(ترجمة: عرب 48)

يصر سيرجيو كانافيرو أن عمليات زراعة الرأس البشري ستعمل بلا شك. وفي الحقيقة، يدَّعي كانافيرو أنه يستطيع إنجاز مثل هذه العملية خلال سنة، ويقول إنه يمتلك العدة العلمية التي تدعم ذلك. لكن هل هذا صحيح؟

حتى نهاية عام 2017، تصدر مشروع كانافيرو العنوانين الصحفية عندما ادعى الجراح الإيطالي أنه أدى هكذا عملية، والتي يسميها "مغامرة التحام الرأس" أو الجنة.

وقد أكدت الأخبار أنه لم تحدث مثل هذه العملية وأن العمل تم إنجازه على الجثث، وتساءل العديد علماء الأعصاب ما إذا بالإمكان إنجازها أم لا.

وتساءل معظم العلماء عما إذا كان هناك تقدم علمي كافي لتمكين كانافيرو لتأدية مثل هذه العملية في فصل الخريف القادم في الصين، كما يدعي ذلك.

وفي الحقيقة، تساءلوا عما إذا كانت الأبحاث ستجعل عمليات زراعة الراس خياراً متاحاً حتى في المستقبل المتوقع حدوثها فيه.

بحسب ريتشارد هارفي، الأستاذ المشارك في كلية الطب وإعادة التأهيل في جامعة نورث ويسترن، في حديث له مع فيوتشرزم، فإن واقع الإجماع الحالي حول ذلك هو: "حتى هذه النقطة، لن يكون من الممكن وصل جذع الدماغ بالحبل الشوكي بطريقة يجعلها تعمل. وفي حال حدث ذلك، سيصاب الشخص بالشلل".

"لا يمكننا إصلاح الحبل الشوكي في المرضى المصابين في نخاعهم الشوكي، لذا فإننا لا نستطيع إنجاز عملية زراعة دماغ بشكل ناجح".

ولكن هذا لا يعني أننا لن تمكن من ذلك مطلقاً.

ولا يستبعد رالف أدولفز، أستاذ علم النفس والأعصاب والأحياء من قسم الأحياء والهندسة البيولوجية في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (كالتيك)، إمكانية نجاح عملية زراعة الرأس في المستقبل القريب، وذلك بالرغم من أن العملية سننطلب التغلب على تحديات جوهرية.

وأشار لفيوتشرزم: "لا أرى أي استحالة من حيث المبدأ، لذا من المقنع إمكانية حدوثها في المستقبل، ولكنها ستحدث بخطوات صغيرة في البداية، مثل علاج الأشخاص المشلولين، وتأكد أنك ستسمع عنها عندما تُحل جميع المشاكل المطلوبة".

وبينما لا تزال إمكانية زراعة الرأس بعيدة المنال حالياً، ففي حال تقدم العلم بالشكل الكافي لإنجاح عملية واحدة، فإنها ستزيد كمية الأسئلة الجديدة والمحيرة.

فابتداءً، ما الذي يحدث للرأس المزروع في الجسد الجديد؟ فبسبب طريقة تأثير الأجزاء الأخرى من الجسد على أعصابنا وطريقة تفكيرنا وسلوكنا، هل سيخلق وصل رأس بجسد جديد شخصاً جديداً، أم سيستعيد الرأس وعيه السابق من دون تغير.

وأظهرت الدراسات الحديثة أن النشاط الذهني يمكن أن يتأثر بقوى من خارج الدماغ. فعلى سبيل المثال، كان يحاول الباحثون أن يجمعوا صورة أوضح حول كيفية تأثير الميكروبيوم (مجموع الميكروبات) – أو النظام البكتيري البيئي – على طريقة تفكير وشعور البشر.

وبينت دراسة كيف يمكن لبكتيريا القناة الهضمية التواصل مع الميكروبات الموجودة في الدماغ. فعلى سبيل المثال، يُقال إن بكتيريا القناة الهضمية الصحية تؤثر على تطور القلق والسلوكيات المرتبطة به.

ومع عملية زراعة رأس بشري، سيتعرف الرأس على ميكروبيومات جديدة في كامل الجسد الجديد. فهل سيؤثر ذلك على طريقة تفكير الشخص؟

يقول أدولفز: "قد يؤدي وجود بكتيريا قناة هضمية مختلفة على جعلك تشعر بطريقة مختلفة، وبالتالي التفكير بطريقة مختلفة، ولكنها لن تجعل تفكر مباشرةً بطريقة مختلفة لأن كل عمليات التفكير تحدث بالدماغ لا في القناة الهضمية".

"إن وجود نوع مختلف من بكتيريا القناة الهضمية قد يزيد أو يقلل من شعورك بالكسل أو يغير مزاجك، مثل ما يحدث إذا اصبت بالحمى أم لا. لذا أظن أن الإجابة هي: قليلاً، وبشكل غير مباشر فقط، مثلما تفعل الفيروسات أو البكتيريا عندما تصاب بالحمى".

إذا افترضنا إمكانية نجاح زراعة رأس بشري، سيحتاج المريض إلى فترة جيدة للتعافي كي يعود نشاط الدماغ لطبيعته. وبحسب أدولفز، قد تكون عملية التعافي مضاعفة، حيث ستبدأ غالباً بمحاولة الدماغ التكيف مع الجسد الجديد.

ويوضح: "إن الأمر يشبه لحظة تعلمنا لقيادة الدراجة، سوف تحتاج أن تتعلم كيف تمشي وتحرك يدك، وكيف تتنفس وتنظم دقات قلبك".

قد يحتاج الأمر عدة أشهر كي يتكامل الدماغ والجسد. ولكن يقول أدولفز أن "هذا يعني أن دماغك سيتغير".

يُقارن هذا التغيير نسبياً بكيفية تعلم الناس على آلة موسيقية، وكيف يتحسنون مع التمرن. وفي هذه الحالة فقط، يصبح الأمر التدرب على التحكم بجسد جديد.

ويضيف أدولفز: "سوف تتغير كشخص في عدد من الجوانب بسبب كثرة عمليات إعادة التنظيم التي تجري في دماغك وهو يتعلم كيف يتكيف مع جسدك الجديد . . . قد يكون هناك قيود على إعادة التنظيم هذه التي تعتمد على السن من بين أمور أخرى".

يمتلك فيليب دي بريغارد، الأستاذ المساعد في علم النفس والعلوم العصبية في مركز العلوم العصبية الإدراكية في معهد جامعة ديوك لعلوم الدماغ، منظراً أكثر راديكالية في هذه القضية.

حيث أخبر فيوتشرزم أنه "من غير المرجح أن جميع سماتنا النفسية تعتمد بشكل فريد على الخلايا الموجودة في دماغنا، بل الأرجح أن الكثير من سماتنا النفسية تعتمد على التبادلات المعلوماتية بين دماغنا وأجسادنا".

ويؤكد دي بريغارد أنه "ولذلك، قد يؤدي حصول تغير على الجسد إلى تغيير بعض هذه السمات النفسية". ولكن من غير الواضح إلى أي مدى يمكن لـ"جسد جديد" أن يغير السمات النفسية.

وأخبر آرثر كابلان، الرئيس المؤسس لقسم الأخلاقيات الطبية في كلية الطب في جامعة نيويورك، أن ما يمكن أن يحدث بعد عملية زراعة رأس ناجحة قد يكون صادماً مثل العملية ذاتها.

ويقول: "إن وضع رأس جديد في جسد ما يضمن الجنون بشكل تام. حيث لن يعمل تكامل العقل-الدماغ".

ويشدد أن هذه ستكون النتيجة المرجحة، حيث سيمتلئ الدماغ بمواد كيميائية وإشارات من جسد أجنبي وغير مألوف.

ويوضح هارفي أنه في حال لم يصل الشخص إلى الجنون، فإن الشخص الذي سيخرج من العملية هو مالك الرأس.

وقال لفيوتشرزم: "لذا فهي ستكون فعلياً زراعة جسد، وليست زراعة رأس".

لكن يبدو أن كاي زين، أستاذ الأحياء في كالتيك، لا يوافق على هذا الحكم.

حيث قال: "إذا نجحت العملية، سيبقى الدماغ كما هو. ولكن بحكم أنه سيكون مرتبطاً بجسد مختلف، سيكون الشخص مختلفاً كثيراً".

بالرغم من اختلافهم على التفاصيل، يتفق العلماء أن عملية زراعة الرأس قد تكون كابوساً إدراكياً وأن الشخص الذي سيخرج سيكون هو مالك الرأس، ولكن بوظائف دماغية مختلفةً تماماً ومتضررة على الأرجح.