في أعقاب تصويت، أجري اليوم الأربعاء، أطلق البرلمان الأوروبي تحركا يمكن أن يؤدي الى فرض عقوبات سياسية غير مسبوقة على حكومة فكتور أوربان (فكتاتور) الشعبوية في المجر (هنغاريا) لأنها تشكل "تهديدا منهجيا" على القيم المؤسسة للاتحاد الأوروبي.

ويعتبر هذا التصويت ضربة سياسية موجعة لرئيس الوزراء الذي أبلغ البرلمان، الثلاثاء، أن التقرير المنتقد لحكومته، والذي أدى إلى التصويت هو إهانة لشرف المجر وشعبها.

وانتقد وزير الخارجية المجري، بيتر جيارتو، التصويت، وقال إنه "لا يعدو أن يكون انتقاما للسياسيين المؤيدين للهجرة".

يذكر في هذا السياق أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، يتقرب في السنوات الأخيرة إلى دول مركز أوروبا، وبضمنها دول "فايسغراد" (هنغاريا وبولندا والتشيك وسلوفاكيا)، وذلك بهدف إضعاف الإجماع في داخل الاتحاد الأوروبي بما يتصل بالشأن الفلسطيني والإيراني.

وإلى جانب التقارب مع إسرائيل، يتصاعد الاحتكاك بين هذه الدول وبين الاتحاد الأوروبي، وخاصة في أعقاب موجة الهجرة الكبيرة عام 2015، وتعتبر هنغاريا بقيادة أوربان الرمز المتطرف في هذه المعركة مقابل الدول الغربية، وخاصة ألمانيا.

ومع اقتراب انتخاب برلمان جديد لأوروبا في أيار/مايو 2019، يعكس التصويت الجهود التي تبذلها الأحزاب التقليدية في أوروبا لمواجهة ظهور الشعبويين الذين يعارضون الهجرة، ويتهمون بتقويض حكم القانون.

وتم تبني التحرك بأغلبية 448 صوتا، مقابل 197 صوتا، وامتناع 48 عن التصويت. وتعتبر هذه أول مرة يطلق فيها البرلمان خطوات بموجب المادة السابعة من معاهدة الاتحاد الأوروبي.

وأعربت النائبة الهولندية من حزب الخضر، يوديت سارجنتيني، والتي دعت إلى التصويت، عن سرورها للنتيجة وقال إنها "مؤشر ايجابي على أن هذا البرلمان يتحمل مسؤولياته ويريد التحرك".

وكانت قد دعت زملاءها إلى عدم السماح للمجر بالإفلات، وقالت إن حكم أوربان "ينتهك القيم التي يقوم عليها الاتحاد الأوروبي".

واستند التصويت على تقرير اشتمل على مخاوف حول استقلال القضاء والفساد وحرية التعبير والحرية الأكاديمية والحرية الدينية وحقوق الأقليات واللاجئين في ظل حكم أوربان المستمر منذ ثمان سنوات.

ويعني التصويت اتخاذ الخطوات الأولى بموجب المادة السابعة من معاهدة الاتحاد الأوروبي المعروفة في بروكسل باسم "الخيار النووي"، والذي يمكن أن يؤدي إلى حرمان المجر من حقوقها للتصويت في الاتحاد الأوروبي.

ويمكن لحكومات الاتحاد الأوروبي الأخرى أن توقف أي خطوات إضافية، وحذرت بولندا من أنها قد تفعل ذلك.

وفي كلمة مقتضبة أمام البرلمان، الثلاثاء، قال أوربان إن بلاده ستقاوم أية محاولات "لابتزازها" لكي تلين موقفها المناهض للهجرة، والذي يقول إنه وراء التصويت.

ورغم تحديه، إلا أنه كان متوقعا النتيجة، وقال إنه يبدو أن البرلمان قد حسم رأيه.

وقال أوربان "المجر ستحمي حدودها، وتوقف الهجرة غير الشرعية وتدافع عن حقوقها"، متهما النخبة في الاتحاد الأوروبي بالرغبة في معاقبة بودابست على موقفها المعادي للهجرة.

ولا تأتي المعارضة لتوجه أوربان فقط من اليسار، بل كذلك من كتلة "حزب الشعب الأوروبي" البرلمانية اليمين الوسط.

وقال زعيم الكتلة، مانفريد ويبر، إنه سيصوت لصالح الخطوة التي تستهدف حكومة أوربان. وقال المتحدث باسم الحزب إن الكتلة منقسمة بنسبة 50 إلى 50.

ورغم أن تصرفات أوربان أثارت معارضة، إلا أنها تلقى قبولا لدى الشعبويين في الاتحاد الأوروبي، حيث طرحت شخصيات من اليمين المتطرف فكرة تشكيل تحالف أوروبي قبل انتخابات العام المقبل.

وتواجهت المفوضية الأوروبية التي يرأسها جان كلود يونكر من كتلة "حزب الشعب الأوروبي" مرارا مع حكومة أوربان، خاصة بعد أن رفضت بودابست استقبال طالبي اللجوء بموجب خطة أطلقها الاتحاد الأوروبي في ذروة أزمة الهجرة في 2015.

وفي تموز/يوليو الماضي حذرت المفوضية الأوروبية أنها يمكن أن تأخذ بودابست إلى محكمة العدل الأوروبية، بسبب قوانين تنص على سجن أي شخص يساعد مهاجر غير موثق لمدة عام.

وقد تفرض المحكمة غرامات، وهي العقوبة التي تعتبر أقل بالنسبة لبودابست من عقوبة حرمانها من حقوق التصويت.

واعتبر خبير حقوق الإنسان في الاتحاد الأوروبي، بربر بيلا هيتنغا، في منظمة العفو الدولية أن التصويت "تاريخي".

وقال "البرلمان الأوروبي وقف إلى جانب الشعب المجري والاتحاد الأوروبي. لقد أوضح أن حقوق الإنسان وحكم القانون والقيم الديموقراطية غير قابلة للتفاوض".

اقرأ/ي أيضًا | فكتاتور في ضيافة ديموكتاتور