طالبت مجموعة من الأكاديميين والمعلمين الإسرائيليين من رئيس الحكومة ووزير الخارجية، بنيامين نتنياهو، بإلغاء اتفاق التعاون مع حكومة ميانمار في مجال التربية والتعليم والتي تم توقيعها في أيار/ مايو الماضي، وذلك في ظل الانتهاكات الحقوقية المتواصلة وجرائم الحرب التي ترتكبها حكومة ميانمار ومجلسها العسكري بحق أقلية الروهينغا المسلمة في ولاية راخين غربي ميانمار.

وقال المحتجون في بيان صدر عنهم إنه "من غير المعقول أنه في الوقت الذي ينشغل فيه المجلس العسكري الحاكم في بورما (ميانمار) بارتكاب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، يعطى الحق في التدخل في المناهج الدراسية في إسرائيل".

يذكر أن نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي، تسيبي حوطوفيلي، وقعت في نهاية أيار/ مايو الماضي على اتفاق تعاون بين إسرائيل وميانمار في مجال التربية والتعليم، حسبما ذكرت في حسابها الرسمي على "تويتر"؛ وذلك تحت عنوان "نواصل التعاون مع أصدقائنا في أنحاء العالم"، في إشارة إلى ميانمار، التي أعلنت الأمم المتحدة أن جيشها ارتكب عملية تطهير عرقي بحق أقلية الروهينغا، تضمنها نزوح مئات آلاف الناجين.

وبحسب الاتفاق، ستعمل الدولتان على تشجيع التعاون والعلاقات بين المؤسسات الأكاديمية فيهما والمدارس، بما في ذلك روضات الأطفال، والمشاركة المتبادلة في مؤتمرات وجولات ودورات تعليمية، ويتبادلان الخبرات التعليمية وتطوير المناهج الدراسية لتدريس المواضيع اليهودية في مدارس ميانمار ووضع برنامج دراسي حول ميانمار في المنهاج الإسرائيلي، بما في ذلك اللغة البورمية. ويشمل الاتفاق إعادة كتابة تاريخ كل دولة في مناهج التاريخ في الدولة الأخرى.

وطالب البيان بأن "تعالج جميع المناهج التعليمية في إسرائيل التي ستتعامل مع الشأن البورمي (الشأن الداخلي في ميانمار)، الوقائع التاريخية للبلاد خلال العقود الماضية، والتي تميزت بالإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، والحرمان من حقوق الإنسان الأساسية. وجرائم النظام العسكري الذي يقتل، يغتصب ويعذب، في ظل المئات من حالات الاختفاء القسري بين المدنيين والمدنيات. نظام عسكري يرتكب جرائمه بشكل خاص بحق الأقليات العرقية".

واعتبر المحتجون أن "الاتفاق هو تجاوز لصلاحية وزارة الخارجية ومحاولة للتحايل على الإجراءات المتبعة بما فيها مصادقة وزارة التربية والتعليم على المناهج الدراسية".

وأرفق المحتجون بيانهم برسالة اعتراض أرسلوها لنتنياهو، جاء فيها أن "هذا الاتفاق مشين، وهو اتفاق معيب يلطخ جهاز التعليم الإسرائيلي ككل. نعلن كمواطنين في دولة إسرائيل أولا، وكأكاديميين وعاملين في جهاز التعليمي ثانيًا، أن الاتفاق علم أسود في تاريخ جهاز التعليم الإسرائيلي، وبالتالي نحن وآخرون ننوي النضال من أخل إلغاءه ولن ننصاع له".

وستعمل إسرائيل وميانمار، وفقًا للاتفاق، على تطوير برنامجين دراسيين رسميين للمدارس في الدولتين لتدريس المحرقة ودروسها، إضافة إلى "التبعات السلبية لانعدام التسامح والعنصرية والعداء للسامية وكراهية الغرباء". ويقضي الاتفاق بتعهد الجانبين بتشجيع مجالات تعاون أخرى في مجال التربية والتعليم والعلاقة بين أفراد سلك التعليم وشبان من إسرائيل وميانمار.

وكشفت تقارير صحيفة إسرائيلية نشرت مؤخرًا أن العلاقات بين إسرائيل وميانمار مستمرة منذ سنوات، وبضمنها علاقات أمنية، التي تواصلت حتى بعد فرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حظر بيع أسلحة وتزويد خبرات أمنية لميانمار. وكانت صحيفة "هآرتس" قد كشفت في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي أن إسرائيل نقلت أسلحة متطورة إلى ميانمار خلال ارتكاب الأخيرة جرائم تطهير عرقي. وأصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية قرارا يمنع بيع الأسلحة لميانمار، في أيلول/ سبتمبر الماضي، لكن القضاة فرضوا تعتيما على القرار بحسب طلب النيابة العامة باسم الحكومة الإسرائيلية.

يشار إلى أن تاريخ إسرائيل طويل في بيع الأسلحة لأنظمة ظلامية؛ منها على سبيل المثال غواتيمالا ورواندا بالإضافة إلى جنوب أفريقيا في فترة الأبارتهايد، حيث استخدم السلاح الإسرائيلي لقمع أقليات وحتى لارتكاب جرائم إبادة شعب.

وميانمار، بهذا المعنى، ليست حالة استثنائية، لكن خلافا لمعظم دول العالم، إسرائيل تمتنع أيضا بقدر استطاعتها عن التنديد بالنظام العسكري في ميانمار، بزعم أن "كلا الجانبين (ميانمار والروهينغا) يرتكبان جرائم حرب"، حسبما قال نائب القنصل الإسرائيلي في نيويورك في كانون الأول/ ديسمبر الماضي.

اقرأ/ي أيضًا | رغم التطهير العرقي إسرائيل تواصل بيع الأسلحة لبورما

وعرّفت الأمم المتحدة أبناء أقلية الروهينغا على أنهم "مثال للتطهير العرقي"، وسط تأكيدات منظمات حقوق الإنسان الدولية أنه منذ آب/ أغسطس العام 2017 ارتكب الجيش البورمي (النظام العسكري في ميانمار) عمليات إعدام ميدانية من دون محاكمة بحق أقلية الروهينغا، بالإضافة إلى ارتكاب جرائم جنسية واغتصاب وإحراق لقرى الروهينغا. وتهجير مئات آلاف الروهينغا من ميانمار إلى بنغلاديش، فيما علق آخرون عند الحدود بين الدولتين. وتؤكد شهادات اللاجئين على ارتكاب الجيش في ميانمار جرائم قتل واغتصاب منهجية.