اعتبر السفير الأميركي لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، المعروف بأفكاره ومواقفه الصهيونية اليمينية المتطرفة، أن أي إدارة أميركية قادمة لن تلغي اعتراف إدارة دونالد ترامب الحالية بالقدس عاصمة لإسرائيل، وأنه يستبعد انسحاب إسرائيل من هضبة الجولان السورية المحتلة، فيما قال السفير الإسرائيلي في واشنطن، رون ديرمر، إن الفلسطينيين يفقدون تأثيرهم في المنطقة بسبب سياسة ترامب.

وقال فريدمان في مقابلة أجرتها معه صحيفة "يسرائيل هيوم" ونشرت مقاطع منها اليوم، الخميس، وستنشرها كاملة غدا، الجمعة، إنه "لا يمكنني تخيّل وضع تعاد فيه هضبة الجولان إلى سورية. لا يمكنني أن أتخيل، وبصدق، وضعا لا تكون فيه هضبة الجولان جزءا من إسرائيل إلى الأبد. وحتى أنه لا يوجد في هضبة الجولان سكان أصلانيون يتطلعون إلى حكم ذاتي".

وتأتي أقوال فريدمان في أعقاب تردد أنباء حول اعتراف أميركي محتمل بضم الجولان إلى إسرائيل. وأضاف فريدمان أن "التنازل عن المنطقة العليا لهضبة الجولان من شأنه أن يضع إسرائيل في مستوى أمني متدن جدا، إلى جانب أنه لا يمكنني التفكير بحصول أكثر شخص غير جدير كبشار الأسد بهذه الجائزة. وهناك سلسلة كاملة من الأسباب تجعلني أتوقع أنه سيتم الحفاظ على الستاتيكو (الوضع القائم)".

ويتعارض هذا الموقف مع مواقف إدارات أميركية سابقة. فقد ذكر وزير الخارجية الأميركي الأسبق، جون كيري، في سيرته الذاتية التي صدرت أول من أمس الثلاثاء، أنه في إطار الاتصالات حول سلام بين إسرائيل وسورية، نقل في العام 2010 رسالة كتبها الأسد للرئيس السابق باراك أوباما، واستعرضها أمام رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، وتضمنت تفاصيل اتفاق سلام، شمل انسحاب إسرائيل من الجولان مقابل إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين الدولتين، وبضمنها فتح سفارات في تل أبيب ودمشق. وبحسب كيري، فإن اندلاع الثورة السورية بعد ذلك بشهور أوقف هذه العملية. وقال فريدمان إن إدارة ترامب يمكن أن تدرس في المستقبل الاعتراف بهضبة الجولان على أنها "أرض إسرائيلية".

وفيما يتعلق باعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، ادعى فريدمان أنه "ليس مهما أي حزب سيكون بالحكم. وكي تلغي أية إدارة هذه الخطوة، سيتعين عليها التوصل إلى استنتاج أن القدس ليست عاصمة إسرائيل، وإنما تل أبيب. وأعتقد أن قرارا كهذا سيكون محل خلاف أكبر مما فعل الرئيس ترامب. وهذا سيصطدم بشكل كبير مع الواقع وأنا لست مؤمنا بأن سياسيا أميركيا، من أي حزب كان، سيتخذ موقفا مناقضا بالمطلق للواقع".

وأضاف فريدمان أن الاستخبارات الإسرائيلية منعت تنفيذ هجمات في الولايات المتحدة. كذلك أشار إلى محادثات جارية بين إدارة ترامب وإسرائيل حول حجم البناء الاستيطاني، وقال إن إسرائيل لم تقدم طلبا للإدارة بتنفيذ أعمال بناء في المنطقة E1 من أجل إنشاء تواصل جغرافي بين القدس المحتلة ومستوطنة "معاليه أدوميم". وعارضت الولايات المتحدة البناء الاستيطاني في هذه المنطقة ومارست ضغوطا على الحكومة الإسرائيلية بهذا الخصوص، لأن ذلك سيؤدي إلى قطع التواصل بين جنوب الضفة الغربية وشمالها بشكل كامل.

وتطرق فريدمان إلى قرار ترامب بوقف التمويل الأميركي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، وزعم أن "أونروا هي منظمة تالفة بشكل حرج. وهي لا تدفع سلاما إقليميا وتخلد الظروف التي تجعل السلام أصعب. وكونها كذلك، لا ترى الولايات المتحدة كيف أن استثمارا آخر في المنظمة ستعيد قيمتها بشكل لائق بالنسبة لدافع الضرائب الأميركي".

ديرمر: الفلسطينيون يفقدون تأثيرهم على العالم العربي

ديرمر (أرشيف)

قال السفير الإسرائيلي في واشنطن، رون ديرمر، إن الفلسطينيين يفقدون تأثيرهم في العالم العربي على خلفية سياسة ترامب في الشرق الأوسط. وذكر موقع صحيفة "هآرتس" الالكتروني، اليوم، أن أقوال ديرمر، وهو المستشار السياسي السابق والأكثر قربا من نتنياهو، جاءت في خطاب ألقاه أمس في حفل بمناسبة رأس السنة العبرية، الذي يصادف بداية الأسبوع المقبل.

وأشار ديرمر إلى أن رد فعل العالم العربي لقرار ترامب بنقل السفارة الأميركية إلى القدس "أثبت أن الدول العربية لم تعد ترقص من خلال رد فعل لأنغام الموسيقى الفلسطينية".

وأضاف أنه "دائما كانت هناك ذرائع لعدم نقل السفارة الأميركية إلى القدس. وحذر معارضو هذه الخطوة من أنها ستمس بمكانة أميركا في العالم وتؤدي إلى تدهور علاقاتها مع الدول العربية. كذلك حذروا من أن خطوة كهذه ستقود إلى عنف واسع في أنحاء الشرق الأوسط. وبعد أن اتخذ ترامب القرار، كان بالإمكان رؤية أن هذه التحذيرات كانت خاطئة، كما هو متوقع".

وأضاف ديرمر أن "علاقات الولايات المتحدة مع الدول العربية لم تتضرر. والشرق الأوسط لم يشهد عنفا واسعا. وما حدث فعليا، هو أن رد الفعل في العالم العربي أثبت حدوث تغيير في تعامل الدول العربية مع إسرائيل. ورغم كل جهود القيادة الفلسطينية لإحداث معارضة لقرار ترامب، رد الفعل في العالم العربي كان هادئا بالأساس".

وعبر ديرمر عن اعتقاده أن "قسما من الدول العربية سيكون مستعدا، أخيرا، لتغيير حقيقي في علاقته مع إسرائيل. وأنا متأكد من أن إدارة ترامب ستجد الطريق من أجل استغلال الواقع الجديد لدفع السلام والتعايش".

لكن الصحيفة لفتت إلى أن إدارة ترامب تعي أن قرارها بشأن القدس المحتلة وضعت صعوبات أمام الدول العربية لتأييد "خطة السلام"، المعروفة باسم "صفقة القرن"، التي يسعى ترامب إلى طرحها. وأضافت الصحيفة أن زعماء السعودية ومصر والأردن ودول عربية أخرى قالوا للإدارة إنهم يعارضون نشر الخطة في الوقت الراهن، وأن القرار بخصوص القدس سيصعب عليهم ممارسة ضغوط على الفلسطينيين كي يقبلوها. وأرجأت الإدارة الأميركية نشر تفاصيل "صفقة القرن"، الذي كان مقررا الصيف الحالي، وليس معروفا بعد متى سيتم نشرها، وعلى الأرجح أنها لن تطرح قبل الانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي، في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.

وعبر ديرمر عن شكره لترامب بسبب انسحابه من الاتفاق النووي مع إيران، وادعى أن هذا القرار قلل من احتمال نشوب حرب في الشرق الأوسط، بادعاء أنه أضعف النظام الإيراني. وادعى أيضا أن "شركات تغادر إيران، لكن قسما من الزعماء في أوروبا يحاول جاهدا المس بالعقوبات الأميركية، وذلك في الوقت الذي يخطط فيه عملاء إيرانيون لعمليات إرهابية في الأراضي الأوروبية".