12/05/2019 - 15:41

دائرة أراضي إسرائيل... التمييز القبلي كأداة لسلب الأرض

الرؤية التي تعمل بها الدائرة، هي "أكبر عدد من السكان على أقل قدر من المساحة وفي أقل عدد من القرى"، ويفيدها تسويق الفتنة في دفع عائلات إلى الرحيل من الأرض بسبب الثأر

دائرة أراضي إسرائيل... التمييز القبلي كأداة لسلب الأرض

تظهر "دائرة أراضي إسرائيل" في قبّعات مختلفة خلال محاولاتها فرض سياساتها في النقب، وتتعدد ممارساتها بهدف سلب الأرض، فهي قد تلعب دور المصلح الاجتماعي عبر عملائها ورموزها في المجتمع أحيانًا، وأحيانًا أخرى، يعتدي موظفوها على العرب في قراهم إذا رفضوا المساومة، وقد تسوق الفتنة في أماكن أخرى أو يعد موظفوها مواطنين من النقب بحل مشاكلهم في التأمين الوطني أو إخفاء ديونهم في حال وافقوا على التنازل عن أرضهم والرضى بصفقات سيّئة ومشبوهة.

وهنا، لا يبدو أن "دائرة أراضي" إسرائيل والمؤسسات المرتبطة بها، وهي "سلطة تطوير النقب" و"وزارة الزراعة" و"الوحدات الخضراء - كاكال" لديها أي وازع في فرضها سياساتها في النقب.

الاعتداء على العرب بهدف إرهابهم

وتجدر الإشارة إلى بعضٍ من ممارسات دائرة أراضي إسرائيل في النقب بالأمثلة، ففي تاريخ 1\1\2018، دخلت جرّافات وعمّال الصندوق القومي اليهودي - "كاكال" و"دائرة أراضي إسرائيل" إلى أرض الأهالي الزراعية، وبدأت بتجريفها والعمل على تحريشها، وتطوّر النقاش إلى مناوشات بين الأهالي المعتدى عليهم وعمال "كاكال" وموظفي الدائرة، واعتدى خلالها الموظفون، وما يسمّى بـ"الوحدات الخضراء"، برفقة الشرطة على أطفال ونساء ورجال في القرية، وفي أعقاب ذلك اعتقل 7 من أفراد العائلة لليلة كاملة. وفي الليلة التي سبقت الاعتداء، سحب موظف في "كاكال" السلاح على مجموعة من الأطفال في ملعب القرية وهدّدهم بإطلاق النار.

يرفض أهالي قرية الظحيّة الحوار مع "دائرة أراضي إسرائيل" ومؤسسات الهدم، ما قاد موظفي السلطة إلى الاعتداء على الأهالي بهدف إرهابهم ودفعهم على الانصياع، حتى أن الأهالي في شهاداتهم لموقع "عرب 48" عرّفوا تعامل الموظفين على أنه حقد شخصي تجاههم تمت ترجمته بالعنف من قبل موظف الدائرة.

تسويق الفتنة

تسويق الفتنة هو محاولة ضرب العائلات العربية، التي تعاني من الضائقة السكنية، ببعضها البعض، عبر قيام "دائرة أراضي إسرائيل" بتسويق نفس قسائم البناء لعائلات مختلفة، تعاني من الضائقة السكنية لسنوات، وقد أثبتت هذه الممارسة نتائجها الكارثيّة وخطرها على النسيج الاجتماعي في النقب.

قتل الشاب عدي أبو عمار في قرية اللقية جرّاء إطلاق للنار، وأصيب 6 آخرون بجراحٍ متفاوتة بعضها خطيرة، في الأوّل من آذار/ مارس 2018، بعد خلاف مسلح اندلع بين عائلتين في القرية، نشب الخلاف في أعقاب افتتاح حارة جديدة في القرية التزمت "دائرة أراضي إسرائيل" أمام العائلتين بتخصيصها لكل عائلة بشكل منفرد، دون علم الطرف الآخر بذلك.

تجدر الإشارة إلى أنّ "دائرة أراضي إسرائيل" قامت بتسويق الفتنة وما زالت تحاول القيام بذلك، حتى اليوم، في قريتي بير هداج وأبو قرينات. وأدّت هذه الممارسة إلى تطوّر العديد من العداوات والخلافات بين عائلات النقب على الأرض وقسائم البناء، يُذكر منها، أيضًا، تعرض شاب من بلدة تل السبع لإطلاق النار قبل أسبوعين من وفاة الشاب عدي أبو عمار في اللقية، في أعقاب خلاف على قسيمة بناء تسببت به دائرة الأراضي، أيضًا.

وتجدر الإشارة، كذلك، إلى مقتل شخص من مدينة رهط في شجار عائلي في العام 2016 وإصابة آخرين، بعد خلاف على قسيمة بناء تعهدت له بها "دائرة أراضي إسرائيل" حسب شهادات الأهالي.

التمييز القبلي حين الحاجة إلى هدف سلب الأرض

كما تبنّت "دائرة أراضي إسرائيل"، مؤخرًا، ممارسةً جديدة وسبّاقة في النقب، وهي التقسيم القبلي (على أساس عائلي نسبيّ المعايير للقطع السكنية وقسائم البناء)، حيث ظهر من شهادات لعرب النقب، استخدام دائرة أراضي إسرائيل حججًا عشائرية في تبريرها للتمييز في تسويق قسائم البناء في بلدات في النقب.

في شهادته لـ"عرب 48" حول معاناته من الأزمة السكنية في مدينة رهط، وجّه المتخصص في مجال البرمجيات، رشدي أبو لطيف، وهو أحد المتضررين من الضائقة السكنية في مدينة رهط، الأنظار إلى نقطة لم تذكر سابقًا في سياق تقسيم قسائم البناء، وهي تقسيم قطع الأرض على أساس عشائري.

 قال أبو لطيف "إحدى الذرائع التي وضعت أمامي والتي تمنع حصولي على قسيمة بناء كانت التركيبة العشائرية للضواحي المختلفة، والفكرة هي أن ضاحية معينة تتبع لعائلة معينة، عشيرة معينة أو لمجموعة عائلات وليس بالإمكان تسويق قسيمة لفرد واحد وعائلته بينهم، وفي إحدى المرات توجهت بالنسبة لقسيمة بناء معينة، وتواصلت معي ’دائرة الأراضي’ مدعيّة أن هناك مستحِقًا أكثر مني للقسيمة وعندما فحصت الأمر تبين أنه غير متزوج والأفضلية التي يملكها علي هو أن جاره في الضاحية السكنية هو من نفس العائلة، وهذا كان الرد، أيضًا، من ’دائرة الأراضي’".

قد يجد من يسكن النقب تقسيم المناطق السكنية منطقيًا، بحكم الواقع العشائري الموجود، ولكن هل فعلًا الهدف من التقسيم العشائري للأراضي في رهط هو حل الضائقة السكنية ومنع الخلاف بين أبناء العائلات المختلفة؟

بدأت دائرة أراضي إسرائيل منذ أقل من شهرين بتسويق قسائم بناء تقع في حيز الخارطة الهيكلية لقرية أبو قرينات في النقب، التي تعاني من الضائقة السكنية وهدم بيوت سكانها بشكل دوري، وبحسب شهادات أهالي أبو قرينات بدأت دائرة الأراضي في تسويق قسائم بناء لسكان من خارج القرية، في الوقت الذي لا تكفي القسائم الموجودة أهالي القرية التي تنقصها الخدمات، ودون منح الأفضلية للسكان.

نشبت توترات بين أهالي قرية أبو قرينات وبين الوافدين الجدد من قرى النقب، وأصدرت عشيرة أبو قرينات بيانًا ترفض فيها تسويق أرضها لغير أبنائها وتوجهت إلى "دائرة أراضي إسرائيل" بهذا الصدد، وكانت الإجابة أن لا مكان لـ"التقسيم العشائري".

في الخلاصة، قد تقسم "دائرة أراضي إسرائيل" قسائم البناء في القرى والبلدات على أساس عشائري لإسكان أصحاب أرض معينين ودفعهم إلى التنازل عن أرضهم، وقد تمتنع عن التقسيم العشائري لنفس السبب، كما في قرية أبو قرينات. والرؤية التي تعمل بها الدائرة، هي "أكبر عدد من السكان على أقل قدر من المساحة وفي أقل عدد من القرى"، ويفيدها تسويق الفتنة في دفع عائلات إلى الرحيل من الأرض بسبب الثأر، وبالتالي خسارة حجتها في بقائها على أرضها لسنوات أمام القانون الإسرائيلي وكل هذه السياسات تصب في سبيل سلب الأرض من العرب.

التعليقات