تصدرت المظاهرات التي جرت عند السياج الحدودي لقطاع غزة، أول من أمس الجمعة، عناوين الصحف الإسرائيلية اليوم، الأحد، والتي أجمع المحللون العسكريون فيها على أن هذه المظاهرات، التي سقط فيها 16 شهيدا فلسطينيا، أعادت مأساة قطاع غزة إلى الأجندة الدولية، وأن هذه المظاهرات كانت البداية وحسب لتحرك شعبي للفلسطينيين للاحتجاج على أوضاعهم.

وكتب المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، أنه شارك في المظاهرات، أول من أمس، 30 ألفا، بضمنهم نساء وأولاد، "ولم تجند حماس جميعهم وقسم منهم متظاهرون حقيقيون، وهذا بالتأكيد إنجاز للموجة الأولى" من المظاهرات.

وشدد فيشمان على أن "الإنجاز الأهم بالنسبة لحماس هو رد الفعل في الحلبة الدولية وعودة الأزمة في غزة إلى الوعي (الدولي)". وأشار إلى موجة الاستنكار الدولي، وإلى أنه جاء "قبل أن تبدأ إسرائيل بدفع ثمن في الحلبة الدولية جراء القتلى ومئات الجرحى".

ورأى أن سقوط الشهداء الـ16 "لم يتسبب بردع وبالتأكيد ليس بصدمة قومية في الجانب الفلسطيني. وبالنسبة لحماس، هذه مادة الاشتعال للجولة المقبلة".

واعتبر فيشمان أن "القناصة (الإسرائيليين) يطلقون النار على المتظاهرين لأنه لا يوجد لدى الجيش أداة حقيقية أخرى لمنع تسلل آلاف الفلسطينيين إلى داخل إسرائيل. لا توجد رافعة ردع ضد الفلسطينيين في غزة: لا يمكن سحب تراخيص عمل، كهرباء أو ماء، لأنهم يفتقرونها أصلا".

وتابع أنه "هذا حدث إستراتيجي بالنسبة لإسرائيل، وهو محاولة لإحداث هبة في قطاع غزة، تمتد في مرحلة معينة إلى داخل الضفة أيضا. وبدء المظاهرات في يوم الجمعة الأخير، الذي جرى خلاله إحياء يوم الأرض، هي محاولة لربط عرب إسرائيل بصورة الهبة: كلنا معا، لاجئو 48 و67".

وحذر فيشمان من قمع الهبة الحالي في القطاع بالقوة المفرطة، لافتا إلى فشل محاولة إسرائيل في قمع الانتفاضة الأولى في بدايتها. "الجيش الإسرائيلي يدرك في العام 2018 أنه إذا لم ينجح في أن يقمع وبالقوة المواجهات حول القطاع، فإنها قد تقود إلى حريق شامل. وإسرائيل ستكون المتهمة في جميع الأحوال".

فيشمان أن هذه المظاهرات قد تستمر لشهور، لكنه أشار إلى أنه "في حال بدأ الجانب الآخر باستخدام السلاح، إطلاق نيران قناصة على سبيل المثال، فإنه لن يبقى بأيدي الجيش خيارا وسيضطر إلى التصعيد من رد فعل حول الشريط الحدودي إلى المبادرة لعمل عسكري داخل أراضي القطاع".

"الجزء الأصعب ما زال أمامنا"

اعتبر المحلل العسكري في القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي، ألون بن دافيد، في مقال في صحيفة "معاريف"، أن "الجيش الإسرائيلي منع بشكل ناجع تجاوز السياج ووضع عبوات ناسفة، وحماس أثبتت قدرتها على إحضار عشرات الآلاف إلى نشاط بادرت إليه، ومقابل حرج أبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس)، عادت حماس لتكون المنظمة التي تقود المقاومة الفلسطينية".

وبحسب بن دافيد، فإن سقوط الشهداء أول من أمس "يخدم الجانبين. الجيش الإسرائيلي أثبت أن نفذ مهمة الدفاع عن السياج من خلال جباية ثمن معقول. وبالنسبة لحماس، هذه فرصة أولى منذ سنوات كي تطرح الرواية الفلسطينية مجددا في وعي العالم العربي".

وأضاف أن "حماس تريد طرح غزة على الأجندة الدولية وهي مستعدة للتضحية بكثيرين في هذا المجهود. ويبدو أنها نجحت بذلك في هذه الأثناء. وعبرة حماس هي مواصلة دفع هذا الحدث، وبذلك فإن الجزء الأصعب ما زال أمامنا".

ولفت المحللون الإسرائيليون إلى أنه لم يتم إطلاق صاروخ واحد من قطاع غزة خلال أحداث أول من أمس. لكن المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أشار إلى أن أحداث أول من أمس أشغلت كمية كبيرة من قوات الجيش الإسرائيلي وقيادته، بدءا من رئيس أركان الجيش، غادي آيزنكوت، إلى المستويات الأدنى.

أنه إذا استمرت هذه المظاهرات فإن "من شأنها أن تؤثر على خطة التدريبات للجيش الإسرائيلي، التي تكثفت مؤخرا على خلفية التقديرات بأنه بالإمكان استغلال الهدوء النسبي في المناطق (المحتلة)". وخلص هرئيل إلى أن تواصل هذه المظاهرات الفلسطينية قد تؤدي إلى "تطور مشكلة، تستدعي التساؤل حول عدم استعانة الجيش الإسرائيلي بقوات أكبر من الشرطة وحرس الحدود، الذين لديهم تجربة وخبرة أكبر بمواجهة أعمال شغب جماهيرية. فالقطاع هو قنبلة موقوتة، والأزمة الحالية يمكن أن تمتد إلى نهايات الأسابيع المقبلة والتأثير على رد فعل الجمهور الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس الشرقية".