الأمومة في وقت العجز

يا نور عيني وفرحتي التي لا توصف...

سامحيني.

لم أقصد يوماً أن لا أكون بجانبك، خاصة في تتويج أمومتك الغالية...

كم حلمتُ أن أحملكِ، وأحمل طفلكِ بين يديّ، وأطير.

أن أقبّلك بعد الولادة، وأبارك لك من قلبي وجسدي وروحي.

 

كنتِ تُرضعين، وكانت هذه اللحظات أعظم ما يمكن أن تحمله امرأة من قدسية وعذوبة...

كنتِ في بداية أمومتك، وكنتُ أحلم أن أكون معك – أمكِ – تساندك وتربّت على كتفك وتخفف عنك.

لكن، يا حبيبتي، جرت الرياح بما لا تشتهي سفني.

حين جاء موعد ولادتكِ، كنتُ أنا في المستشفى، أصارع ألماً غيّر ملامح حياتي كلها.

نقطة صغيرة على الدماغ... لكنها سلبتني توازني، وقوتي، وحتى قدرتي على أن أكون حاضرة في أغلى لحظة انتظرتها عمراً.

كنتِ تقولين لي مراراً:

"أريدكِ معي في غرفة الولادة."

وأنا كنت أعدّ الأيام والليالي لأكون أول من يرى حفيدي، ويستقبله بدموع الفرح.

لكن الواقع كان أقسى من الحلم. لم أكن هناك... لا في غرفة الولادة، ولا حتى حين عدتِ إلى البيت، تحملين طفلك وتحتاجين من يساندك.

وأنا... عاجزة.

يا ابنتي أنا حزينة لأنني لم أستطع أن أكون الأم التي تحتاجين إليها في تلك اللحظة.

لكني في ذات الوقت، مغمورة بفرح لا يوصف...

لقد وُلِد حفيدي الأول، وحلمُ حياتي صار حقيقة!

 

لقد تخيلت طويلاً لقائي بك وبطفلكِ…

كيف سأحضّر لكما كل شيء، كيف سأعتني بك، وأحتفل بكما بكل طاقة الحب والفرح التي في قلبي.

لكن...

تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.

تساؤل يخالج قلبي

 

ماذا يحدث حين يصل الأهل إلى عمر أو ظرف لا يعودون فيه قادرين على العطاء؟

حين تنقلب الأدوار، ويصبح الأبناء هم من يعتنون بآبائهم، بينما هم أيضاً يربّون أطفالهم؟

 

نحن نؤمن بإكرام الوالدين، وهذا أمر رباني لا يُناقش.

لكن أيضاً ندرك أن الأهل الجدد يعيشون ضغوطاً صعبة، ومسؤوليات مرهقة...

وكان من الطبيعي أن نكون – نحن الأجداد – السند والمُعين لهم.

لكن، ماذا لو لم نعد قادرين؟

 

يا ابنتي،

أشعر أحياناً أن ما حدث لي كان قدراً غير عادل،

لكنّه قدري...

وليس أمامي سوى أن أقبله، وأحبكِ من مكاني، وأدعو لكِ من قلبي.

خاتمة

ابنتي،

أمومتي في تلك اللحظة كانت مبتورة. مني وناقصة..

لكني ما زلتُ أمكِ.

وإن عجز الجسد، فروحي كلها كانت تحضنك.

قلبي معكِ في كل لحظة،

وحفيدي في قلبي منذ اليوم الأول الذي سمعت فيه صوته...

سامحيني، واحبيني كما أنا... او مثلما أصبحت

ولكن العين كانت قصيرة والبصيره أقصر 

إنه القدر ...........

بقلم: سوسن غطاس موقع والديه برعاية عرب 48