يلجأ مئات من الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال الإسرائيلية 'اضطرارًا' للإضراب عن الطعام، ضمن معركة أطلقوا عليها اسم 'الأمعاء الخاوية'، في محاولة منهم للضغط على إدارة السجون، كي تستجيب لمطالبهم.

ونجح الأسرى، ممن خاضوا معركة 'الإضراب' بشكلها الفرديّ أو الجماعيّ، في إجبار السجّان الإسرائيلي على تلبية مطالبهم، سيّما مطلب 'الإفراج عنهم، بسبب الاعتقال الإداري'، غير القانوني.

وبدأ 1300 أسير داخل السجون الإضراب عن الطعام، الإثنين الماضي 17 نيسان/ أبريل الجاري، الموافق ليوم الأسير الفلسطيني، لتحقيق مطالب تتعلق بتحسين ظروف اعتقالهم.

معركة الأمعاء الخاوية

والإضراب المفتوح عن الطعام، هو امتناع المعتقل عن تناول كافة أصناف المأكولات والمشروبات، المُقدّمة إليهم، باستثناء الماء ورشاتٍ قليلة من الملح.

ويدخل الأسرى في سياسة الإضراب عن الطعام إما بشكل 'فردي' فتكون حينها المطالب خاصة بالأسير المُضرب، أو بشكل جماعي، فتكون المطالب خاصة بتحسين شروط الحياة داخل السجون لجميع الأسرى.

ودخل الأسرى داخل سجون الاحتلال في إضراب جماعيّ عن الطعام للمرة الأولى، في 11كانون الأول/ سبتمبر عام 1967، لمدة 65 يومًا، فيما اعتبرته المؤسسات المعنية بحقوق المعتقلين، الإضراب الأطول في تاريخ 'الإضرابات الجماعية'.

فيما سجّل المعتقل سامر العيساوي، أطول إضراب عن الطعام في السجون الإسرائيلية بشكل فردي، واستمر طيلة 227 يوما، بين آب/ أغسطس عام 2012 ونيسان/ أبريل عام 2013، احتجاجًا على اعتقاله الإداري.

وتلاه مباشرة المُعتقل أيمن الشراونة، الذي نفّذ إضراباً عن الطعام بشكل فردي واستمر طيلة 200 يومًا، (من 16 تموز/ يوليو 2012 وحتى 17 آذار/ مارس 2013).

سلاح الإضراب لانتزاع الحقوق

وبدأ الأسرى الفلسطينيون باستخدام اسم معركة 'الأمعاء الخاوية'، في ثمانينات القرن الماضي، إلا أنه أُعيد استخدامه مُجددًا خلال الفترة الأخيرة.

وتعتبر سياسة الإضراب عن الطعام، السلاح الوحيد الذي يلجأُ إليه الأسرى داخل السجون، بعد استنفاد كافة أشكال الحوارات مع إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية.

وبحسب المتحدث الرسمي باسم جمعية 'واعد للأسرى والمحررين'، عبد الله قنديل، فإن 'هذه الخطوة شبه الوحيدة أمام الأسرى، للدفاع عن أنفسهم، واسترداد أدنى حقوقهم، وإجبار السجان على الاستجابة لمطالبهم'، معتبراً أنها 'الأخطر والأقسى التي يلجأ إليها الأسرى لما يترتب عليها من مخاطر جسيمة على حياتهم'.

من جانب آخر، فإن إدارة سجون الاحتلال تتجه لتغذية المعتقلين المضربين عن الطعام 'قسرياً'، في محاولة منها لفك إضرابهم عن الطعام.

وتسببت سياسة التغذية القسرية للمعتقلين داخل السجون، بوفاة 5 منهم أثناء محاولة سجانيهم بإجبارهم على 'التغذية'، بحسب قنديل.

وأضاف أن 'سياسة التغذية القسرية تُعرض حياة الأسرى للخطر الشديد، كما إنه فيها انتهاك للحقوق الآدمية'.

وفي إطار 'التغذية القسرية'، يُقيّد أفراد إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية أيدي وأرجل الأسرى المضربين عن الطعام، ومن ثم يُدخلون أنبوباً موصول بـ'محلول تغذية' إلى أجسادهم عن طريق 'الأنف'، وفق قنديل.

واستكمل قائلاً: 'هذه عملية صعبة وشاقة، وتكمن خطورتها أنها تدخل الجسم عبر الأنف'.

كان الكنيست الإسرائيلي، قد صادق، نهاية تموز/ يوليو 2014، على مشروع قانون 'التغذية القسرية' للأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام، وهو ما رفضته منظمات حقوقية وطبية.

ويقول مركز المعلومات الوطني الفلسطيني، في تقرير له نشره على موقعه الرسمي، إن الإضراب عن الطعام رغم خطورته على صحة المعتقل إلا أنه يعتبر 'أكثر الأساليب النضالية وأهمها، من حيث الفعالية والتأثير على السلطات الإسرائيلية لتحقيق مطالبهم، كما أنها تبقى معركة إرادة وتصميم'.

وبحسب المركز، فقد توفي 5 معتقلين جراء الإضراب عن الطعام، وهم عبد القادر أبو الفحم، وراسم حلاوة، وعلي الجعفري، ومحمود فريتخ، وحسين عبيدات.

ويذكر المركز أشهر وأبرز الإضرابات التي خاضها أسرى فلسطينيون داخل سجون الاحتلال الإسرائيلية، والتي استمرت لأيام طويلة على النحو التالي:

- إضراب سجن الرملة ومعتقل 'كفار يونا' في شباط/ فبراير 1969، استمر 11 يومًا، وطالب الأسرى خلاله بتحسين كميات الطعام، وإدخال 'القرطاسية'، ورفض مناداة السجّان بكلمة (سيدي)، لكنّه انتهى بالقمع وتعريض المعتقلين للإهانة.

- إضراب المعتقلات الفلسطينيات في سجن 'نيفي تريتسا'، نيسان/ أبريل 1970، استمر لمدة 9 أيام.

- إضراب في سجن عسقلان، بتاريخ 11 كانون الأول/ ديسمبر 1976، استمر لمدة 45 يومًا.

- إضراب في سجن عسقلان، بتاريخ 24 شباط/ فبراير 1977، استمر لمدة 20 يوماً، واعتبره حقوقيون امتداداً للإضراب السابق.

- إضراب في سجن نفحة، بتاريخ 14 تموز/ يوليو 1980، استمر لمدة 33 يوماً، احتجاجاً على ظروف الحياة 'القاسية' التي عايشها الأسرى آنذاك.

- إضراب في سجن جنيد، في أيلول/ سبتمبر 1984، استمر لمدة 13 يوماً.

- إضراب في سجن جنيد، بتاريخ 25 آذار/ مارس 1987، واستمر لمدة 20 يوماً.

- إضراب سجن نفحة بتاريخ 23 حزيران/ يونيو من عام 1991، لمدة 17 يوماً.

- إضراب في غالبية السجون المركزية، بتاريخ 25 أيلول/ سبتمبر 1992، استمر 18 يومًا، واعتبر هذا الإضراب من أنجح الإضرابات التي خاضها الأسرى الفلسطينيون من أجل الحصول على حقوقهم.

- إضراب في معظم السجون، بتاريخ 18 حزيران/ يونيو 1995، استمر لمدة 18 يوماً، تحت شعار (إطلاق سراح جميع الأسرى والأسيرات دون استثناء).

- إضراب في سجن عسقلان، عام 1996، استمر 18 يومًا.

- إضراب في غالبية السجون، بتاريخ 2 أيار/ مايو 2000، استمر لمدة 30 يوماً، احتجاجاً على سياسة العزل الانفرادي.

- إضراب الأسيرات في سجن 'نيفي تريتسا'، بتاريخ 26 حزيران/ يونيو ،2001، لمدة 8 أيام متواصلة، احتجاجاً على أوضاعهن السيئة داخل السجن.

- إضراب في معظم السجون، بتاريخ 15 آب/ أغسطس 2004، لمدة 17 يوماً.

- إضراب خاضه أسرى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بتاريخ تشرين الأول/ أكتوبر 2011، استمر 21 يوماً.

- إضراب الأسيرين ثائر حلاحلة، وبلال ذياب، بتاريخ 28 شباط/ فبراير 2012، لمدة 76 يوماً.

- إضراب في غالبية السجون، بتاريخ 17 نيسان/ أبريل 2012، استمر 28 يوماً، وتم تعليقه عقب توقيع اتفاق عرف آنذاك باسم 'الكرامة'، بين قيادة 'الحركة الأسيرة'، وإدارة السجون الإسرائيلية، بوساطة مصرية.

- إضراب حوالي 120 معتقلاً فلسطينياً إدارياً، بتاريخ 24 نيسان/ أبريل 2014، احتجاجاً على استمرار اعتقالهم الإداري دون تهمة أو محاكمة.

- إضراب خاضه أسرى حركة 'الجهاد الإسلامي'، بتاريخ 9 كانون الأول/ ديسمبر 2014، استمر لـ10 أيام، احتجاجاً على سياسة العزل الانفرادي.

- إضراب الأسير خضر عدنان، بتاريخ 5 أيار/ مايو 2015 لمدة 66 يومًا، احتجاجاً على سياسة الاعتقال الإداري.

- إضراب الأسير بلال كايد، بتاريخ 13 حزيران/ يونيو 2016، لمدة 71 يوماً، رفضا لاعتقاله الإداري بدون محاكمة.

- إضراب الأسير الصحافي محمد القيق، بتاريخ تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، واستمر لمدة 94 يوماً، احتجاجاً على اعتقاله إدارياً.

والاعتقال الإداري، هو قرار اعتقال بدون محاكمة، لمدة تتراوح ما بين شهر إلى ستة أشهر، ويتم تجديده بشكل متواصل لمعظم الأسرى، وتدعي إسرائيل أنه يتم على خلفية وجود ملفات 'سرية أمنية' بحق المعتقل الذي تعاقبه بالسجن الإداري.

وتعتقل إسرائيل في سجونها 6500 فلسطيني، بينهم 57 امرأة، و300 طفل، حسب إحصاءات فلسطينية رسمية.

وبدأ الفلسطينيون بإحياء 'يوم الأسير' منذ 17 نيسان/ أبريل عام 1974، وهو اليوم الذي أطلقت فيه إسرائيل سراح أول معتقل فلسطيني، وهو محمود بكر حجازي، خلال أول عملية لتبادل 'الأسرى' بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال.

اقرأ/ي أيضًا | مطالبة الأمم المتحدة التداول بتصعيد الاحتلال ضد الأسرى

اقرأ/ي أيضًا | المتابعة تدعو لإضراب عن الطعام تضامنا مع الأسرى