واحد من أبرز الشعارات التي ردّدها المتظاهرون الأردنيون خلال تظاهرات أيار/ مايو الماضي هي "اهتف زيد الصوت وعلّي... لن يحكمنا البنك الدولي"، ومرّد ذلك، على ما يبدو، إلى القناعة الشعبية الأردنيّة بأن البنك الدولي لا بد وأن يدخل الحكومة الأردنية في دائرة مفرغة مع الشعب مجددًا، في مؤشر واضح إلى احتمال مواصلة "لعبة" استبدال الحكومات ورؤساء الوزراء في كل مرة يضغط فيها البنك نحو التركيز على الضرائب، وتقليص العجز والنفقات والمديونية لسد العجز الأردني، الأمر الذي من شأنه أن يدخل الحكومة في مواجهة مع الشارع؛ وهو ما تتحضر الحكومة الأردنية له مع ازدياد الجدل حول قانون الضريبة المعاد طرحه معدلا من جديد.

وسيخضع مشروع القانون الجديد، دخل العائلات السنوي المتجاوز 18 ألف دينار (25.3 ألف دولار) لضريبة الدخل.

وكان المقترح السابق المسحوب، والذي تسبب باستقالة حكومة هاني الملقي إثر احتجاجات شعبية في حزيران/ يونيو الماضي، يشمل مجموع الدخل السنوي للزوج والزوجة أو المعيل في العائلة، الذي يبلغ 16 ألف دينار فأعلى.

وسيكون دخل الأفراد الخاضع للضريبة 9 آلاف دينار، بدلا من مقترح القانون المسحوب البالغ 8 آلاف دينار. كما أن دخل الأسر الخاضع للضريبة سينخفض إلى 17 ألف دينار في 2020.

ويطالب صندوق النقد الدولي، الأردن، بمعالجة 100 مليون دينار (141 مليون دولار) من التهرب الضريبي و180 مليون دينار (253.8 مليون دولار) تحصيل ضريبة دخل.

وجاءت حكومة عمر الرزاز، خلفا لحكومة هاني الملقي، التي قدمت استقالتها، على وقع احتجاجات شعبية ضد مشروع قانون ضريبة الدخل ورفع أسعار المحروقات.

ورأى اقتصاديون، أن الحكومة ما تزال تدور ضمن حلقة صندوق النقد الدولي، بعد توصلها "لصيغة مشتركة" معه بخصوص هذا القانون.

وفي هذا السياق، نقلت "الأناضول" عن الخبير في الاقتصاد السياسي، زيان زوانة، قوله إن "الأردن ما يزال وعلى مدى السنوات الـ 15 الماضية، يدور في ‘مصيدة‘ صندوق النقد الدولي".

وأضاف زوانة أن "الصندوق في الدول ذات الاقتصادات ‘المتعبة‘، يتدخل للحصول منه على شهادات حسن سلوك، وعلى القروض".

أما في خصوص الشرائح المشمولة في القانون الضريبة، وفي تعليقه على حديث رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز، بأن التوسع في الضريبة يستهدف المواطن المقتدر، قال زوانة إن المقتدر بالمفهوم الاقتصادي، يشمل الشريحة العليا من الطبقة الوسطى إضافة إلى الطبقة العليا.

وكان الرزاز قال في محاضرة له، الأحد الماضي إن "خيارنا لتوسيع قاعدة الضريبة بالوصول إلى جيب المواطن المقتدر، وليس إلى جيب المواطن العادي".

وتشير الدراسات في الأردن (عام 2010 أحدثها)، إلى أن الطبقة المتوسطة تشكل 29% من المجتمع.

وبحسب تصريحات لوزير الدولة لشؤون الإعلام، الناطق الرسمي باسم الحكومة جمانة غنيمات، الإثنين الماضي، فإن مستوى خط الفقر في الأردن هو للعائلة التي يبلغ دخلها 365 دينارا (514.6 دولار) شهريا، أو أقل من ذلك.

وأضاف غنيمات، أن "من يزيد دخله على هذا الرقم، فهو يعتبر من أصحاب الدخول المتوسطة لا الفقيرة".

من جهته، قال الخبير الاقتصادي مفلح عقل، إن الحكومة ستكون مضطرة لمواجهة نفس الظروف التي واجهتها سابقتها، وتسلك سلوكا مشابها، "لأن متطلبات صندوق النقد الدولي تفرض التركيز على الضرائب، وتقليص العجز والنفقات والمديونية".

وكان الرزاز، قد أعلن أن "الحكومة توصلت إلى صيغة مشتركة مع صندوق النقد الدولي، بخصوص قانون ضريبة الدخل".

وصعد العجز في ميزانية الأردن قبل المنح، بنسبة 18.2% خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي، على أساس سنوي، حسب بيانات وزارة المالية الأردنية، إلى 1.12 مليار دولار، مقابل 950 مليون دولار في الفترة ذاتها من 2017.

ورأى عقل، أن التحسينات التي أدخلتها حكومة الرزاز، ليست جوهرية، وأنها ستلقى تذمرا ورفضا من جانب المواطنين.

ورأى الخبير الاقتصادي محمد البشير، أن التعديلات المدخلة على القانون الجديد، تؤشر إلى الأغنياء، أي أن هذه التعديلات ستكون على حساب دخولهم.

غير أنه لفت إلى أهمية الالتزام بنظام الفوترة الذي أدخلته الحكومة على هذا القانون لمعالجة التهرب الضريبي.

وفي شق آخر طالب البشير، أن يكون سقف الفواتير التي سيتم بموجبها إعفاء من تترتب عليهم نفقات تعليم أو علاج عالية من الضريبة، أن يكون سقفها مفتوحا.

كما دعا البشير إلى توسعة نطاق السلع المعفاة من ضريبة المبيعات لتشمل مدخلات إنتاج لقطاعي الصناعة والزراعة.

وأمس الثلاثاء، نشرت الحكومة الأردنية، ولمدة 10 أيام، مسودة مشروع قانون معدّل لضريبة الدخل لعام 2018، لاستقبال الملاحظات واستكمال الحوار بشأنه.

اقرأ/ي أيضًا | الحكومة الأردنية تتمسك بقانون الضريبة رغم الغليان الشعبي