وصلت استعداد قوات النظام السوري لهجوم قد تشنه على مراحل، في محافظة إدلب والمناطق المحيطة بها في شمال غرب البلاد، وهي آخر منطقة كبيرة خاضعة لسيطرة لمعارضة المسلحة، إلى مراحلها الأخيرة، وفقًا لما نقلته "رويترز" عن مصدر مقرب من حكومة نظام الأسد، اليوم الأربعاء.

يأتي ذلك وسط تحذيرات تشير إلى أن المعارك خلال الهجوم الذي يستعد النظام لشنه في إدلب، لن يخلو من استخدام الأسلحة الكيميائية.

وقالت روسيا، الداعم الرئيسي لنظام بشار الأسد، اليوم الأربعاء، إنه "يجب تصفية المسلحين هناك"، ووصفهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بأنهم "خراج متقيح".

فيما حذرت تركيا، المتاخمة لإدلب ولها وجود عسكري صغير في المنطقة، من شن مثل هذا الهجوم.

هجوم على مراحل...

وقال المصدر وهو مسؤول في ما وصفته "رويترز" بـ"التحالف الإقليمي" الداعم للأسد، إن الهجوم سوف يستهدف في البداية الأجزاء الجنوبية والغربية من الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة، وليس مدينة إدلب نفسها.

وأضاف أن "اللمسات الأخيرة لأول مرحلة ستكتمل بالساعات القادمة"، دون أن يذكر متى سيبدأ الهجوم.

وذكر المسؤول أن المفاوضات ما زالت جارية حول الهجوم بين روسيا وتركيا وكذلك إيران الداعمة، كذلك، لنظام الأسد في سورية.

وحول الأسد أنظاره صوب إدلب، حيث تهيمن عليها فصائل معارضة، وذلك بعدما الجولات العسكرية التي شنتها في الفترة الماضية بدعم روسي من حلب إلى درعا مرورًا بالغوطة، والتي أجلت من خلالها المعارضة المسلحة من مناطق أخرى في سورية، معظمهم لجأ إلى إدلب.

ولم تعد المعارضة المسلحة تسيطر سوى على إدلب والمناطق المحيطة بها وكذلك على منطقة مجاورة تحصل فيها سلطات المعارضة على دعم عسكري ومالي تركي.

وتقول الأمم المتحدة إن وقوع هجوم كبير في منطقة إدلب، التي يشكل النازحون بالفعل نصف سكانها، يهدد بإجبار 700 ألف سوري آخرين على النزوح عن ديارهم.

التفاهم مع تركيا أولا...

ويهدد الهجوم أيضا بإثارة التوتر مع تركيا التي أقام جيشها سلسلة من مواقع المراقبة في مناطق المعارضة المسلحة العام الماضي، بموجب اتفاق "خفض التصعيد" مع روسيا وإيران.

وكان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، قد قال هذا الشهر، إنه يأمل أن تتمكن أنقرة وموسكو من التوصل إلى حل في إدلب، محذرا من أن شن حملة قصف هناك سيتسبب في مذبحة. وتخشى أنقرة أيضا أن يؤذن هجوم كبير بتدفق جديد للاجئين عبر الحدود التركية.

وقال لافروف اليوم، إن هناك تفاهما سياسيا بين روسيا وتركيا بخصوص الحاجة للتمييز بين المعارضة السورية ومن وصفهم بـ"الإرهابيين" في إدلب.

ويبقى شن النظام لهجوم وشيك على إدلب، رهنا باتفاق مع تركيا التي تدعم فصائل معارضة، وخصوصا أن المباحثات بين موسكو وأنقرة تكثفت في الأسابيع الأخيرة.

ونقلت وسائل الإعلام الروسية أن روسيا عززت في الأيام الأخيرة وجودها العسكري قبالة سورية خشية أي ضربات غربية قد تستهدف قوات النظام السوري.

وذكرت الصحافة الروسية أن موسكو نشرت أكبر قوة بحرية لها قبالة سورية منذ بدء النزاع في 2011.

كارثة إنسانية

وذكر المسؤول أن المرحلة الأولى من الهجوم ستشمل بلدة جسر الشغور وسهل الغاب على الجانب الغربي من أراضي المعارضة وبلدات اللطمانة وخان شيخون ومعرة النعمان في جنوبها.

ومن شأن انتزاع السيطرة على هذه المناطق أن يجعل قوات الأسد أقرب إلى استعادة طريقين سريعين يؤديان من حلب إلى حماة واللاذقية، واللذين يعتبران من أهم الطرق في سورية.

وأضاف المسؤول أن جيش النظام السوري وحلفاءه سيعززون بذلك أيضا الطرف الغربي لمدينة حلب، "تحسبا لهجوم من جانب المعارضة لقلب المعادلة".

وأسقطت قوات الأسد، في الأسابيع القليلة الماضية، منشورات على محافظة إدلب لحث الناس على الاستسلام، كما أرسل أيضا، حسبما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، المزيد من التعزيزات إلى الجبهة. وأضاف المرصد أن الجيش كثف الضربات الجوية وغارات القصف قرب الخطوط الأمامية.

1.8 مليون نازح في إدلب

ويعيش ثلاثة ملايين شخص في إدلب والمناطق المحيطة بها بينهم 1.8 مليون نازح. وفر نازحون كثيرون من هجمات سابقة للنجاة بأنفسهم من القتال ورفضًا للعودة إلى حكم نظام الأسد وبينهم أشخاص نقلوا في حافلات إلى إدلب بموجب اتفاقات "إجلاء" وافق مقاتلو المعارضة بموجبها على تسليم الجيوب التي كانت خاضعة لهم في حلب والغوطة ودرعا والقنيطرة وغيرها من الجيوب.

وقالت الأمم المتحدة إن عمليات الإجلاء من الغوطة الشرقية ودرعا وغيرهما من مناطق المعارضة، التي استعاد النظام السيطرة عليها ساهمت في نزوح ما يربو على نصف مليون شخص إلى إدلب أو إلى محيطها خلال الشهور الستة المنصرمة.

لافروف يأمل في ألا يعمد الغربيون إلى "عرقلة العملية"

وأعرب لافروف، اليوم، عن أمله في ألا تعمد الدول الغربية إلى ما وصفه بـ"عرقلة عملية مكافحة الإرهاب" في إدلب.

وقال لافروف خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره السعودي عادل الجبير في موسكو "آمل في ألا يشجع شركاؤنا الغربيون الاستفزازات، وألا يعرقلوا عملية مكافحة الارهاب" في إدلب.

وأثار مصير محافظة إدلب في الأيام الأخيرة قلق الغربيين الذين حذروا، أمس الثلاثاء، من "تداعيات كارثية" لأي عملية عسكرية، وذلك خلال اجتماع في الأمم المتحدة خصص لمناقشة الوضع الانساني في سورية.

هل يلجأ النظام لاستخدام السلاح الكيميائي؟

كذلك، اتهم لافروف الغربيين بأنهم "يركزون مجددا بشكل كبير" على "هجوم كيميائي مزعوم" سينسب إلى نظام الأسد.

والثلاثاء، أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أن مقاتلين في المعارضة "على وشك القيام باستفزاز بالغ الخطورة" عبر "استخدام مواد كيميائية تحوي الكلور" في منطقة إدلب، ما اعتبره البعض تبريرًا استباقيًا لهجوم كيميائي قد يشنه النظام في حملته المتوقعة على إدلب.

فيما حذّر مسؤولون أميركيون في الساعات الماضية، من احتمال استخدام السلاح الكيميائي الذي ذكرت تقارير أخيرة أن قوات النظام السوري "نقلت كميات منه" إلى تخوم منطقة إدلب.

وتحدث وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، ورئيس هيئة الأركان، جوزف دانفورد، عن استخدام محظور للأسلحة الكيميائية في الحملة العسكرية السورية الروسية المتوقعة على إدلب في لقاء صحافي عقد في البنتاغون. وكذلك فعلت الناطقة الرسمية في وزارة الخارجية، هيذر نويرت.

ويبقى تركيز وزارة الدفاع والخارجية على الكيميائي فقط وليس على العملية. كلاهما طالب موسكو بوجوب القيام بالمطلوب للحيلولة دون "لجوء دمشق" إلى الكيميائي في منطقة إدلب وأن الاتصالات جارية معها في هذا الخصوص.

وحذرت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا من أنها سترد على أي استخدام لأسلحة كيماوية في سورية.

غوتيريش يناشد بضبط النفس

وحذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من الخطورة المتزايدة للكارثة الإنسانية في محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة في سورية إذا شنت عملية عسكرية على نطاق كامل.

وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، اليوم الأربعاء، إن غوتيريش يناشد بشكل عاجل الحكومة السورية وقوات المعارضة ممارسة ضبط النفس وجعل حماية المدنيين أولوية.

وأضاف أن "غوتيريش يدعو روسيا وإيران وتركيا كدول ضامنة تحاول إنهاء العنف في سورية، لإيجاد حل سلمي في إدلب".

وتستعد الحكومة السورية لهجوم متوقع في إدلب، التي تضم ما يقرب من 3 ملايين نسمة.

وقال دوجاريك إن غوتيريش "يعيد التأكيد على أن أي استخدام أسلحة كيماوية غير مقبول على الإطلاق."

ويبقى شن النظام لهجوم وشيك على إدلب، رهنا باتفاق مع تركيا التي تدعم فصائل معارضة، وخصوصا أن المباحثات بين موسكو وأنقرة تكثفت في الأسابيع الأخيرة.

ونقلت وسائل الإعلام الروسية أن روسيا عززت في الأيام الأخيرة وجودها العسكري قبالة سورية خشية أي ضربات غربية قد تستهدف قوات النظام السوري.

وذكرت الصحافة الروسية أن موسكو نشرت أكبر قوة بحرية لها قبالة سورية منذ بدء النزاع في 2011.

اقرأ/ي أيضًا | قلق في مجلس الأمن مع التحضيرات لعملية عسكرية في إدلب