دخل وزراء ومتحدثون وصحافيون إسرائيليون حالة من الهستيريا في أعقاب بدء إضراب الأسرى الفلسطينيين في سجون دولة الاحتلال. وزاد نشر صحيفة 'نيويورك تايمز' مقالا بقلم القيادي الفلسطيني والنائب الأسير مروان البرغوثي، أمس الإثنين، من هذه الهستيريا، وراحوا ينتقدونها، فيما راحت وسائل إعلام إسرائيلية تنشر أكاذيب بشأن وصف الصحيفة الأميركية للبرغوثي.

ومع انطلاق إضراب الأسرى المفتوح عن الطعام، صباح أمس، بدأت ماكينة الدعاية الإسرائيلية تعمل بقوة متصاعدة وبتوتر. وعلى الرغم من أن إضراب الأسرى عن الطعام هو احتجاج غير عنيف وحق إنساني، إلا أن الإسرائيليين أصروا على شيطنة الأسرى.

واعتبر الوزير الإسرائيلي تساحي هنغبي، في مقابل للإذاعة العامة الإسرائيلية اليوم، الثلاثاء، أن 'الأسرى المضربين هم مجموعة من القتلة القساة ويحظر أن تستلم دولة إسرائيل لهؤلاء الوقحين'، زاعما أن ظروف أسرهم 'تعكس القوانين الدولية بصورة واضحة، والذريعة الوحيدة لنشاط البرغوثي هو المعركة المتوقعة على خلافة أبو مازن' أي الرئيس الفلسطيني، محمود عباس.

وهاجم هنغبي 'نيويورك تايمز'، وقال إنها 'شطبت عن قصد حقيقة أن البرغوثي قاتل'. وأضاف أن 'إسرائيل ستوضح للعالم أن الحديث يدور عن قاتل وحُكم عليه أكثر من أربعة مؤبدات وسيخرج إلى الحرية بعد انتهاء فترة سجنه'.

ونقلت سلطات السجون الإسرائيلية البرغوثي، أمس، إلى العزل الانفرادي في سجن الجلمة. وقال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، غلعاد إردان، المسؤول عن السجون، إن 'عزل البرغوثي ونقله إلى سجن في شمال البلاد ليس متعلقا بنشر المقال، وإنما في كونه محرض وقائد لإضراب الأسرى. وبالتأكيد أنا أنظر إلى نشر المقال على أنه خلل خطير وأوعزت سلطة السجون بتنفيذ تحقيق وتسليمي نتائجه'.

وأبرزت وسائل الإعلام الإسرائيلية اليوم، أن 'نيويورك تايمز' أشارت إلى أن البرغوثي يقبع في السجن بعد أن أدانته محكمة للاحتلال بقتل إسرائيليين، لكن وسائل الإعلام هذه لم تذكر أن الصحيفة الأميركية أشارت إلى أن البرغوثي رفض سلطة المحكمة الإسرائيلية، ووصفته بـ'السيد البرغوثي'.

واعتبر الصحافي اليميني، بن درور يميني، في صحيفة 'يديعوت أحرونوت' اليوم، أن 'البرغوثي والصحيفة يكذبان. وثمة شك في ما إذا كان يحصل مخربون في العالم على ظروف رائعة كتلك التي في السجون الإسرائيلية'.

من جانبه، كتب المحلل السياسي في صحيفة 'معاريف'، بن كسبيت، أن على إسرائيل أن تفصل بين الأسرى من حركة فتح والأسرى من حركتي حماس والجهاد الإسلامي، معتبرا أن 'ينبغي الاستجابة لأسرى السلطة الفلسطينية بصورة محدودة. ليس السماح بحصولهم على ألقاب أكاديمية، ولا محادثات هاتفية بصورة حرة، ولا تخفيف كل ما يتعلق بزيارة العائلات، ولكن نعم لمطالب منطقية أخرى، مثل هاتف عمومي في السجن ويكون مراقب، تحسين نوعية العلاج الصحي وما إلى ذلك. وحان الوقت لإعطاء محفزات إلى أولئك الذين اختاروا طريق المفاوضات، وتفضيلهم على الذين اختاروا طريق الجهاد'.  

وحذر المحلل العسكري في صحيفة 'هآرتس'، عاموس هرئيل، من أنه 'إذا تعقد الإضراب وطال، فإنه قد يستولي على الأجندتين الأمنية والسياسية، في فترة تعلن فيها إدارة ترامب عن نيتها في إعادة تحريك عملية السلام'.

واعتبر هرئيل أن الإضراب 'هو بالأساس بمبادرة شخص واحد، مروان البرغوثي' وأن الإضراب هو صراع ضد 'إسرائيل وعباس'، وأن 'التفات وسائل الإعلام إلى إضراب متواصل يخدم خطوات البرغوثي ضد قيادة السلطة الفلسطينية، التي تدعم الإضراب رسميا ولكن عمليا هي قلقة من أية نتيجة سترفع مكانة الزعيم السجين، غير المحبوب بشكل خاص على الرئيس محمود عباس وأنصاره'.

وأضاف هرئيل أنه إذ استمر إضراب الأسرى إلى شهر أيار/مايو المقبل، حيث سيلتقي عباس مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب ويحل لاحقا شهر رمضان، فإنه 'قد تتطور أزمة عميقة'. وفي هذه الحالة شكك هرئيل في قدرة إردان على البقاء على موقفه الرافض للتفاوض مع الأسرى.  

وبحسب هرئيل فإن ثمة عقبتين أمام البرغوثي وباقي الأسرى لاستمرار الإضراب. العقبة الأولى أن العالم، وخصوصًا العالم العربي، متركز على المجازر في سورية، والثاني على حد ادعاء هذا المحلل هو أن شبانا من قطاع غزة تسللوا إلى إسرائيل من أجل أن يقعوا في الأسر 'فقط لأنهم يعتقدون أن الظروف في السجن الإسرائيلي أفضل من حياتهم في القطاع'.

اقرأ/ي أيضًا | إردان ومصلحة السجون يتوعدان الأسرى المضربين عن الطعام