(ترجمة خاصة: عرب 48)

يقول ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إنه بدأ بالتضييق على الفساد. ولكن سلسلة الاعتقالات التي حدثت ضد وزراء سابقين وكبار الأمراء، ليلة الأحد، بدت بالنسبة للعديد من المتابعين العرب المندهشين كخطوة جريئة، ولكن خطيرة في القبض على زمام السلطة.

ضرب بن سلمان، والذي يعرف بالحاكم العنيد ذو 32 عامًا، بعضًا من أبرز الشخصيات السياسية ورجال الأعمال في السعودية ضمن محاولة جديدة منه لتحصيل السيطرة السياسية وإحداث التغيير في "مملكة النفط". وبحسب ما ذكرته قناة "العربية" الإخبارية، المملوكة سعوديًا، تضمنت حملة الاعتقالات 11 أميرًا وأربعة وزراء بالإضافة للعديد من الشخصيات الأخرى.

قال أحد الرواد السعوديين في مجال الأعمال في اتصال، يوم الأحد، إنه "يصنع دولة سعودية جديدة". مشيرًا إلى أن حملة مكافحة الفساد جاءت مع خطوات عنيفة وجدلية، بما فيها المرسوم الملكي الذي يقضي بالسماح بقيادة المرأة والقيود التي فرضها على الشرطة الدينية.

وقال أيضًا إنها "خطوة مليئة بالمخاطر"، لأن بن سلمان يتحدى كبار الأمراء والمحافظين في نفس الوقت. كان هذا الإداري، والذي يدعم بقوة جهود بن سلمان الليبرالية، متخوفًا من كونه "يقاتل على عدة جبهات في نفس الوقت".

تتضمن قائمة الموقوفين الأمير متعب بن عبد الله، ابن الملك السابق ورئيس الحرس الوطني السعودي، والذي يمثل تقليديًا، القوة العشائرية. وأشار الإداري إلى أن "الحرس الوطني كان جزءًا من التوازن بين العائلة المالكة، لكنه بدأ بزعزعة هذا التوازن"، وأضاف: "إنه جالوت الذي يستطيع محاربة الجميع".

يبدو أن بن سلمان يقوم عن عمد بتفكيك نظام الحكم التقليدي في السعودية، وهو ينخرط في عملية إجماع بطيئة وصلبة ضمن العائلة المالكة. قام الأمير الشاب في المقابل بالسيطرة على السلطة التنفيذية ووظفها بعدوانية للمضي في أجندته.

تصدرت عملية التغيير هذه المشهد قبل أسبوع، عندما استضاف بن سلمان زعماء الأعمال والتقنية من العديد من بلدان العالم. وأظهرت اعتقالات ليلة السبت، القبضة الحديدية القابعة خلف القفازات الحريرية.

وصف بن سلمان حملته في مقطع فيديو قصير انتشر في صفحات مواقع التواصل الاجتماعي السعودية، "أؤكد لك بأنه لن ينجو أي شخص دخل في قضية فساد أيًا من كان، لن ينجو سواء أكان وزيرًا أو أميرًا أو أيًا كان". ترافقت الاعتقالات مع مرسوم يدشن "لجنة عليا" للتحقيق في الفساد. تمتلك اللجنة "الحق في أخذ كافة الإجراءات الوقائية المناسبة أيًا كانت"، بما فيها الاستيلاء على الأصول ومنع السفر.

اختار بن سلمان ما يبدو أنه هدف منشود بالنسبة للسعوديين الشباب. فقد أضعف الفساد السعودية لأجيال، وأهدر الخزينة الملكية وأعاق التحديث الذي يقول ولي العهد إنه ينشده. لذا يراهن بن سلمان أن يستطيع حشد هؤلاء السعوديين الشباب، المتعطشين لمملكة جديدة، والمعادين للأمراء القدامى. كما يأمل أن تدعم المؤسسة الدينية أيضًا هذه الحملة ضد النخبة.

قال محلل سياسي سعودي آخر، في اتصال معه يوم الأحد، إن بن سلمان "يقلص دائرة الأشخاص القادرين على الاستفادة من المنبع". وأضاف: "فبدلاً من وجود 10000 مشترك في الحصة، لن يكون هناك سوى عدد قليل من المستفيدين".

تتضمن قائمة المعتقلين كبار المليارديرية، مثل رئيس شركة المملكة القابضة وأحد أبرز المستثمرين السعوديين العالميين؛ الأمير الوليد بن طلال، وصالح كامل ووليد الإبراهيم، الشريكان المؤسسان لشركة إذاعة الشرق الأوسط، وهي أولى المحطات التلفازية المحلية؛ وعادل فقيه، وزير الاقتصاد والتخطيط، والذي كان من الملازمين الأساسيين لبن سلمان قبل الانقلاب فيما يتعلق ببرنامجه الإصلاحي.

حطَّم بن سلمان الآن دائرة القيادة الخاصة بالملك السابق، عبد الله، الذي توفي عام 2015. وبالإضافة للأمير متعب، اعتقل بن سلمان الأمير تركي بن عبد الله، وهو ابن آخر بارز وكان الأمير السابق لمنطقة الرياض. كما تم اعتقال خالد التويجري، الذي كان رئيس الديوان الملكي وأمين هيئة البيعة. وفي حزيران/ يونيو، أطاح بن سلمان بولي العهد السابق، محمد بن نايف، ليفسح أمام نفسه الطريق ليخلف أباه صاحب الـ81 عامًا، الملك سلمان.

بالتوازي مع الخطاب الإصلاحي، تشبه هذه الاعتقالات توجه الأنظمة السلطوية مثل الصين. فقد استخدم الرئيس شي جين بينغ نمطاً من مكافحة الفساد مشابهًا لهذا، ليستبدل جيلاً من زعماء الحزب والجيش وليغير طبيعة القيادة الجماعية التي كان يتبناها حكام الصين السابقين.

يندفع بن سلمان مع الدعم القوي الموجه من الرئيس ترامب ودائرته الخاصة، والذي يراه مزعزعًا مشابهًا له للأوضاع الراهنة، بالإضافة إلى كونه رجل أعمالٍ غني ومتمرد شعبويٍ في نفس الوقت. يبدو أن زيارة جاريد كوشنر، مستشار وصهر ترامب، الشخصية للرياض لم تأتي مصادفةً. حيث يقال إن الأميرين قد سهرا سويةً حتى الساعة الرابعة في العديد من الليالي، وهم يتبادلون القصص ويخططون للإستراتيجيات.

اقرأ/ي أيضًا | "مروحية بن مقرن تحطمت أثناء محاولته الفرار من السعودية"

قد يشعر بن سلمان بالإطراء إذا ما وصف بأنه "ترامب السعودية"، ولكن يبدو أن مسرحية شي جين بينغ لمكافحة الفساد، هي النموذج الذي يحتذي به.


مقال بعنوان: "ولي العهد السعودي أخذ خطوة خطيرة جدًا نحو السلطة"