كشف المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، خلال مقابلة أجراها مع وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، أن الأخير التقى زعماء دول عربية لا تقيم علاقات رسمية مع إسرائيل في تل أبيب.

ووجه فيشمان في مقابلة نُشرت اليوم الجمعة، سؤالا لليبرمان عن أن "زعماء إسرائيليين، بضمنهم أنت (ليبرمان)، يلتقون مع زعماء دول عربية في المنطقة. وأنت بنفسك تستضيفهم في مطاعم غير عادية في تل أبيب"، وسأل عما إذا كانت القضية الفلسطينية مطروحة في هذه اللقاءات.

وأجاب ليبرمان، الذي دخل إلى الحلبة السياسية في العام 1996، كمدير عام لمكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بالقول "إنني أرى أين وقفنا أمام العالم العربي عندما دخلت إلى مكتب رئيس الحكومة، في العام 1996، وأين نقف اليوم. لقد عبرنا معهم ثلاثة أرباع الطريق. ونحن نتحدث معهم عن التهديدات الحقيقية: إيران، القاعدة، الحركات الإرهابية السنية. وهم يدركون على ماذا يمكن أن يحصلوا من إسرائيل: معلومات استخبارية، خبرة، تكنولوجيا وتعاون إستراتيجي. ولا أذكر أن هؤلاء الزعماء العرب طرحوا بمبادرتهم القضية الفلسطينية، ليس كبند أول ولا ثان ولا ثالث".

والأمر المؤكد في هذه الإجابة لليبرمان هو أنه لا يتحدث عن زعماء مصر أو الأردن، وهما دولتان تقيمان علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل في أعقاب توقيعهما على معاهدتي سلام معها. وتطرق ليبرمان إلى عدم وجود علاقات معلنة بين هذه الدول وإسرائيل، وقال إن السبب هو أنه "ما زالت هناك فجوة عميقة بالنظرة لإسرائيل بين موقف القيادة وموقف الشارع" في تلك الدول العربية.

"الإستراتيجية هي دق أسافين بين حماس وسكان القطاع"

فيما يتعلق بقطاع غزة، فإن ليبرمان كان يتحدث في السنوات الماضية عن وجوب إسقاط حماس عن الحكم في غزة واغتيال قيادة الحركة، وقد توقف التحدث في هذا الاتجاه بعد توليه منصب وزير الأمن، قبل سنتين تقريبا. ثم عاد، في الأيام الأخيرة، إلى التحدث عن القضاء على حكم حماس في غزة بواسطة الجمهور الفلسطيني في القطاع.

وقال ليبرمان، في المقابلة المنشورة اليوم، إنه "بنظري، غايتنا المركزية في غزة كانت وما زالت إسقاط حكم حماس. لأن ما يهمنا في نهاية الأمر هو الهدوء الأمني على طول الحدود. وعندما دخلت إلى وزارة الأمن سألت المسؤولين فيها ما هي نهاية اللعبة في القطاع. تحدثنا عن خيارين: إسقاط حماس بواسطة الجيش الإسرائيلي ودفع ثمن غير بسيط، وبضمن ذلك الحاجة للسيطرة هناك، أو محاولة إنشاء وضع يسقط فيه المواطنون بأنفسهم الحكم. والطريق الثانية تضمن استقرارا أكثر بكثير. وفي كلتا الطريقين تنزل ضربات شديدة على ممارسي الإرهاب، وعلى القيادة، وتحاول دق الأسافين بين القيادة والسكان. هذه هي الإستراتيجية. فإذا انتفض الجمهور في غزة، عز الدين القسام لن تُفيد. وأنا أؤمن أنه توجد علاقة مباشرة بين الهدوء الأمني والمنافع الاقتصادية. وقد بدأنا نتحدث مع السكان فوق رأس قادة حماس بواسطة موقع ’المنسق’ لمنسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق (المحتلة)".

ورغم أن المواطنين في غزة وجهوا غضبهم واحتجاجهم نحو الاحتلال الإسرائيلي، في مسيرات العودة التي انطلقت في 30 آذار/مارس الماضي، ودامت أشهر عند السياج الأمني المحيط بالقطاع، إلا أن ليبرمان اعتبر أن "حماس كانت على شفا فقدان الحكم في الشتاء الماضي، ونجحت في تحويل غضب السكان نحونا". واعتبر أنه "لا يوجد أي احتمال لأن تفوز حماس بانتخابات حرة في القطاع. وأنا لا أتكهن وإنما أعرف. هذا تقدير متفق عليه".

وكرر ليبرمان، الذي أيد التوصل إلى تهدئة في غزة، تصريحاته التي أطلقها في الأسبوعين الأخيرين، وقال إنه "لست منشغلا بالتهدئة ولا أؤمن بالتهدئة. والتهدئة الوحيدة بالنسبة لي هي الواقع الميداني. وفي جميع الأحوال، لن تكون هناك تهدئة من دون موضوع الأسرى والمفقودين". وقال إن صفقة تبادل أسرى سيكون لها "ثمن". وأضاف أنه "كنت أحد ثلاثة وزراء صوتوا ضد صفقة شاليط، وهذه المرة لن تكون هناك صفقة شاليط (أي الإفراج عن أكثر من 1000 أسير فلسطيني). وقد طلبت من الحكومة تبني تقرير شمغار بخصوص صفقات تبادل الأسرى، ولأسفي أن الحكومة لم تتبنِ التقرير".

وتابع ليبرمان أنه يعارض خروج عمال من القطاع للعمل في إسرائيل، معتبرا ذلك "خطرا أمنيا. وأسبوع أو اثنين من الهدوء ليس كافيا. يجب أن نرى تغييرا راديكاليا لكي ندرس مجددا كل هذا الموضوع". وادعى أن "حماس لا تستغل فقط العمال من أجل نقل رسائل وأموال للإرهاب، وإنما هي تستغل مرضى السرطان أيضا الذين يخرجون من غزة للعلاج في إسرائيل. ونحن نغير سياسة دخول المرضى من غزة إلى إسرائيل. ولا ينبغي أن تعالجهم دولة إسرائيل. إنهم يحتلون أماكن في المستشفيات. ويجب معالجتهم في مصر والأردن والسلطة الفلسطينية".

وقال ليبرمان إنه لا يعرف ما إذا ما زال هناك أنفاق "وأنا أنطلق دائما من فرضية أننا لا نعرف كل شيء".

وفيما يتعلق برئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، اعتبر ليبرمان أن "أبو مازن هو جزء من تدهور الوضع. إنه يمارس إرهابا سياسيا ضدنا. لكن ليكن واضحا: ليست مهمتنا تنصيب ملوك (خلفا لعباس). مصلحتنا في يهودا والسامرة هي مصلحة أمنية. وواضح تماما أنه لن يكون جيشا لكيان فلسطيني لدى قيامه. الجيش الإسرائيلي سيكون المسؤول عن الأمن".

سلم أفضليات إسرائيل في سورية

تطرقت المقابلة مع ليبرمان إلى الوضع في سورية، وقال إنه "عندما تنظر إلى الحلبة السورية كلها، عليك أن تضع سلم أفضليات. لن نسمح، مثلا، بإقامة قواعد للاستخبارات الإيرانية تحت غطاء الجيش السوري. وحدث أكثر من مرة أنه عندما وجدنا مشاكل كهذه وأخطر منها، طرحنا الأمر أمام الروس. تم حل قسما منها والقسم الآخر قمنا بحله بأنفسنا. وعندما طلبنا من الروس طرد أفراد حزب الله أو إيرانيين، فقد عملوا بهذا الاتجاه".

وقال ليبرمان إنه لا يوجد اتفاق رسمي إسرائيلي – روسي بشأن هضبة الجولان المحتلة أو الموضوع السوري بشكل عام. "توجد تفاهمات معينة، ويحظر الاستخفاف بذلك. وعندما التقى الرئيس الأميركي مع الرئيس الروسي، كانت إسرائيل أحد المواضيع المركزية الموضوعة على الطاولة، وهذا ليس بالأمر المفروغ منه. هل يتوقع أحد أن يعمل الروس بموجب المصلحة الإسرائيلية؟ الإجابة هي لا. كذلك الأميركيون لا يعملون بموجب المصلحة الإسرائيلية".

في هذا السياق، قال ليبرمان إن لإيران مكاتب في دمشق، التي تبعد عن خط وقف إطلاق النار في الجولان المحتل أقل من 100 كيلومتر، رغم تصريحات روسية بالالتزام بإبعاد قوات إيرانية مسافة 100 كيلومتر عن الجولان. وأكد ليبرمان على أن "الروس لن يحلون لنا هذه المشكلة".

وأضاف ليبرمان أنه "لا يمر يوم واحد لا نعمل فيه، وبضمن ذلك في الشمال (أي سورية). ومن الجهة الثانية، فإن الإيرانيين خفضوا حجم نشاطهم في سورية. وفي المرحلة الراهنة لا يوجد نشاط في مجال إقامة مصانع صواريخ إيرانية. ولم يبنوا ميناء في سورية وليس لديهم مطار، لكنهم لم يتراجعوا عن الفكرة. وهم يواصلون إجراء مفاوضات مع حكومة الأسد على إقامة مراكز لهم في سورية. ووقف هذه الخطوات سببها الأول هو عملنا اليوم المتواصل في سورية. ورغم ذلك، ينبغي أن نتذكر أن قوة قدس يركز اهتمامه على الحلبة العراقية وحرب الحوثيين في اليمن".

وأشار ليبرمان إلى إقامة هيئة في وزارة الأمن الإسرائيلية، برئاسة مسؤول في الاستخبارات، تكون مسؤولة عن مراقبة "أموال الإرهاب التي تصل إلى الشرق الأوسط". وجزء من العقوبات المفروضة اليوم على إيران تستند إلى معلومات جمعتها هذه الهيئة. وما زالت إيران التهديد رقم واحد على إسرائيل. وإيران هي أيضا الموضوع رقم واحد في محادثاتنا مع القيادة الأمنية الروسية والأميركية".

وتابع ليبرمان أنه ما زال من غير الواضح ما إذا طرأ تغير ما على نشاط البرنامج النووي الإيراني جراء انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي.

"أوسلو مس بالجنرالات وسممهم"

أكد ليبرمان أنه اختار مرشحه لرئاسة أركان الجيش الإسرائيلي خلفا لغادي آيزنكوت. لكنه رفض الكشف عن هويته، إذ ينبغي أن تصادق عليه الحكومة ولجنة خاصة تقر التعيينات في المناصب الرفيعة. وحول صفات رئيس أركان الجيش المقبل، قال ليبرمان إنه "بحثت عن شخص يتحدث بمصطلحات الحسم والانتصار".

وأردف أن "عليك أن تفهم أن أوسلو مس بالجيش وسمم الجنرالات. يحظر على الجنرالات إجراء مفاوضات سياسية حول موضوع مختلف عليه بهذا الشكل في المجتمع الإسرائيلي. ممنوع في أي حال أن يصل الجنرالات بربطات عنق وبذلات لإجراء مفاوضات سياسية. وهذا ما زال يؤثر على الجيش حتى اليوم".

اقرأ/ي أيضًا | توجس إسرائيلي من بقاء إيران بسورية وعناق أوروبي للنظام