نظم مركز "إعلام"، بالتعاون مع "كيان"- تنظيم نِسوي، وبدعم من صندوق "هانس زايدل" الألماني، مؤخرًا، ورشة مكثفة لعددٍ من المرشحات لانتخابات السلطات المحليّة العربية.

وسلطت الورشة الضوء على عمل النساء مع الإعلام، حيث شملت "آليات في كيفية التوجه إلى الإعلام، بناء الرسالة الإعلامية خاصة في مجتمع محافظ وذكوري غير متقبل لمشاركة المرأة في السياسة، مواجهة الصور النمطية التي يخلقها الإعلام، بناء حملات إعلاميّة مع التشديد على العالم الافتراضي، وكيفية مواجهة رهاب الكاميرا والتحدث في المقابلات".

مشاركات في الدورة

وامتدت الورشة على مدار 3 أيام حيث قدمها عدد من المحاضرين والمختصين من فلسطينيي الـ48 ومن فلسطينيي الضفة الغربية.

وبدأت الورشة، يوم الخميس الفائت، حيث التقت المشاركات رئيسة بلدية بيت لحم سابقا، فيرا بابون، ورئيسة بلدية حزما، شرق القدس، سمر ضيف الله.

وتحدثت كل منهما عن تجربتها في الحكم المحلي، وأشارتا إلى التحديات والصعوبات التي رافقت عمل كل منهما، بالإضافة إلى ذلك قدمتا شرحا عن نظام الانتخابات للبلديات في الضفة الغربية ومشاركة النساء فيها.

وعرفت بداية الأمر سمر ضيف الله عن نفسها، مشيرة إلى أنها دخلت المعترك السياسي مبكرًا ممثلة صوت الشباب والنساء سويةً، وأشارت إلى أنها وصلت إلى المنصب من خلال نشاطها في الجبهة الديمقراطية، حيث تشغل هناك منصب عضو لجنة مركزية.

وتحدثت ضيف الله عن "محاولات إفشال تعينيها كرئيسة لبلدية حزما وإلى مساعي إحباطها، خاصة وأنها امرأة وغير محجبة"، موضحة أنّ "تلك المساعي لم تحبطها بل على العكس زادتها قوة وصلابة في إكمال المشوار والتقديم أكثر إلى أهالي قرية حزما".

وأوضحت أنّ عددا من المعارضين لتعيينها كانوا قد راهنوا على قدرة تحملها، مشيرين أنها لن تصمد أكثر من 3 أشهر إلا أنها أثبت العكس والقدرة على إتمام المسيرة حيث لا زالت تشغل منصبها حتى اليوم منذ العام 2017.

بدورها تحدثت بابون عن تجربتها، مؤكدة بداية الحديث أنها أم لـ5 أولاد، وجدة لحفيدين، قبل أن تكون رئيسة أو قبل أن تشغل أي منصب آخر، وهي زوجة أسير كانت قد عانت كثيرا حيث اضطرت إلى تقسيم وقتها ما بين البلدية، والأبناء والزوج.

وعن تجربتها، قالت بابون، إنها بدأت كمعلمة إنجليزي بعد تخرجها من الجامعة، وإنّ "ضرورة مشاركة النساء في السياسة جاءت بعد أن تعلمت النظرية التحليلية للأدب، وبالتحديد النوع الاجتماعي في التحليل، حيث أكدت النظرية أنه إذا كانت المرأة نصف المجتمع فهي نصف صوته، ونصفه في القدرة على التغيير، ونصفه في القدرة على التعبير، الأمر الذي يجعلنا أن نحارب على هذا النصف الذي يعود لنا".

وتطرّقت إلى محاولات إحباطها وإلى الاعتداء عليها حيث تم إلقاء قنبلة باتجاه سيارتها وأيضًا عددت عدد من الحالات التي اضطرت فيها أنّ تؤكد أنّ كونها امرأة لا يعني الضعف، لا العكس فالنساء تحملن قدرة على التحمل لا يمكن للرجال حملها.

وشرحت بابون عن الفرق بين النظام الانتخابي للبلديات في الضفة الغربية وبين النظام الانتخابي للبلديات في إسرائيل، مشيرة إلى أن نظام الضفة الغربية يدعى "سانت ليغو" وهي طريقة تقلل العيوب الناتجة عن عدد الأصوات المعبر عنها وتركيبة المجتمع، مما يعني أنها تحاول أن تضمن حضور للنساء، وغيرها من الفئات المركبة للمجتمع الفلسطيني، كما تحدثت عن "الكوتا" في نظام البلديات والذي يسهل دخول النساء للسياسة.

واستمرت الورشة المكثفة، يوم الجمعة الماضي، بمحاضرة عن الإعلام العربي في أراضي الـ48 قدمتها مديرة مركز "إعلام"، خلود مصالحة، وتطرقت من خلالها إلى آليات في التوجه ومخاطبة الإعلام، وبناء الرسالة الإعلامية، وأيضا تقنيات وآليات في الحضور أمام الجمهور.

بدوره، تطرّق الخبير في العالم الافتراضي، محمود حربيات، إلى العالم الافتراضي والتسويق عبره، مكسبًا المشاركات آليات وومضات في بناء الحملات الإعلامية وتسويقها عبر العالم الافتراضي، كما تطرق إلى معطيات تشير إلى مدى استعمالنا للعالم الافتراضي مقابل الشعوب الأخرى، سواءً عربية أو غربية.

واستكمالا للورشة، ومع حضور ممثلة الصندوق المانح "هانس زايدل"، برنديت لوسي، قامت الناشطة النسوية ومركزة المشاريع في "كيان"، منى محاجنة، بتقييم اليوم وتلخيص التحديات الماثلة أمام النساء مع طرق باب طرق مواجهة هذه التحديات.

وفي اليوم الأخير للورشة، قامت النسوية والمحاضرة الخبيرة في الإعلام والجندر، ناهد أبو طعيمة، بتقديم محاضرة للمشاركات عن المقابلات التلفزيونية وطرق مواجهة رهاب الكاميرا، موضحة لهن كيفية التصرف أمام الكاميرا من حيث اللبس والجلوس، وأيضًا مقدمة ومضات فيما يتعلق بصياغة الرسالة الإعلامية ومواجهة الأزمات إذا ما اضطرت المشاركة إلى الحديث عن هذه الأزمات عبر وسائل الإعلام.

واختتمت الورشة في اليوم الأخير، عضوة بلدية الناصرة، د. رنا زهر، التي تطرقت إلى تجربتها في الحكم المحلي مقدمة للمشاركات آليات في مواجهة الأزمات السياسيّة، والتعامل مع الخصوم السياسيين، حيث لاقت محاضرتها تفاعلا من قبل المشاركات.

وفي تعقيبٍ لها، قالت مديرة مركز "إعلام" إن "فكرة الورشة جاءت بعد أنّ لمسنا الحاجة في إعلام إلى ضرورة تدريب نسائنا عامة، والمشاركات في الانتخابات خاصة، في طرق التعامل مع الإعلام، فالإعلام منصة مهمة، من خلالها يمكن التواصل ليس مع سكان البلدة فقط إنما المجتمع عامةً، إلا أنه ولهذه المنصة قد تكون تأثيرات سلبية، خاصة في أوقات الانتخابات حيث تكثر المواجهات، عليه ارتأينا أن نساعد النساء في إدارة الإعلام بالطريقة المناسبة".

وأوضحت أن "ردود الفعل والتعاون من قبل المشاركات، وأيضا تقييم الورشة أكدت الحاجة إلى مثل هذه الورشات حيث سنعمل في إعلام على تنظيم عدد منها في المستقبل القريب".

بدورها قالت، مديرة "كيان" رفاه عنبتاوي، إن "الدورة مهمة، والتفاعل معها أكد على أهميتها. النساء قادرات على خوض الانتخابات دون أدنى شك، وهنا تأتي مساعينا في دعمهن وإكسابهن آليات في مختلف الحقول، حيث نعمل معهن ليس فقط في الباب الإعلامي إنما هناك عدة ورشات في حقوق أخرى نقوم بها في كيان بشكل مستمر".

بقي أنّ نشير إلى أن المشاركات في الدورة أعربن عن مدى أهميتها وعن ضرورة عقد دورات مشابهة لما تحمله من مساعدة وتدعيم للنساء الراغبات في خوض المعترك السياسي.

اقرأ/ي أيضًا | "كيان" و"منتدى جسور" يبادران لحملة تعزز حضور النساء بالسياسة