الناصرة: حي العرقية نسيه الزمن... والبلدية

يساورك الشك وأنت داخل إلى حي العرقية في مدينة الناصرة، بغض النظر عن الاتجاه الذي تأتي منه، بأنك وسط مخيم لاجئين، أو في بلدة نائية نسيها الزمن وهجرها سكانها بسبب الظروف الحياتية والمعيشية القاسية وأزقتها وشوارعها المتهالكة

الناصرة: حي العرقية نسيه الزمن... والبلدية

مدخل حي العرقية بالناصرة (تصوير "عرب 48")

يساورك الشك وأنت داخل إلى حي العرقية في مدينة الناصرة، بغض النظر عن الاتجاه الذي تأتي منه، بأنك وسط مخيم لاجئين، أو في بلدة نائية نسيها الزمن وهجرها سكانها بسبب الظروف الحياتية والمعيشية القاسية وأزقتها وشوارعها المتهالكة.

عندما نذكر الظروف الحياتية والمعيشية فإننا لا نتحدث عن جوانب اقتصادية إنما عن خطر يتهدد سلامة الكبار والصغار، خطر انهيار المباني الآيلة للسقوط، وخطر انتشار الأفاعي والجرذان، والمخاطر الناجمة عن المكاره البيئية ومياه الصرف الصحي التي تتسرب من الشوارع إلى ساحات البيوت وتجلب معها الحشرات لدرجة أنه يتعذر عليك المشي في الحي إلا وأنت تشير بيديك يمينا ويسارا لإبعاد الذباب والحشرات.

يصعب على المتواجد وسط حي العرقية أن يصدق بأنه داخل حي بمدينة الناصرة المزدحمة والنابضة بالحياة، لولا وجود بعض المواقع المنيفة التي تطل على معالم الناصرة البارزة ككنيسة البشارة ومسجد السلام، فالحي يكاد يكون مهجورا كليا، تملأ جوانبه النفايات والمهملات التي ربما نقلت إليه من أحياء أخرى وتركت هناك.

وقالت إحدى سكان الحي، لولو بولس، لـ"عرب 48" إن "كل من لديه مهملات يحتار في كيفية التخلص منها يأتي بها إلى حي العرقية الذي تكثر فيه المزابل والمكاره البيئية ويتركها هنا"، ويوافقها الرأي الجيران من أبناء عائلة عليمي الذين يؤكدون أن "غرباء يأتون إلى الحي من أجل التخلص من المهملات كأجهزة التلفاز والغسالات والأفران غير الصالحة للاستعمال".

وعلى الرغم من كل أنواع الإهمال الصارخ في البنى التحتية والظروف البيئية فإن أكثر ما يقلق سكان الحي ليس النفايات ولا مياه الصرف الصحي إنما انهيار المباني والجدران، فحي العرقية هو أحد أقدم أحياء الناصرة، وهو امتداد للبلدة القديمة، لكن الفرق بين حي العرقية والبلدة القديمة هو أن البلدة القديمة شهدت في العام 2000 مشاريع تطوير وإعادة ترميم وصيانة على نطاق واسع بتكاليف تقدر بمئات ملايين الشواقل في حين أن أعمال الترميم والتطوير والصيانة هذه لم تصل حي العرقية.

مبنى آيل للانهيار

وعن ذلك تحدثت لـ"عرب 48" لور نداف، وهي تصف انهيار أحد الجدران على سيارة كانت مركونة بجانب الجدار، وقالت إنه "لحسن الحظ لم يكن هناك أطفال أو طلاب مدرسة ساعة حدوث الانهيار وإلا لحدث ما لا تحمد عقباه".

وأضافت نداف، وهي أم لأربعة أولاد، أنه "في الواقع إننا هنا في الحي نعيش مأساة على مدار سنوات طويلة، ولا نجد حلولا ولا نعلق آمالا على المستقبل، وعندما استدعينا المسؤولين في البلدية لمعاينة موقع الانهيار أعربوا عن استغرابهم من سوء أحوال الحي ونقص الخدمات فيه!".

مكرهة بيئية في الحي

وأكدت أنه "بسبب تراكم النفايات وبقائها لفترات طويلة، وعدم ترميم الجدران الآيلة للانهيار وتسرب المجاري ومياه الصرف فإن كل ذلك يشكل بيئة حاضنة للجرذان التي تتواجد بمجموعات كبيرة، وبالتالي فإن ذلك يستدعي الأفاعي التي شوهدت في الحي وتخرج من جحورها في هذه الأيام".

وختمت نداف بالقول إنه "ليس أمامنا، نحن نساء حي العرقية، سوى التوجه إلى مكتب رئيس البلدية بشكل تظاهري وعدم مغادرة المكتب إلا مع حلول. نحن لا نعاني من الظروف غير المحتملة فحسب، بل إننا ننتظر كارثة محتملة قد تقع في الحي فيما لم تتم معالجة المباني والجدران الآيلة للسقوط، وفيما لم يتم التخلص من الأفاعي والجرذان وإبعادها عن المكان من خلال عملية ترميم واسعة. ولدينا رغبة شديدة لعقد لقاء معه رئيس البلدية ونوابه الذين لا يعون المأساة التي نعيشها".

مهملات متروكة بالحي

وأكدت إحدى سكان الحي، أم خالد أبو حمد، بدورها على كل ما ذكرته لورا نداف ولولو بولس، وقالت لـ"عرب 48" إن "سكان الحي يهجرونه ويبحثون عن جودة حياة أفضل، بعدما أصيبوا بحالة من اليأس والإحباط من قدرة البلدية على توفير شروط حياة طبيعية في حي العرقية".

وأكدت أن الحي أصبح بمثابة لعنة تلاحقها وسط أقاربها ومعارفها وأهلها الذين يمتنعون عن زيارتها بسبب سكنها في الحي "البائس"، كما يسمونه، فالمركبات تكاد لا تصل إليه إلا بصعوبة بالغة، وحتى أن عمال النظافة وجمع النفايات لا يصلون الحي يوميا لأن شاحنة جمع النفايات لا تستطيع الدخول بسبب ضيق شارعه الوحيد، لذلك فإنهم يصلون بشاحنة صغيرة مرتين أو ثلاث مرات كل أسبوع.

جدار انهار جزء منه بالحي

وأضافت أبو أحمد أنه "كانت هناك خطة لتوسيع شارع الحي، شريان الحياة فيه، وأبدى السكان استعدادهم للتنازل عن أجزاء من أراضيهم كمساهمة منهم لتوسيع الشارع إلا أن المشروع لم يخرج إلى حيز التنفيذ".

تعقيب بلدية الناصرة

وتوجهنا في "عرب 48" إلى نائب رئيس البلدية ومسؤول ملف البلدة القديمة في البلدية، سمير السعدي، فأعرب عن استعداده للتحرك بشكل فوري والاجتماع مع أهالي الحي للعمل فورا على حل مشاكل الحي.

وقال: "نحن انتخبنا من أجل خدمة الناس وليس من أجل الجلوس في المكاتب. سأتوجه فورا إلى حي العرقية للاطلاع على الوضع وتوفير الحلول".

بيوت خالية ومهجورة 

 

التعليقات