تجري الانتخابات العامة الإسرائيلية في موعد ما العام المقبل، ولا يتوقع، حاليا، أن تقود إلى انقلاب في الحكم، وإنما بقاء اليمين حاكما، بمعنى أن معسكر اليمين سيفوز على معسكر الوسط – يسار. وتتنبأ الاستطلاعات بأن تحرك أصوات الناخبين داخل المعسكرات. ويبدو أن تصريح رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بأن حزبه، الليكود، سيحصل على أربعين مقعدا في الكنيست، أثار تخوفات في أحزاب اليمين، الشريكة في ائتلافه، وخاصة في صفوف قيادة قائمة "البيت اليهودي".

وعبرت وزيرة القضاء الإسرائيلية، أييليت شاكيد، من "البيت اليهودي"، عن هذا التخوف بقولها، في مقابلة أجرتها معها صحيفة "يديعوت أحرونوت" ونشرتها اليوم الجمعة، إن "حزب البيت اليهودي هو القلب النابض لليمين، وضميره وهو اليمين الحقيقي. والليكود ونتنياهو هم الآلة والأداة. وإذا عزز الناخب قوة الليكود على حساب البيت اليهودي فإن نتنياهو سيبرم حلفا (أي يشكل حكومة) مع اليسار ويغير الأجندة القومية بما يتلاءم مع ذلك".

ولا تتحدث شاكيد عن السياسة الخارجية، تجاه الفلسطينيين فقط، وإنما عن السياسة الداخلية. فقد أدت دورا بالغ الأهمية في هذه الناحية، خاصة في المجالات الخاضعة لوزارتها. فقد غيرت تركيبة القضاة في المحاكم، وعززت النزعة المحافظة، وحتى العنصرية، داخل هذا الجهاز، الذي لم يتميز بـ"الليبرالية". وقالت "إنني لا أعرف ماذا يضع القضاة في صناديق الاقتراع. إنما أنظر إلى قراراتهم. واستشرت من يعرفونه. وحاولت دفع أناس يحملون أفكارا محافظة أكثر"، أي يمينيون أكثر.

وتعتبر شاكيد أن الديمقراطية الإسرائيلية تعززت بفضل خطوات نفذتها في وزارة القضاء. وهاجمت المحكمة العليا، لأن المحكمة ترى أنها تملك صلاحية إلغاء قوانين. وقالت شاكيد إنه "إذا ألغت المحكمة العليا قانون أساس، فإن الشعب سينهي مهمته في النظام الديمقراطي. وسننتقل من حكم الشعب إلى حكم حكماء القانون". وعقبت رئيس المحكمة العليا السابقة، دوريت بينيش، على أقوالها بأن "تعابيرها مأخوذة من أساليب حكم أخرى".

لكن شاكيد قالت إن "المحكمة العليا متنوعة أكثر اليوم، ومحافظة أكثر. وهذا سيعزز ثقة الجمهور بالمحكمة وحسب. ولم يعد هناك أوساطا تقول إن المحكمة هي فرع لحزب ميرتس (يسار صهيوني). والأمر الوحيد الناقص هو قاض حريدي".

وأضافت: "أنا أعتبر خطيرة في صفوف اليسار المتطرف فقط. ونجاحي نابع من أنني أطبق السياسة التي انتخبت من أجلها". ويشار إلى أن اليمين الحاكم في إسرائيل اليوم هو يمين متطرف، خلافا لحكم اليمين في العقود الماضية، الذي اتسم بلمسات ليبرالية. لذلك، هاجمت شاكيد وزير القضاء الأسبق، دان مريدور. وقالت إنه "يجب نذكر أن (رئيس المحكمة العليا الأسبق القاضي) أهارون باراك لم يقد الثورة الدستورية لوحده وإنما استعان بوزير القضاء دان مريدور، وهو وزير من الليكود. ومريدور وزع في العام 1992 مشروع قانون أساس: التشريع، ومنح المحكمة العليا صلاحية إلغاء قوانين. ولم ينجح بسن هذا القانون، وعندها ذهب مع باراك من أجل سن قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته".

وزعمت شاكيد أن الديمقراطية بنظرها "ليست حكم الأغلبية فقط، وإنما الدفاع عن حقوق الأقلية أيضا". لكنها أردفت "أنا مؤمنة بالمساواة المدنية للجميع ولكن ليس المساواة القومية". ورفضت إجراء تعديل على "قانون القومية" العنصري، وقالت إنه "لن نعدل قانون القومية، لكننا ندقق بإصلاحات تشريعية وامتيازات لأبناء الأقليات الذين يخدمون في الجيش".

"يجب إخراج التجمع من الكنيست"

وفي ردها على سؤال حول القائمة المشتركة، التي وصف الوزير ياريف ليفين نوابها بأنهم "خائنون"، قالت شاكيد إن "أعضاء القائمة المشتركة ليسوا مصنوعين من طينة واحدة. يوجد بينهم الذين جل عملهم هو الشعبوية وتأييد الفلسطينيين وهناك آخرون. وأعتقد أن حزب التجمع الوطني الديمقراطي (أحد مركبات المشتركة) لا ينبغي أن يكون في الكنيست. وآمل أن تشطبهم لجنة الانتخابات للكنيست وألا تتدخل المحكمة العليا، خلافا للماضي. إن نواب التجمع يتآمرون ضد دولة إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية"، وذلك بسبب طرح التجمع مشروع قانون "دولة جميع مواطنيها".

وأضافت أنه "في هذه الأثناء مررنا قانون القومية. وهذا القانون يوفر أداة للمحاكم تسمح لهم بتنفيذ التوازن، قانون القومية مقابل قانون كرامة الإنسان وحريته. والقضاة هم الذين يصدرون القرارات، وفقا لأفكارهم. ولذلك أقول إن الأمر الأهم هي هوية القاضي (السياسية)... كنت أتطلع إلى حرف السفينة من الاتجاه الليبرالي – النشط الذي قاده باراك إلى الاتجاه المحافظ (اليميني). وأعتقد أنه باختيار قضاة المحكمة العليا نجحت في ذلك".

وتابعت أنه "بإمكان المحكمة أن تأخذ الآن قانون القومية وقانون كرامة الإنسان وحريته وأن تقرر ماذا ستختار. وإذا واجهنا التماسا ضد قانون المواطنة فإنه بالإمكان الاستناد إلى قانون القومية. وإسرائيل لن تكون دولة متسللين".

وفي ما يتعلق بقرار المحكمة المركزية في القدس بشرعنة البؤرة الاستيطانية العشوائية "متسبيه كراميم"، المقام على أرض بملكية فلسطينية خاصة، قالت شاكيد إن "القاضي فعل الأمر الصحيح والعادل. وربما هذه إحدة الأدوات التي ستسمح بتشريع الاستيطان في يهودا والسامرة (الضفة الغربية المحتلة) من دون سن قوانين جديدة".

واعتبرت أن قرارها بمنع الفلسطينيين من تقديم التماسات للمحكمة العليا وإنما للمركزية فقط هو "خطوة إستراتيجية غايتها جعل حياة اليهود في يهودا والسامرة طبيعية. لم يميز ضدهم في المحاكم" رغم أنهم يسلبون الأرض بتشجيع الدولة.

وقالت شاكيد إن قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بوقف تمويل الولايات المتحدة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) يصب في مصلحة إسرائيل. واعتبرت أن "هذه فرصة كبيرة يحظر على الحكومة الإسرائيلية إهدارها. فهي تمكن من وضع نهاية للرواية الفلسطينية الكاذبة. وأونروا هي منظمة مبنية على خدعة. ومن أجل الطعام والتعليم لا حاجة لتخليد الكذبة المسماة لجوء".

وزعمت أن "اللجوء لا تورث في أي مكان في العالم. لذلك من الصواب إغلاق هذه المنظمة والاهتمام بمساعدات إنسانية عبر قنوات أخرى".