تبدل موقف السفارة الإسرائيلية في هنغاريا من النقيض إلى النقيض خلال فترة قصيرة لا تتجاوز 24 ساعة، تحول خلالها المليادرير اليهود الهنغاري الأصل، جورج سوروس، من ضحية للاسامية إلى متآمر على الحكومة الإسرائيلية وممول لجمعيات تشوه سمعة إسرائيل.

ففي أعقاب تعليمات من مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، تراجعت وزارة الخارجية، مساء أمس الأحد، عن البيان الذي نشره، السبت، سفير إسرائيل في بودابست، والذي دعا فيه رئيس الحكومة الهنغارية، فيكتور أوربان، وحزبه إلى وقف حملة البيانات ضد الملياردير اليهودي الهنغاري الأصل، جورج سوروس، بدافع الخشية من إثارة مشاعر لاسامية.

ونشر المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية، عمنوئيل نحشون، بيانا توضيحيا مساء أمس، الأحد، تجنب فيه توجيه انتقادات لأوربان، وهاجم سوروس بشدة مستخدما ادعاءات مماثلة لتلك التي استخدمتها ضده الحكومة الهنغارية.

وقال نحشون إن "إسرائيل تدين أي تعبير عن اللاسامية في أي دولة، وتقف إلى جانب اليهود في كل مكان في مواجهة هذه الكراهية. وكان هذا هو الهدف الوحيد للبيان الذي نشره سفير إسرائيل في هنغاريا، يوسي عمراني. ولم يهدف البيان إلى نزع الشرعية عن الجهات التي وجهت انتقادات لجورج سوروس، وهو شخص يتآمر بشكل متواصل على الحكومة الإسرائيلية المنتخبة بشكل ديمقراطي، وذلك من خلال تمويل منظمات تشوه سمعة الدولة اليهودية، وتحاول أن تنزع منها حقها في الدفاع عن النفس"، بحسب البيان.

يشار إلى أن عمراني كان قد نشر بيانا شديد اللهجة دعا فيه أوربان وحزبه إلى إزالة ملصقات نشرت في كافة أنحاء هنغاريا ضد الملياردير اليهودي جورج سوروس.

وكان قد ظهر سوروس في المصلقات وهو يضحك، وإلى جانب الصورة كتب "يجب ألا يكون جورج سوروس هو من يضحك أخيرا".

إلى ذلك، من المرجح أن أوربان كان قد هاجم سوروس بسبب موقف الأخير من سياسة الهجرة المتشددة التي تبنتها هنغاريا بكل ما يتصل بدخول لاجئين مسلمين. ويتبنى أوربان وحزبه، مع اقتراب الانتخابات عام 2018، خطا قوميا عنصريا مناهضا للإسلام، ويدعي أن سوروس يمول منظمات مجتمع مدني وجمعيات ليبرالية في هنغاريا بهدف توطين مليون مهاجر.

يشار إلى أن اليهود في هنغاريا، ويبلغ عددهم أكثر من 100 ألف يهودي، قد عبروا عن قلقهم من بيانات حملة أوربان الانتخابية، وخاصة البيانات ضد سوروس. وفي أعقاب ذلك، جرت مشاورات بين السفير الإسرائيلي في بودابست، وبين المسؤولين في وزارة الخارجية، وتقرر في نهايتها إصدار بيان إدانة للحملة الانتخابية. وصادق عليه المدير العام لوزارة الخارجية يوفال روتم، والقائم بأعماله.

وبحسب صحيفة "هآرتس"، فإن المصادقة على نص البيان لم تكن بالتنسيق مع مكتب رئيس الحكومة. وبعد نشر البيان، هاجم عناصر اليمين وزارة الخارجية بسبب نشر البيان الذي يدافع عن سوروس، والذي ينظر إليه اليمين الإسرائيلي على أنه يقود حملة مقاطعة ضد إسرائيل (BDS). وفي أعقاب الضغوطات من جانب اليمين، أصدرت مكتب رئيس الحكومة تعليمات لوزارة الخارجية بنشر بيان توضيحي يشتمل على إدانة عامة للاسامية، بدون الإشارة إلى هنغاريا بشكل عيني، ويشمل شن هجوم عنيف على سوروس.

وأشارت "هآرتس" إلى أن بيان السفارة الإسرائيلية في بودابست ضد حملة أوربان فاقم من التوتر بين إسرائيل وهنغاريا، وخاصة في توقيت يعتبر حساسا، حيث ينوي رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، القيام بزيارة لهنغاريا في الثامن عشر من الشهر الجاري، في زياره هي الأولى لرئيس حكومة إسرائيلية منذ 30 عاما.