لا تزال مجزرة كفر قاسم الرهيبة التي اقترفت في 29 تشرين الأول/ أكتوبر من العام 1956، عشية العدوان الثلاثي (إسرائيل وفرنسا وبريطانيا) على مصر، حاضرة في وجدان أبناء كفر قاسم والمجتمع العربي الفلسطيني بالبلاد، الذين يحيون ذكراها في كل عام.

وبالعودة إلى تفاصيل المجزرة، في حينه كان الحكم العسكري مفروضا على العرب الفلسطينيين في جميع أنحاء إسرائيل طيلة 8 سنوات، فقرر الحاكم العسكري مع بدء العدوان الثلاثي فرض منع التجول المفاجئ على البلدة.

قُتل في حينه 49 شخصا كانوا عائدين من العمل إلى منازلهم بادعاء أنهم لم يلتزموا بالأمر العسكري، علما بأنهم لم يكونوا يعرفون بوجود أي أمر عسكري، فأمر قائد الفرقة العسكرية بـ'حصدهم' وعندما استفسر أحد الجنود عن معنى هذه الكلمة قال له 'الله يرحمهم'.

وفي سياق متصل، شارك وفد عن اللجنة الشعبية في كفر قاسم وممثلو أسر الشهداء في الجلسة النهائية لمحكمة الاستئناف العسكرية في تل أبيب التي تبحث منذ شهر شباط/ فبراير 2017، دعوى تقدم بها المؤرخ آدم راز بالشراكة مع اللجنة الشعبية، طالبوا فيها بالكشف على المحاضر التي ما زالت سرية لجلسات محكمة جنود حرس الحدود المجرمين الذين نفذوا مجزرة كفر قاسم، إضافة إلى الاطلاع على الأحراز والوثائق والبيانات المادية المختلفة ذات العلاقة.

الوفد رئيس اللجنة الشعبية، الشيخ إبراهيم عبد الله صرصور، وأبناء الشهداء: حمد الله يوسف صرصور، ويوسف عبد عيسى، ومحمد أحمد فريج، وأعضاء اللجنة الشعبية: عناد إبراهيم أبو الحسن، وزاهر صالح صرصور، وممثل البلدية وعضوها سليمان إبراهيم عقيلي، وممثلي موظفي البلدية: نادر سليم عامر وإبراهيم صالح بدير، وآخرين.

نحو 600 صفحة من بين ألفي صفحة، هي عدد صفحات محاضر جلسة محكمة مجزرة كفر قاسم التي ما زالت سرية للغاية، والتي لا يمكن الحصول عليها أو الاطلاع على فحواها ومضمونها إلا بقرار من رئيس محكمة الاستئناف العسكرية.

يجري التداول في المحكمة العسكرية في تل أبيب (هكريا) منذ أشهر طويلة، في طلب المؤرخ راز الكشف عن المحاضر ومتعلقات المحكمة، وخصوصا ما له علاقة بـ"خطة الخلد" التي أشارت الكثير من المصادر إلى أنها وُضِعَتْ لطرد سكان المثلث العرب الفلسطينيين تحت غطاء العدوان الثلاثي الكثيف على مصر، الأمر الذي يجعل من فرضية العلاقة بين المستوى السياسي والعسكري الإسرائيلي في وقت وقوع المجزرة في 29.10.1956، وجريمة المجزرة أمرا لا نقاش فيه.

وأكد أبناء الشهداء للصحافيين الذين تواجدوا في قاعة المحكمة أن من حقهم معرفة الحقيقة كاملة حول مقتل آبائهم بدم بارد دونما ذنب اقترفوه على يد جنود دولة إسرائيل، وأكدوا أن "استمرار إسرائيل في رفضها الكشف عن المحاضر السرية، إضافة إلى رفضها الاعتراف بمسؤوليتها القانونية والسياسية والأخلاقية عن المجزرة لغاية الآن، يعني بالنسبة لنا أن دم الشهداء جميعا ما زال يصرخ طالبا تحقيق العدالة الغائبة، وأن التهديد ما زال قائما".

وأكد رئيس اللجنة الشعبية في كفر قاسم، الشيخ إبراهيم صرصور، أن "تعامل إسرائيل مع كفر قاسم على وجه الخصوص منذ وقوع المجزرة، ومع المجتمع العربي على وجه العموم، يثبت بما لا يدع مجالا للشك أن ذات العقلية التي ارتكبت المذبحة قبل 62 عاما، هي ذاتها التي ما زالت المسيطرة على السلوك الإسرائيلي في المجالين، المدني والأمني، على حد سواء".

وأضاف أن "مطلب بلد الشهداء من المحكمة العسكرية الكشف عن كامل المحاضر ذات العلاقة بالمجزرة، يأتي طبيعيا جدا من أجل ضمان ألا تتكرر مرة أخرى. وإصرار إسرائيل على رفض الكشف عن المحاضر بدعوى 'المس بأمن الدولة وعلاقاتها الخارجية'، كما جاء على لسان النيابة العامة، هو أصدق شاهد على أن إسرائيل لم تستخلص العبر ولن تتعلم الدرس".

وختم صرصور بالقول إنه "من العجيب أن تنعقد جلسة المحكمة العسكرية في ظل قانون 'القومية' الذي تدعمه الحكومة ورئيسها بكل قوة، والذي يهدف إلى محو ما تبقى من الحقوق الأساسية المحدودة جدا للمواطن العربي كفرد وكمجموع قومي، الأمر الذي يخيفنا من جهة، ويفرض علينا مواصلة النضال بكل الطرق المشروعة من أجل حماية أنفسنا أمام تغول الدولة بكل مؤسساتها".

اقرأ/ي أيضًا | مجزرة كفر قاسم: استعدادات واسعة لإحياء الذكرى الستين