أكدت دراسة إسرائيلية أعدها أستاذ علم الجريمة في كلية الحقوق في الجامعة العبرية في القدس، بروفيسور بادي حسيسي، نشرت نتائجها في صحيفة "هآرتس"، اليوم الخميس، على حقيقة ارتفاع معدلات الجريمة لدى المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني من جهة، وأظهرت من ناحية أخرى إهمال الوزارات الحكومية في الموازنة والموارد حين يتعلق الامر بتوفير الأمان للمواطنين العرب.

وشارك في الدراسة 11 ضابط شرطة، لم يتم الكشف عن هوياتهم، يخدم معظمهم في أقسام للشرطة في البلدات العربية في مناطق 48، فيما يخدم بعضهم الآخر في المدن المختلطة ومدينة القدس المحتلة.

واعتبر تقرير "هآرتس" أن "ارتفاع الجريمة في المجتمع العربي وشعور السكان بعدم الأمان الشخصي ليست ظاهرة جديدة". لكن الدراسة الجديدة بحثت الحالة من منظور مختلف، وهي وجهة نظر قادة مراكز الشرطة في البلدات العربية، التي تتهم بالتقاعس عن أداء عملها، ما تؤكده نتائج التحقيقات في مختلف الجرائم المرتكبة والتي عادة ما تسجل ضد مجهول.

وادعى ضباط الشرطة تعقد الصورة "التي لا تقتصر على شح الموارد البشرية"، الأمر الذي يتم استغلاله عادة لصالح دعاوى تجنيد الشباب العرب في جهاز الشرطة الإسرائيلي. منها مثلا "عدم تعاون الشاكين، واختفاء الأدلة".

وبحسب الدارسة، فإن المواطنين العرب لا يمكن أن ينظروا للشرطة الإسرائيلية كجهاز يحافظ على أمان المواطنين، بمعزل عن كونها "شرطة خضراء" (في إشارة إلى لون الزي العسكري الإسرائيلي)، إذ تعمل لصالح المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في سياق الصراع العرب/ فلسطيني الإسرائيلي، ما يعتبره المواطنون العرب تهديدًا مباشرًا لهم.

وقال أحد الضباط خلال الدراسة، إن النظرة الأمنية القامعة التي ينظر من خلالها المواطن العربي لأفراد الجهاز، ليست وليدة الصدفة، إذ أن هذا ما تبثه الشرطة في البلدات العربية، عامل ترهيب وقمع، وقال "إذا كنت أسير في البلدات العربية وأنا اعتمر الخوذة، سوف يرجمونني بالحجارة، أما إذا اكتفيت بالقبعة فسيبادلونني التحية".

واعتبر الضباط المشاركون في الدراسة أن الفجوة الثقافية تؤثر سلبًا على أداء الشرطة في البلدات العربية، وركزوا على أهمية تطوير "بروتوكولات خاصة"، يتكيف من خلالها ضابط الشرطة مع البيئة المحيطة التي يخدم فيها.

وأشارت الدراسة إلى انعدام الثقة بين المواطن العربي وجهاز الشرطة والذي يتجلى بعدم رغبة المواطنين في التعامل مع الجهاز، كما أشارت إلى خوف المواطنين العرب من اعتبارهم "متورطون أو أصحاب شأن أو صلة في النزاعات"، ما يمنعهم من تقديم إفاداتهم، ويدفعهم إلى تغييرها ربما في الكثير من الحالات.

كما زعم الضباط المشاركين في الدراسة أنهم "يتعرضون كذلك إلى عرقلة عملهم من قبل المواطنين، حيث يتم إخفاء الأدلة، ويمسحون أشرطة الفيديو، ويغسلون ويعبثون بمسارح الجرائم".

وبنظرة استعلائية، اعتبر ضباط شارك في الدراسة، أن المجتمع العربي بشكل عام أكثر تطرفًا وراديكالية، وقال "إنه نوع من المستوى العدواني الذي يرافق الناس، يمكنك رؤية ذلك على الطريق أثناء القيادة، باستخدام الأسلحة، مستوى متطرف في استخدام الأسلحة"، رغم التقارير التي تؤكد اهمال الشرطة لدورها في جباية السلاح غير المرخص الذي ارتفعت نسبة انتشاره في البلدات العربية في مناطق الـ48.

57 مواطنا عربيا ضحايا رصاص الشرطة بعد هبة أكتوبر 2000

وتشير الإحصائيات التي حاول "عرب 48" رصدها إلى أن 57 مواطنا عربيا فلسطينيا قتلوا برصاص الشرطة بعد هب القدس والأقصى في أكتوبر 2000، عدا عن الجرحى برصاص الشرطة الإسرائيلية وحتى في أحداث جنائية عادية.

وفي المقابل قتلت الشرطة مواطنين يهوديين في أحداث جنائية خلال هذه الفترة، وآخر قتل بيد متطوعين في الشرطة، أي أن الشرطة قتلت عربا 18 ضعف اليهود. وعند الأخذ بالحسبان أن المواطنين العرب يشكلون 20% فقط من سكان الدولة، فإن الشرطة تميل إلى قتل عرب 72 ضعفا أكثر من اليهود.

ولا تأتي هذه المعطيات بمعزل عن الخطاب السياسي الإسرائيلي المحرض على المواطنين العرب دون رقابة أو رادع، بما في ذلك تصريحات لمناصب سياسية وأمنية رفيعة في إسرائيل، منها لرئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن الداخلي، غلعاد إردان، ووزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان.

اقرأ/ي أيضًا | فوهة مسدس الشرطة في مواجهة العربي