فصل جديد ومرحلة نهائية قد تسدل الستار على محاكمة المتهمين في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في 2005، وذلك بين التحمس لقرارات المحكمة من جهة وعدم الاعتراف بها من جهة أخرى. محاكمة بين العبثية و"اللعب بالنار" بنكهة دولية وشخوص لبنانية.

وتدخل محاكمة المشتبه بهم وجميعهم عناصر في حزب الله، في قضية الاغتيال الذي أوقع 21 قتيلا آخرين في وسط بيروت، في مرحلتها الأخيرة مع بدء المرافعات الختامية.

وقتل الحريري الذي كان رئيس وزراء لبنان حتى استقالته في تشرين الأول/ أكتوبر 2004، في شباط/ فبراير 2005 عندما فجر انتحاري شاحنة صغيرة مليئة بالمتفجرات لدى مرور موكبه في جادة بيروت البحرية.

وسيتوجه سعد الحريري نجله ورئيس الوزراء اللبناني الحالي، إلى لاهاي حيث مقر المحكمة، وفقا لمعلومات من مكتبه.

وأصيب نحو 226 شخصًا بجروح في عملية الاغتيال التي نسبت في بادئ الأمر إلى ضباط لبنانيين مقربين من سورية. وما لبثت أن أثارت ردود فعل قوية أدت إلى انسحاب القوات السورية بعد زهاء 30 عاما من الوجود على الأراضي اللبنانية.

ورغم مذكرات الاعتقال الصادرة عن المحكمة الخاصة بلبنان، فإن حزب الله الذي يرفض أي مسؤولية عن الاغتيال، استبعد تسليم المتهمين. وبالتالي سيتم الحكم عليهم غيابيا، حتى من دون الاتصال بمحاميهم.

وهذه المحاكمة لا مثيل لها في القانون الدولي منذ عام 1945 ومحاكمة نورمبرغ التي كانت أول تطبيق لتشريع جنائي دولي في أعقاب الحرب العالمية الثانية.

وبدأت المحكمة الخاصة بلبنان مداولاتها عام 2009 في ضواحي لاهاي، وباتت أول محكمة جنائية دولية تسمح بتنظيم محاكمة في غياب المتهمين الممثلين بمحامين.

عنف مجهول الهوية

يقول تيس بوكنيغ، وهو محام متخصص في القانون الجنائي الدولي إن "هذا أمر مثير للإشكالية لأنه عندما يكون العنف مجهول الهوية، فإنه يخلق شعورا بالمرارة بالنسبة لعامة الناس". وأضاف أن "محكمة بدون متهمين أمر مثير للضحك".

من جهته يعتبر أستاذ القانون الجنائي الدولي دوف جاكوبس، أن الأسوأ من ذلك هو أن غياب المتهمين "يثير شكوكا في أهمية المحاكمة لأنه لن يتم فرض أي عقوبة حقيقية". وأضاف أن تأثير الأحكام "سيكون رمزيًا حصرا".

فالمتهم الرئيسي مصطفى بدر الدين، الذي يصفه المحققون بأنه "العقل المدبر" للاغتيال، قد قتل قبل فترة، وبالتالي لن تتم محاكمته. وهناك أيضا سليم عياش (50 عاما)، المتهم بقيادة الفريق الذي تولى قيادة العملية.

ويحاكم رجلان آخران هما حسين العنيسي (44 عاما)، وأسعد صبرا (41 عاما) بتهمة تسجيل شريط فيديو مزيف بثته قناة "الجزيرة" يدعي المسؤولية نيابة عن جماعة وهمية.

كما يواجه حسن حبيب مرعي (52 عاما)، عدة تهم بما في ذلك التواطؤ في ارتكاب عمل إرهابي والتآمر لارتكاب الجريمة.

وتابع بوكنيغ أن "هذه المحكمة هي الوحيدة التي تحاكم جريمة إرهابية دولية، وهذا أمر فريد من نوعه ومثير للاهتمام ورائع".

وقال جاكوبس إنه حتى لو طبقت المحكمة الخاصة بلبنان القانون اللبناني، فإن الحكم القادم سيترك بلا شك تأثيرا على النقاش الدائر حاليًا حول جعل الإرهاب جريمة جنائية دولية. وتوقع أن تستغرق عملية الاستئناف فترة طويلة.

وفي حين يتوق المراقبون إلى معرفة ما سيعلنه الحكم عن دور حزب الله في الاغتيال، أعلنت الحزب في آب/ أغسطس بكل بساطة أنها لا تعترف بالمحكمة الخاصة بلبنان التي "لا تعني شيئًا على الإطلاق" في نظرها.

وكان الأمين العام للحزب حسن نصر الله، قد أعلن الشهر الماضي عدم اعتراف الحزب بهذه المحكمة محذرا "المراهنين" عليها من "اللعب بالنار".

اقرأ/ي أيضًا | إسرائيل تستبق شهادات الفلسطينيين بشكوى ضد "الجنائية الدولية"