الأخبار بالولايات المتحدة، إذ أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي المصدر الأول للأخبار، متجاوزة التلفزيون للمرة الأولى، في مؤشر واضح على تغيّر جذري في علاقة الجمهور بالأخبار ومصادرها.
وبحسب التقرير، الذي شمل أكثر من 94 ألف مشارك في 47 دولة، قال 54% من الأميركيين إنهم يحصلون على الأخبار من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الفيديو مثل "تيك توك"، "يوتيوب شورتس" و"ريلز"، مقابل 50% عبر التلفزيون، و48% من المواقع الإخبارية المباشرة أو تطبيقاتها.
ويظهر التقرير أن منصات الفيديو القصير باتت تُفضّل على النشرات الإخبارية التقليدية، خاصة بين من تقل أعمارهم عن 35 عامًا، في وقت تتراجع فيه معدلات الثقة بالمؤسسات الإعلامية الكبرى، وتتزايد فيه المخاوف من التضليل والأخبار الزائفة التي تنتشر عبر الخوارزميات.
كما كشف التقرير أن منصات الذكاء الاصطناعي مثل "تشات جي بي تي" بدأت تدخل ضمن خيارات الحصول على الأخبار، خاصة بين المستخدمين الأصغر سنًا. ففي الهند، مثلاً، يستخدم 18% من المشاركين الذكاء الاصطناعي لمتابعة الأخبار أسبوعيًا، بينما لا تتجاوز النسبة 3% في بريطانيا.
من جهة أخرى، لا تزال نسب الدفع مقابل الاشتراكات الإخبارية الرقمية منخفضة، حيث أظهرت الدراسة أن أقل من 18% من المشاركين في 20 دولة يدفعون فعليًا مقابل الأخبار، ما يعكس أزمة اقتصادية مستمرة تواجهها وسائل الإعلام التقليدية، في ظل منافسة شرسة مع المحتوى المجاني المنتشر عبر الشبكات الاجتماعية.
وحذّر معدّو التقرير من أن هيمنة وسائل التواصل الاجتماعي قد تؤدي إلى تكريس "فقاعات المعلومات" وانتشار الأخبار المضلّلة، في ظل نظام خوارزمي يفضّل المنشورات المثيرة والمحفّزة للتفاعل، على حساب الموثوقية والدقة.
ويؤكد التقرير أنّ الصحافة التقليدية أمام مفترق طرق حاسم، إذ يتعيّن عليها إعادة تعريف دورها في عصر تسيطر فيه الخوارزميات على تدفّق المعلومات، مع الحفاظ على جودة المحتوى ومصداقية المصادر.
التعليقات