يبدو أن الحكومة الإسرائيلية تبحث عن سلم للنزول عن الشجرة العالية، التي صعدت إليها في قضية الأقصى، وهي تتجه نحو إيجاد بدائل للبوابات الإلكترونية، في ضوء تحذيرات الجهات الأمنية من اشتعال انتفاضة جديدة.

بعد أسبوع من المواجهات المتواصلة في القدس وجمعة الغضب، التي سقط خلالها ثلاثة شهداء، جاءت عملية حلميش التي قتل خلالها ثلاثة مستوطنين، لتضيء الضوء الأحمر أمام القيادتين السياسية والعسكرية الإسرائيلية وتنذر، ربما، بنمط جديد غير معهود من المقاومة الفلسطينية، انتفاضة وصفها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي آيزنكوت بقوله إنها تختلف كليا عن التصعيد الذي رافق انطلاق الهبة الشعبية في تشرين الأول/ أكتوبر 2015.

وحذر آيزنكوت من أن الوضع الحالي يمكن أن ينفجر عبر عمليات إطلاق نار وطعن ودهس، وضع لا يشبه أحداث 2015، لأنه يحمل بطياته دوافع دينية. وهو موقف عبر عنه أيضا أحد كبار ضباط الجيش الإسرائيلي الذي قال إن قواته تشخص دوافع دينية بالاحتجاجات، وهي دوافع لم تعهدها الأجهزة الأمنية من قبل.

وكانت السلطات الإسرائيلية قد نصبت، أمس الأحد، كاميرات ذكية عند باب الأسباط، وجرى الحديث عن إمكانية أن تستبدل البوابات الإلكترونية، ضمن عدة بدائل يجري مناقشتها للنزول عن الشجرة، كي لا تظهر حكومة نتنياهو بمظهر المستسلم أمام الضغوط الفلسطينية، وذلك وسط تحذيرات من جنرالات بالاحتياط من احتمال تصاعد المواجهات.

يأتي ذلك وسط تزايد الانتقادات لأداء نتنياهو في موضوع اتخاذ قرار إقامة البوابات الإلكترونية وقرار المجلس الوزاري المصغر بعدم إزالتها، والذي كان سببا في إشعال موجة الاحتجاجات الحالية، حيث نقل أن اتخاذ القرار جرى دون إجراء دراسة معمقة بمشاركة الأجهزة الأمنية لحيثيات وتداعيات هذا القرار وأبعاده السياسية والأمنية، وأن القرار اتخذ بشكل اعتباطي وجاء منعا لتعرض نتنياهو للمزاودة من قبل اليمين الديني المتمثل بالبيت اليهودي الذي يتزعمه بينيت.

وسائل الإعلام الإسرائيلية تحدثت كيف أن قرار نصب البوابات، رغم حساسيته الكبيرة، اتخذ خلال محادثة هاتفية جماعية ضمت نتنياهو وبعض رؤساء الأجهزة الأمنية، وليس في إطار جلسة رسمية عرضت خلالها آراء وتوصيات تلك الأجهزة، وأشارت إلى الوزن الكبير والحاسم لموقف قائد الشرطة الإسرائيلية، روني ألشيخ (وهو من أصحاب القبعات المنسوجة)، دون الأجهزة الأمنية الأخرى التي عارضت أو تحفظت. وفيما يتعلق باتخاذ القرار على مستوى الشرطة، أوردت وسائل الإعلام تلك، أن الوزير غلعاد إردان، وقيادة الشرطة، أجرت جلسة تشاور مقلصة تم فيها اتخاذ القرار بعد موافقة رئيس الحكومة، نتنياهو.

وأبدى الكثير من المعلقين الإسرائيليين استغرابهم من وقوع نتنياهو، صاحب التجربة السياسية الكبيرة، في هكذا خطأ، وهو الذي مر في تجربة النفق عام 1996، وتجربة اقتحام شارون للأقصى عام 2000 وأحداث 2015، ويعزون ذلك إلى المنافسة المحمومة على تأييد المستوطنين، والقائمة بينه وبين سائر أطراف ائتلافه اليميني، إضافة إلى طغيان تقييم وموقف قائد الشرطة روني ألشيخ القادم من "الشاباك" على التقييمات والتوصيات الأمنية، خاصة وأن القدس تخضع رسميا للشرطة الإسرائيلية وليس لولاية الجيش الإسرائيلي.

اقرأ/ي أيضًا | المقدسيون يعلنون: #لا_أنصاف_حلول... رفضا لاجراءات الاحتلال

في غضون ذلك، جاءت عملية السفارة الإسرائيلية في عمان، لتضيف بعدا آخر كان قد حذر منه المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هارئيل، الذي أشاد بدور نتنياهو خلال السنوات الست الماضية في منع الانزلاق إلى هاوية ما يحدث في الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن قضية الأقصى تقود إسرائيل بالضبط إلى هناك.