تنقسم إدارة الرّئيس الأميركي، دونالد ترامب، على نفسها حول "الصفقة السّيئة والرهيبة" التي سيبرمها ترامب مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في هلسكني، الأسبوع المقبل، حول سورية، وفقًا لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركيّة.

ووفقًا للمحلل السيّاسي لشبكة "سي إن إن" وعضو هيئة رأي الصحيفة، جوش روغين، فإنه لا زال هناك متّسع من الوقت لمنع التوصل إلى صفقة بوتين وترامب الكارثيّة "التي لن تؤدّي إلا إلى تفاقم الأوضاع سوءًا بالنسبة للشعب السوريّ والمنطقة ولأمن الولايات المتحدة الأميركيّة".

وأطلع ترامب الخطّة المقترحة على الملك الأردني، عبد الله الثاني، خلال لقائهما في البيت الأبيض، الشّهر الماضي، تعزيزًا لخطة ترامب في الانسحاب "السريع جدًا" من سورية، رغم أنه يأتي في وقت استولت فيه روسيا بشكل وحشي على الجنوب السوري، بخلافٍ لاتفاق سابق بين ترامب وبوتين.

وتقضي الخطّة المقترحة بأن تتكفّل روسيا بالحدّ من الوجود الإيراني في الجنوب السوري، لضمان أمني إسرائيل والأردن، بالإضافة إلى تشجيع قوات سورية الديمقراطية (الأكراد) على التواصل مع قوات الرئيس السوري، بشار الأسد، وروسيا، لتغطية انسحاب 2200 جندي أميركي من الشرق السوري.

أمّا الجدل في الإدارة الأميركيّة فهو بين جناحين، في طرفه الأوّل الداعم مبعوث الخارجية الأميركيّة للتحالف الدولي، بريت ماكغورك، والقائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، الذي يشاع على أنه سيكون سفير الولايات المتحدة في تركيا قريبًا، ديفيد ساترفيلد؛ في حين يقف في طرفه الثّاني المعارض مستشار الأمن القومي، جون بولتون.

وتتركّز معارضة بولتون للاتفاق في نقطتين أساسيّتين: أولهما أن تكون قاعدة التنف خارج أي مفاوضات بين الجانبين بأي شكل من الأشكال، وثانيهما أن تقود الصفقة إلى انسحاب إيراني كامل من سورية وليس انسحابًا جزئيًا.

ويضاف احتجاج بولتون إلى خشية لدى مسؤولين أميركيين في البنتاغون من أنّ الصفقة التي ستقود إلى انسحاب أميركي الآن، رغم عدم الانتهاء من قتال تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ستقود إلى ظهور مقاتلي التنظيم من جديد، مثلما عادت بعد خروج الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، غير المكتمل من العراق عام 2011.

أمّا الطرف المؤيّد للاتفاق، ففرضيته الأساسيّة، وفقًا للصحيفة، هي أن الحدّ من العنف في سورية هو الأولويّة القصوى الآن، "ما يسمح للاجئين بالعودة وللعملية السياسية بالانطلاق"، لكنّ روغين كتب أنها تستند إلى افتراضين زائفين حول روسيا: أولهما أن روسيا تسعى إلى حل حقيقي في سورية، وثانيهما أن لديها القوّة أو الإرادة لإخراج إيران من سورية.

وحمّل روغين ترامب مسؤولية إضعاف موقف مفاوضيه مع إعلانه، سابقًا، أن هدفه هو إخراج القوات الأميركيّة من سورية، خصوصًا مع "تجميد جميع المساعدات الإنسانية الأميركيّة تقريبًا في سورية، وقطع المساعدات عن المعارضة، وتقديم تنازلات إضافية أحادية الجانب إلى الأسد وروسيا وإيران".

ورجّح روغين أن يكون الاتفاق بين بوتين وترامب فضفاضًا لمتابعة الصفقة المقترحة في الأسابيع القادمة. "وهذا يعني أن المعركة السياسية تبدأ بشكل جدي عندما تنتهي القمة".

وأضاف الكاتب أن  "لا يزال للولايات المتحدة دور تلعبه في سورية ومسؤولية للقيام بما هو صحيح وآمن. يجب على الإدارة، على الأقل، أن تتشبّث بنفوذها للضغط من أجل إشراك المعارضة في مفاوضات حقيقيّة، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى الجوعى، بالإضافة إلى إنهاء فظائع الأسد ومحاسبة مجرمي الحرب. لا يمكن الوثوق بما يقبله بوتين، لذلك إذا كان الاتفاق هو مقايضة على انسحاب القوات الأميركيّة من أجل انسحاب القوات الإيرانيّة، يتعين على إيران أن تسحب قواتها أولا".

وختم مقاله بالقول إن هلسنكي ليست مؤتمر سلام ينهي الحرب. إنها محطّة على الطريق إلى المرحلة التالية من الحرب. سوف تزداد مذبحة الأسد الوحشية مع انسحاب الولايات المتحدة.

وحذّر قائلا: إن لم يكن ترامب متشددًا مع بوتين الآن، يمكنه قريبًا رؤية عودة داعش من جديد والتوسّع الإيراني، على مدار ساعته، ولا أحد غيره سيلام.