أصدرت رابطة السايكولوجيين العرب، الجسم التمثيليّ للاختصاصيين النفسيّين العرب في البلاد، بيانًا أشارت فيه إلى أن "’قانون القوميّة’ يُعدّ اسمًا واضحًا وجارحًا في عنفه السياسيّ لمشروع نفي الآخر الأصلانيّ، واستئناف السطو على إنسانيته وهويّته ولغته وبيته وحق عودته".

وبيّنت رابطة السايكولوجيين أنه "ثمّة إجماع مهنيّ وعياديّ أن لا يمكن لصحّة نفسيّة أن تزدهر ولا لممارسات علاجية أن تتحقّق أخلاقيًا في ظلّ نظام سياسيّ يحتكم إلى قوانين عنصريّة".

وقالت الرابطة إن "هذا القانون الأبارتهايديّ، يفتح الباب على مصراعيه لشرعنة وتكريس ممارسات النكبة المستمرة، وبُنى الإقصاء الاجتماعيّ والسياسيّ التي استهدفت منذ عام 1948 الفلسطينيين الباقين في أرضهم بعد تهجير غالبيتهم وتمزيق مجتمعهم والاستيلاء على أراضيهم ومحاصرة حرّيّاتهم ومقوّمات حياتهم".

وأكّدت الرابطة أن القانون لا يقتصر "على مصادرة الحق الأساسيّ بالمساواة بل ينقضّ دستوريًّا على حيّز المواطنة الضيق والهشّ أصلًا للمواطنين الفلسطينيين في الدولة ويواصل تهجيرَهم واقعيًّا ورمزيًّا إلى غيتوهات مُستَضْعَفة ومْستَباحة من العنصريّة الشعبيّة والمؤسساتيّة".

وأضافت: "بينما عثرت العنصريّة الشعبيّة في "قانون القوميّة" على تصريحٍ رسميّ بالانفلات والتغوّل في عنفها وصولًا إلى محاولات القتل كما شهدنا في الاعتداءات العنصريّة الأخيرة ضدّ المواطنين العرب، تواصل العنصريّة المْؤسَّساتيّة اسْتشراسَها الجليّ في مُؤشّرات الفقر والتمييز الصارخ والمنهجيّ في توزيع الموارد وتوفير الخدمات الصحيّة والتعليميّة وتطوير البُنى التحتيّة وفي الاستئثار بالمقدرّات واستثمارها في ترسيخ سياسات التهويد والتهجير والتجهيل الثقافي والقوميّ، بما في ذلك الإطاحة باللغة العربية كلغة رسميّة، في الوقت الذي يتواصل فيه الاستعمار الاحتلاليّ الأبارتهايديّ ضدّ الفلسطينيين في الأراضي المحتلّة عام 1967".

وجاء في البيان أن "الأدبيات النفسيّة والاجتماعيّة والأنثروبولوجيّة، تتناول الأثمان الإنسانيّة الباهظة التي يدفعها الأفراد في المجتمعات الواقعة تحت الاستعمار والأنظمة العنصريّة، وتَستَحْضِر، إلى جانب تعبيرات الحَصانة والمقاوَمة، أشكال المعاناة النفسيّة والاجتماعيّة والآثار الصدميّة العابرة للأجيال التي يُفاقِمُها الهَوَس الاستعماريّ بإذلال الجَماعة الأصلانيّة بادّعاء السّيادة العرقيّة والقوميّة والحضاريّة على الأرض والرواية والخطاب. مُدَجّجًا بقوّته الفائضة وبمفاهيم مضطّربة وناقِصة عن الحقّ والديمقراطيّة والحرّيّة".

وأكدت الرابطة أن "المستعمِر يسعى إلى إحكام ’انتصاره العنصريّ’ على الذات الأصلانيّة و اسْتدراجِها إلى الصّمْت والغياب، واعتقالِها في دوّامة نفسيّة قِوامُها الخوف والدونيّة والاغتراب والغضب العاجز الذي يوجّه اكتئابيًّا وانسحابيًّا إلى الذات فرديّةً كانت أم جمعيّة".

وأوضحت أن من شأن "الاستقواء العنصريّ الرسميّ والشعبيّ بمضامينه الصدميّة الهدّامة أن يتسبّب بخراب مستديم في النسيج الفكريّ والعاطفيّ للمجتمع المُستَهْدف وبوهَنٍ متراكمٍ في الصحّة النفسيّة لأفرادِهِ يعكسه ارتفاع معدّلات العنف الفرديّ والأسريّ والمجتمعيّ وضمور الحيويّة والمعنى والإبداع واهتزاز القدرة على تقدير الواقع والتكيّف معه وعلى استشراف المستقبل".

وختمت الرابطة كلامها بالقول: "نحن كاختصاصيين نفسيّين عرب فلسطينيين في البلاد نناشد زملاءنا في الجمعيات المهنية للصحّة النفسيّة في البلاد والعالم على اختلاف تخصصاتهم النفسيّة والطبّية والاجتماعيّة اتخاذ موقف أخلاقي ومهنيّ من هذا الانزلاق المدروس والمعلن نحو جحيم قمعيّ مسموم ومذموم ومناصَرة النضال العابر للهويّات من أجل كرامة إنسانيّة للجميع وعدالة اجتماعية وسياسيّة وتاريخيّة لكلّ المنفيّين عن وطنهم وعن مواطنتهم في هذا المكان المنذور للإنسان، وفي كلّ مكان".