حوّلت سلطات الاحتلال مركز ووسط مدينة القدس إلى ثكنة عسكرية بفعل الانتشار الواسع لقوات الاحتلال وعناصر وحداته الخاصة وعناصر الاستخبارات ووحدات المستعربين و"حرس الحدود"، ووضع الحواجز الحديدية على أبواب القدس القديمة لتحديد مسارات الوافدين للأقصى.

وشرعت قوات الاحتلال منذ ساعات الصباح الأولى من اليوم، الجمعة، بنشر المزيد من عناصر وحداتها المختلفة، ودورياتها العسكرية والشُرطية: الراجلة والمحمولة والخيالة، ونصب الحواجز الحديدية على مداخل القدس العتيقة، في حين تركّز نشر وتسيير الدوريات العسكرية في مركز المدينة الممتد من حي المصرارة التجاري، ومنطقة باب العامود مرورا بشارع السلطان سليمان وباب الساهرة، وشارعي صلاح الدين والرشيد وصولا إلى منطقة باب الأسباط، فضلاً عن نشر عناصر من قوات الاحتلال فوق سور القدس التاريخي، وعلى أسطح بعض البنايات ومقبرتي باب الرحمة واليوسفية في باب الأسباط.

وتتوجس شرطة الاحتلال الإسرائيلي من إمكانية تجدد مواجهات في أعقاب أداء صلاة الجمعة، ظهر اليوم، في المسجد الأقصى المبارك بالقدس المحتلة، وذلك في ظل موجة الغضب الفلسطيني التي اندلعت مع إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الأربعاء 6 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، القدس عاصمة لإسرائيل.

وتشير تقديرات شرطة الاحتلال، بحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، إلى أن "التوتر في القدس لم ينحسر"، في ظل المخاوف الإسرائيلية من مظاهر الاحتجاج الفلسطيني في البلدة القديمة وشوارع القدس المحتلة، وتحديدًا في باحة باب العامود، التي شهدت مؤخرًا مواجهات عنيفة إثر قمع الاحتلال لاعتصامات فلسطينية رافضة للقرار الأميركي.

وبحسب التقارير الإسرائيلية، "لا توجد حاليا أية نية لتقييد دخول المصلين المسلمين إلى المسجد الأقصى، خاصة بعد أن ثبت أن قرار القيام بذلك، يوم الجمعة الماضي، أدى إلى استفزاز المصلين وقاد إلى اندلاع مواجهات".

وتقدر الأجهزة الأمنية للاحتلال أن الأمور ذاهبة إلى تصعيد، حيث "تعاني المنطقة من عدم استقرار بسبب سلسلة من الأحداث على رأسها إعلان ترامب، وتوقف عملية السلام، والوضع الاقتصادي الصعب في قطاع غزة، وعدم القدرة على السيطرة على الفصائل المسؤولة عن إطلاق القذائف من القطاع المحاصر".

وترى الأجهزة الأمنية في إسرائيل أن حركة المقاومة الإسلامية "حماس" غير معنية في هذه المرحلة بحرب شاملة مع إسرائيل، إلا أنها لن تقف ساكتة في ظل المواجهات والاشتباكات في الشارع الفلسطيني تصديًا لإعلان ترامب، لذلك، تسعى الحركة إلى توجيه المظاهر الاحتجاجية إلى مناطق الضفة الغربية المحتلة، وإلى حد ما، الحفاظ على المظاهرات في قطاع غزة.

ويحمل الجيش الإسرائيلي حركة حماس مسؤولية إطلاق نحو 17 قذيفة من القطاع تجاه إسرائيل منذ إعلان ترامب، ورغم أن التقديرات الإسرائيلية تفيد بأن حماس غير مسؤولة بشكل مباشر عن إطلاق القذائف إلا أنه يطالبها بإجراء حملة اعتقالات لـ"ضبط القطاع"، والخوف هو أن الوضع المتوتر قد يؤدي الجانبين إلى سوء تقدير، ما قد يجعل الأمور تتطور بصورة متسارعة.

وتعتبر إسرائيل أن "حركة حماس تستعد للمعركة"، في الوقت الذي تعمل به فصائل المقاومة على زيادة التأهب تحسبًا من النوايا الإسرائيلية.

واعتبر وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، أن التصعيد الذي تشهد جبهة قطاع غزة المحاصر وإسرائيل يعود لصراعات بين الفصائل الفلسطينية في القطاع، وهدد بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي على أهبة الاستعداد لأي تطورات أو لشن عملية عسكرية بالجنوب.

وفى وقت سابق، أشار المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، رونين مانليس، أمس الخميس، إلى التصعيد على الجبهة الجنوبية منذ إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، القدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي.

وأضاف "الأيام القليلة الماضية تضع الهدوء الذي كان سائدا أمام تحديات، وقد شهدنا خلال السنوات الثلاث والنصف الماضية أن حماس تستطيع أن تطلق النار، وإن أي خيار آخر غير وقف إطلاق النار غير مقبول".

وفي سياق متصل، أشارت وزارة الصحة الفلسطينية إلى أن عدد الإصابات في الضفة الغربية والقدس في مواجهات مع الاحتلال منذ إعلان ترامب بلغ 2468 مصابًا، بينها 514 إصابة نُقلت للمشافي.

وأكدت أن المستشفيات في الضفة الغربية والقدس تعاملت مع 213 إصابة، منها 68 طفلًا وطفلة و7 نساء، منها 42 إصابة بالرصاص الحي، و84 إصابة بالرصاص المعدني المغلّف بالمطاط، و47 في استنشاق الغاز المسيل للدموع، و37 جراء الاعتداء بالضرب والحروق والدهس، و3 إصابات مباشرة بقنابل الغاز والصوت.

اقرأ/ي أيضًا | إسرائيل تحاول النزول عن الشجرة وسط تحذيرات من انتفاضة جديدة

وأوضحت وزارة الصحة إلى أن الطواقم الطبية في المشافي تعاملت مع 301 إصابة في قطاع غزة، منها 111 بالرصاص الحي و14 بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، و275 جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع، و21 إصابة مباشرة بقنابل الصوت والغاز، و12 إصابة بحروق، و18 جراء قصف طائرات الاحتلال الإسرائيلي.