دعت الأمم المتحدة إلى مقاضاة كبار الجنرالات في ميانمار، وفي مقدمتهم القائد الأعلى للجيش، مين أونغ هلينغ، بتهمة ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب بحق الروهينغا، فيما سلطت منظمة العفو الدولية "أمنستي" الضوء على مشاركة إسرائيل في هذه الجرائم بتسليحها جيش ميانمار وإقامتها علاقات متينة مع هذا الجيش.

وشددت الأمم المتحدة أمس، الاثنين، "على ضرورة مقاضاة كبار الجنرالات في ميانمار، بمن فيهم القائد الأعلى مين أونغ هلينغ، باتهامات ارتكاب الإبادة الجماعية في شمال ولاية راخين، والجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في ولايات راخين وكاتشين وشان". وأصدرت التقرير بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في ميانمار، التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان في آذار/مارس من العام 2017 الماضي.

ودعت بعثة الأمم المتحدة على لسان رئيسها، مرزوقي داروسمان، في مؤتمر صحفي عقده في جنيف، إلى "إحالة الوضع في ميانمار إلى المحكمة الجنائية الدولية، أو محكمة جنائية أخرى يتم إنشاؤها لهذا الغرض"، مشيرا إلى أن "هذه بالطبع مهمة مجلس الأمن، لذا فإن الرسالة موجهة إلى المجلس ليحيل الوضع إلى المحكمة."

وقال عضو البعثة، كريستوفر سيدوتي، إنه "توصلت لجنة تقصي الحقائق، بناء على أدلة معقولة، إلى أن الأنماط التي وجدتها للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي، تصل إلى درجة أكثر الجرائم جسامة وفق القانون الدولي. وقد ارتكبت تلك الجرائم بشكل أساسي من القوات المسلحة ’التاتمادو’."

وشدد التقرير على أن "الضرورة العسكرية لا يمكن أبدا أن تبرر القتل العشوائي والاغتصاب الجماعي للنساء والاعتداء على الأطفال وحرق قرى بأكملها".

وقالت عضوة اللجنة، راديكا كوماراسوامي، إن الانتهاكات كانت على ما يبدو جزءا من إستراتيجية متعمدة، موضحة أن "نطاق ووحشية الاغتصاب والعنف وطبيعتهما المنهجية، كل ذلك يشير إلى أن تلك الأعمال كانت جزءا من استراتيجية متعمدة لترهيب أو معاقبة السكان المدنيين. وقد استخدمت (تلك الانتهاكات ) كأسلوب للحرب وشملت الاغتصاب، والاغتصاب الجماعي والاسترقاق الجنسي، والإجبار على التعري، وبتر الأعضاء".

وأضافت البعثة أن الأساليب التي اتبعتها القوات المسلحة في ميانمار لا تتناسب على الإطلاق مع التهديدات الأمنية الفعلية، وخاصة في ولاية راخين وأيضا في شمال ميانمار.

وذكر تقرير البعثة أن "مستوى الإنكار والإفلات من العقاب في هذا الشأن، يثير الصدمة. وقال إن لامبالاة القوات المسلحة في ميانمار بحياة البشر وكرامتهم وسلامتهم والقانون الدولي بشكل عام، يجب أن يكون مدعاة لقلق سائر سكان ميانمار".

وخلص التقرير إلى وجود معلومات كافية لإجراء تحقيقات ومقاضاة سلسلة القيادة في القوات المسلحة، لتتمكن محكمة كفؤة من تحديد مسؤولية أولئك القادة على ارتكاب الإبادة الجماعية في ولاية راخين. وأشار التقرير إلى ضعف سيطرة السلطات المدنية على أفعال القوات المسلحة. ولكنه وجد أيضا أنه من خلال أعمالها وإغفالها، ساهمت السلطات المدنية في ارتكاب الفظائع. وقال التقرير إن مستشارة الدولة، أونغ سان سو تشي، لم تستخدم منصبها، باعتبارها الرئيسة الفعلية للحكومة، أو سلطتها المعنوية لوقف أو منع الحوادث التي ارتكبت في ولاية راخين.

أمنستي: انتهاكات إسرائيلية خطيرة لبيع أسلحة تستخدم بجرائم حرب

بعثت أمنستي رسالة، على خلفية التقرير حول الجرائم في ميانمار بحق الروهينغا، إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية ووزير الخارجية، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، الأسبوع الماضي، وقالت فيها إن إسرائيل هي إحدى الدول التي تنتهك المعاهدة الدولية لمراقبة تجارة السلاح بأخطر شكل في العالم، كونها تزود السلاح بشكل دائم لدول وأنظمة تنتهك حقوق الإنسان وترتكب جرائم حرب، حسبما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية.

آيزنكوت ونظيره من ميانمار أثناء زيارته لإسرائيل

ودعت المنظمة إسرائيل إلى أن "تنفذ بشكل حقيقي" المعاهدة الدولية بهذا الخصوص، التي وقعت عليها إسرائيل في العام 2014. وجاء في الرسالة أنه "خلافا للالتزام القانون الدولي بعدم انتهاك المعاهدة التي هي عضو فيها، تنتهك إسرائيل هذه المعاهدة منذ سنين. وبما يختص بموضوع المؤتمر القريب، تعمل إسرائيل بتناقض فاضح للبنود 5 و6 و7 (المتعلقة بتجارة الأسلحة بصورة مسؤولة ومراقبة) بكل ما يتعلق بمراقبة شديدة والتشديد على الصادرات الأمنية وغاياتها، والشفافية وتزويد تقارير بخصوص صادراتها الأمنية".

وأضافت أمنستي أن "إسرائيل هي إحدى الدول التي تواصل المتاجرة بالسلاح أو الوسائل الأمنية الأخرى مع أماكن معروف فيها أن هذه الأسلحة والوسائل ستستخدم في ارتكاب جرائم حرب، جرائم ضد الإنسانية وجرائم أخرى، وكذلك مع أماكن يوجد فيها خطر كبير بأن الصادرات الأمنية ستستخدم لارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان الدولية والقانون الإنساني. وهذه التجارة هي انتهاك واضح للمعاهدة عموما ولبنودها المذكورة خصوصا، التي تعرّف وتفصل حظر التجارة والطريقة التي تضمن ذلك".

ولفتت المنظمة إلى أن "قانون المراقبة الإسرائيلي لا يشمل التعليمات التي تقيد التصدي الأمني عندما يكون هناك احتمال معقول بأنه تستخدم هذه الصادرات لانتهاك القانون الدولي والإنساني أو لانتهاك خطير لحقوق الإنسان، سواء بواسطة الجهة المشترية أو بواسطة طرف ثالث قد تصل إليه الصادرات الأمنية".

وأوضحت أمنستي أن إسرائيل تمتنع عن الشفافية وتنحرف بشكل كبير عن المعايير العالمية، وتعلن عن مبالغ الصفقات الأمنية وأسماء القارات وعدد الدول، 130 دولة، التي تبيعها السلاح.

عتاد عسكري إسرائيلي ثقيل لميانمار

في أعقاب نشر تقرير بعثة الأمم المتحدة إلى ميانمار، أمس، اعترف مسؤولون إسرائيليون بتصدير أسلحة وعتاد عسكري ثقيل إلى ميانمار، بينها قوارب حربية تشمل منصات مدفعية لجيش ميانمار، أثناء ارتكابه الجرائم البشعة ضد الروهينغا في منتصف العام الماضي. وادعى هؤلاء المسؤولون إن هذا كان "خطأ". وبحسب زعم إسرائيل، فإنه بعد بيع هذه القوارب توقفت عن التصدير الأمني لميانمار، وفقا لقناة "كان" الإسرائيلية الرسمية.

ونقلت القناة عن مصادر في الجيش الإسرائيلي قولها إن التعاون العسكري الإسرائيلي مع ميانمار لم يشمل مناورات أو تدريبات أو تبادل خبرات. لكن القناة أكدت على أنه لا يزال يتواجد في إسرائيل ملحق عسكري من جيش ميانمار.

وكانت إسرائيل قد رفضت طوال الوقت الاعتراف ببيعها الأسلحة لميانمار، رغم أن جيش ميانمار اعترف رسميا بمنشور على صفحته في "فيسبوك"، في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بتزوده بأسلحة إسرائيلية خلال المجازر التي ارتكبها ضد الروهينغا. وجاء في المنشور المرفق بصورة: "مرحبا بكم في البحرية ميانمار !!!" وذلك بمناسبة وصول قارب دورية إسرائيلية إلى شواطئ ميانمار من طراز "سوبر-دفورا 3".

وتكشف صور القاربين الحربيين التي نشرتها بحرية ميانمار أيضا بعض الأسلحة المصنوعة بإسرائيل، وبينها منصة إطلاق ذخيرة ثقيلة من صناعة شركة "رفائيل"، والذي يسمح بإطلاق مدفع رشاش ثقيل ومدفع يصل إلى 30 مم.

اقرأ/ي أيضًا | خطابات كراهية: فيسبوك تلغي حسابات ضبّاط ميانماريين

وأكدت صحيفة "هآرتس"، حينها، أن هذه القوارب الحربية الجديدة ليست سوى جزء من صفقة أكبر وقعت بين إسرائيل وميانمار. وقالت تقارير أخرى إنه سيتم بناء مثل هذه القوارب في ميانمار بمساعدة التكنولوجيا الإسرائيلية.