تحليلات إسرائيلية: هل يعيد اغتيال سليماني أميركا للشرق الأوسط؟

"عماد مغنية، رئيس أركان حزب الله والصديق القريب لسليماني، الذي كان إلى جانبه في دمشق عندما اغتيل، عام 2008. ومنذئذ لم ينجح نصر الله في إيجاد خليفة لائق، وعلى الأرجح أن هذا سيحدث في حالة سليماني أيضا"

تحليلات إسرائيلية: هل يعيد اغتيال سليماني أميركا للشرق الأوسط؟

إيرانيون ينددون باغتيال سليماني- طهران، أمس (أ.ب.)

يأمل الإسرائيليون بحدوث أمرين في أعقاب اغتيال قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، بغارة أميركية ليلة الخميس – الجمعة الماضية. الأمر الأول هو عودة أميركا إلى الشرق الأوسط، والأمر الثاني هو أنه لن يكون خلف لقائد "فيلق القدس" بحجم سليماني وقدراته. وذلك وفقا لتحليلات في الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم، الأحد.

وحسب رئيس تحرير صحيفة "هآرتس"، ألوف بن، فإن "اغتيال سليماني أعاد العجلة إلى الوراء. وقد أوضح ترامب أن أميركا باقية في المنطقة وملتزمة بالدفاع عن مصالحها هنا... وقد أدرك الرئيس، على ما يبدو، أن الثمن السياسي بالامتناع عن القيام بعمل ما سيكون أكبر من الانتقادات حول خطر الحرب والتورط".

وأضاف بن أن "خطأ سليماني الأعمق كان إستراتيجيا وليس تكتيكيا. فقد ترأس قوة صغيرة نسبيا، التي حظيت في العقد الأخير بحرية عمل، طالما أنه خدم مصالح الولايات المتحدة، أو لم يعرقلها على الأقل. وقد تعاون مع الولايات المتحدة في تحطيم العدو المشترك داعش، والأميركيون وافقوا على خطواته من أجل إنقاذ نظام بشار الأسد في سورية. وعندما توجه ضدهم مباشرة، تمت تصفية ’المقاول الثانوي’ على غرار سياسة إسرائيل تجاه قيادة حماس والجهاد الإسلامي في غزة".  

ولم يستبعد بن ردا إيرانيا على الاغتيال، "لكن يحظر أن ننسى للحظة توازن القوى. لا توجد لدى إيران أي طريقة لاستهداف الولايات المتحدة، وهي معرضة بالكامل لمجمل القدرات العسكرية التي بإمكانها أن تدمر بمجهود غير كبير المنشآت النووية وصناعة النفط وتستهدف قادة النظام. وعلى الأرجح أنه تكمن في أدراج البنتاغون خطط عسكرية مفصلة لتدمير هذه الأهداف من الجو".

إلا أن بن رأى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، هو "الرابح الأكبر من اغتيال سليماني. فقد أعاد الاغتيال ’الوضع الأمني’ إلى العناوين وأطاح بملفات الفساد. والمعارضة الأمنية في كاحول لافان سارعت إلى الوقوف إلى جانبه. وإذا حدث تصعيد أمني، محلي أو إقليمي، سيزداد الضغط على بيني غانتس ويائير لبيد للدخول إلى وزارتي الأمن والخارجية تحت نتنياهو".

وتابع أنه "من السابق لأوانه الحديث عن حكومة وحدة. ينبغي أولا أن تعبر إسرائيل المعركة الانتخابية، وصرف الأنظار عن ملفات الاتهام والحصانة إلى الدفاع عن الدولة من التهديد الإيراني هو هدية السنة الجديدة لنتنياهو. ليس بسبب وصفه كمن يحذر من إيران، وإنما لأن الغاية السياسية المتعلق بها بقاءه هي رفع نسبة التصويت في معاقل الليكود وانخفاض التصويت في المجتمع العربي".

عودة للمفاوضات النووية 

واعتبر المحلل العسكري في صحيفة "يسرائيل هيوم"، يوءاف ليمور، أنه "عدا الأهمية الهائلة لسليماني، فإن تصفيته دراماتيكية لأنها تبشر بعودة الولايات المتحدة إلى التأثير في المنطقة. فقد ساد، في الأشهر الماضية، قلق في الجانب العقلاني للشرق الأوسط، من السياسة الأميركية: ضبط النفس (أي عدم الرد على) إسقاط الطائرة الأميركية بدون طيار وعلى مهاجمة ناقلات النفط ومنشآت شركة أرامكو السعودية، إلى جانب الانسحاب من المنطقة الكردية في سورية والنية بالانسحاب من العراق، عزز قوة المحور السلبي بقيادة روسيا وإيران".  

وأضاف ليمور أنه "عمليا، قد تكون هذه فرصة، من أجل إعادة إيران إلى المفاوضات حول اتفاق جديد وأفضل في القضية النووية، ولاتفاق بين الدول العظمى يبعدها (إيران) عن سورية، ولإدخال بعض المنطق لدى زعماء، من بيونغ يانغ حتى أنقرة وموسكو، الذين أخطأوا في الاعتقاد أن الولايات المتحدة تخشى أو أنها فقدت الاهتمام بإدارة العالم".

كذلك اعتبر المراسل العسكري لصحيفة "معاريف"، طال ليف رام، أنه "في امتحان النتيجة (لاغتيال سليماني)، هذه بشرى رائعة لإسرائيل. إذ لم تُخف القيادة الأمنية في إسرائيل، في الأشهر الأخيرة، خيبة أملها من رد الفعل الأميركي على العدوانية الإيرانية في الخليج. ووجه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي انتقادا مبطنا، الأسبوع الماضي".

وأضاف ليف رام أن "ما لم يحدث بعد إسقاط الطائرة بدون طيار، مهاجمة ناقلات ومنشآت النفط السعودية، حدث بعد موت مواطن أميركي والصور القاسية التي جاءت من السفارة الأميركية في بغداد. وفي إسرائيل توقعوا من الأميركيين ردا عسكريا شديدا".

وتابع أن "اغتيال سليماني كان بمثابة فنطازيا وحسب. والآن هذه فنطازيا تحققت، ومثلما قال قائد سلاح الجو (الإسرائيلي)، عميكام نوركين، بعد الاغتيال، يوجد احتمال الآن بتحول إستراتيجي في المنطقة".

وأضاف ليف رام أن "التاريخ أثبت أن إخراج (اغتيال) قادة بارزين بفضل شخصيتهم، الكريزما، طريقة الأداء وحافزهم هو استهداف شديد لقدرة العدو في الأمد البعيد. هل سيغير الأميركيون الآن سياستهم في المنطقة بشكل جوهري ويحافظون على خط متشدد أكثر مقابل الإيرانيين في حال كانت هناك حاجة لذلك؟ ليس واضحا. إذ يعمل الأميركيون وفقا لمصلحتهم فقط، وسيعملون وفقا للتطورات العسكرية في المنطقة. وعلى ما يبدو أن محاربة تموضع إيران في سورية سيتمر في كونه شأنا إسرائيليا خاصا".

وحسب المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، فإن "الاغتيال كان طلقة البداية في مواجهة، ومن شأن القوات الأميركية أن تغادر العراق في نهايتها. هذه هي خطة ترامب. والتناقض الكبير هو أن هذه كانت خطة سليماني أيضا".

من جانبه، أشار المحلل العسكري في الصحيفة نفسها، أليكس فيشمان، إلى أنه "إلى جانب أو بعد عملية انتقام (إيرانية) سيبحث الإيرانيون عن طريق للتسوية مع الغرب. إذ أن هدف طهران الأعلى هو بقاء النظام، والحرب لن تخدم هذا الهدف".

وحول خليفة سليماني، اعتبر المراسل العسكري للصحيفة، يوسي يهوشواع، أن "الاغتيال هو ضربة معنوية وعسكرية شديدة لإيران، وبشرى ممتازة لإسرائيل. ويوجد اعتقاد بموجبه أنه بعد أي اغتيال يأتي خلف أخطر، لكن يجدر فحص ذلك في هذه الحالة: لا يوجد بديل لكل واحد".

وأضاف أن "مسؤولين إسرائيليين قالوا طوال السنين إنهم يعرفون عددا قليلا من ’الأشخاص المحترفين’ بمستوى سليماني. خذوا مثلا عماد مغنية، رئيس أركان حزب الله والصديق القريب لسليماني، الذي كان إلى جانبه في دمشق عندما اغتيل، عام 2008. ومنذئذ لم ينجح (أمين عام حزب الله حسن) نصر الله في إيجاد خليفة لائق، وعلى الأرجح أن هذا سيحدث في حالة سليماني أيضا".

التعليقات