في ذكرى هبة القدس والأقصى الرابعة عشرة والتي راح ضحيتها ثلاثة عشر شابا في الداخل الفلسطيني، وفي ظل المحاولات لتغييب قضية الشهداء وملف ملاحقة أفراد الشرطة الضالعين في إطلاق الرصاص وقتل الشباب، كان لـ 'عرب 48' في مدينة الناصرة جولة لاستطلاع آراء طلاب المدارس، حول الذكرى والذاكرة وما يعصف بها من تحديات في ظل مساعي المؤسسة الإسرائيلية لطمس الذكرى وشطبها من الذاكرة الجماعية لفلسطينيي 48.

وإلى جانب ما تقوم به المؤسسة الإسرائيلية، فإن لبعض الشخصيات 'التربوية' من المجتمع العربي التي تتحفظ عن الحديث عن هبة القدس والأقصى دور مؤسف، إذ برز الأمر جليا في مدارس عربية في مختلف المراحل حين حظرت وزارة التعليم الإسرائيلية أي نشاط سياسي ومحاضرات تحمل طابعا وطنيا.

 وما هو مقلق ومخجل خلال هذه الأيام وخاصة في مدينة الناصرة حيث سقط ثلاثة شهداء من أبناء المدينة، هو أن بعض الطلاب لا يعرف أسماء الشهداء الثلاثة وبعضهم لا يعرف ما جرى أصلاً، والبعض الآخر يظن أن الثلاثة عشر شهيداً هم من قاموا بردع شارون قبل أربعة عشر عاماً وقتلوا بنيران الاحتلال.

مؤشر خطير على عدم اهتمام المؤسسات التعليمية بعرض الأحداث والمناسبات الوطنية الهامة أمام الطلاب والجيل الصاعد، فمن هو المسؤول عن هذا الفراغ؟.

محمود خطيب، طالب في المرحلة الاعدادية، قال: 'ما أعلمه أنه قد استشهد ثلاثة عشر شهيدا، بسبب الدفاع عن المسجد الأقصى. بصراحة لا أعلم المزيد من المعلومات حول الموضوع ففي المدرسة لا نتعلم عما يحدث من أمور سياسية، ولكن نتناقل الأمور بيننا كشباب'.

أما الطالب عبد نخاش فقال: 'شارون كان يريد أن يدخل إلى المسجد الأقصى وتصدى له ثلاثة عشر شاباً وقتلوا، ومنهم شباب من الناصرة. هذا كل ما أعلمه حول أحداث 2000'.

وأبدى العديد من الطلاب حيرتهم عندما وجه لهم 'عرب 48' بعض الأسئلة عن هبة القدس والأقصى، كسبب اندلاعها وعدد الشهداء، في حين أن عددا كبيرا من الطلاب تهربوا من الإجابة على الأسئلة لعدم معرفتهم بها، ومنهم من قال أن اليهود دخلوا ليحرقوا كنيسة البشارة في الناصرة والبعض الآخر من أجاب بأنه لا يدري ماذا حصل.

وفي حديث مع المربية عبير حكيم – مديرة سابقة لمدرسة الزهراء في مدينة الناصرة، قالت: 'إن المسؤولية في هذا لا تقع على شخص واحد، فالمسؤولية على الجميع، وزارة التربية والتعليم لا تسمح بتمرير مواد تخص السياسة والقضايا الوطنية، أما المسؤول القريب فهو نحن في تعاملنا مع الأمر، وللأهل الدور في توعية أولادهم حول قضيتنا الفلسطينية وخاصةً الأحداث التي تجرى من حولنا، وللمربين في المدارس العربية الدور الأكبر بنقل مثل هذه القضايا للطلاب وحتى من خلال فعاليات ونشاطات تجذب الجيل القادم للمعرفة'.

وتابعت حكيم حديثها: 'إن لجنة المتابعة في كل سنة تتذكر قبل الذكرى بيوم أنه سقط ثلاثة عشر شهيداً، وعلينا أن نمرر عنهم من خلال المدارس، فتجد أن الأمر بالنسبة للجنة المتابعة مفاجئ حول الذكرى، لذا تقوم اللجنة بحث المدارس في ذكرى هبة القدس والأقصى لتخصيص حصتين تعليميتين فقط للشرح أمام الطلاب عن أحداث أكتوبر، والأمر الآخر هو سياسة التجهيل. نحن لا نقوم في البحث عن الأمر وطبعاُ الأمر متعلق بنا، ترى في البلدات اليهودية يذكرون أسماء الشخصيات المهمة والمركزية لليهودية والصهيونية التي مرت على تاريخ إسرائيل في شوارع مدنهم وأحيائهم، الأمر الذي يجعل الجيل الصاعد يطرح الأسئلة حولهم. من جهتي كمربية ومديرة مدرسة سابقة كنت أمرر المواد للطلاب وللمعلمين خاصةً، كنا في هذا اليوم نرسل مندوبين من الطلاب إلى بيوت الشهداء بالإضافة للفعاليات الأخرى التي قمنا بها ومنها زرع ثلاثة عشرة شجرة والتي تعبر عن روح الشهداء'.

وأنهت حكيم حديثها بالقول: 'كلنا نتحمل المسؤولية عن الجهل بين أوساط الشباب. الأهل لهم الدور في توعية الأولاد، وكذلك المعلمين في المدارس وحتى البلديات وكل المؤسسات التي من واجبها أن تقوم بتمرير كل المواد وكل الأمور الوطنية التي يحتاجها أبناؤنا، وعلينا عدم الاستهتار بالأمر، وعلى الطلاب أيضاُ أن يباشروا في البحث والدراسة عن قضيتنا وتاريخها'.