بمبادرة من الهيئة العربية لدعم رافضي الخدمة في الجيش الاسرائيلي، عقد في مدينة جنيف السويسرية لقاء تواصل بين وفد من لبنان ووفد من اراضي العام ٤٨، يمثل مختلف الاطر الوطنية. وضم الوفد اللبناني، رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني الأمير طلال ارسلان، والسكرتير التنفيذي للهيئة العربية لدعم رافضي الخدمة في الجيش الاسرائيلي بسام القنطار، القيادي في الحزب الديمقراطي منهل العريضي، ومستشار ارسلان الباحث حسن حمادة. في حين ضم وفد اراضي العام ٤٨: الشيخ علي معدي رئيس لجنة التواصل الوطنية الدرزية، احسان مراد رئيس حركة الحرية للحضارة العربية، واعضاء الحركة المحامي يامن زيدان والاسير المحرر على خلفية رفضه للخدمة فادي نفاع وثائر خير، عضو لجنة المبادرة الدرزية نايف سليم، عضو ميثاق المعروفيين الاحرار حمد صلالحة.

وصدر عن المجتمعين ما اصطلحوا على تسميته "إعلان جنيف" وجاء فيه:

الهوية العربية

لا يحتاج أبناء الطائفة العربية الدرزية الى التأكيد على هويتهم العربية، وهم ابناء العروبة البررة، ولهم دورهم الخالد في معارك نضال الشعب العربي التحرري، من معركة حطين التي وقفوا فيها الى جانب محرر القدس القائد صلاح الدين الايوبي، الى دورهم في حماية الثغور بوجه غزوات الفرنجة، الى دورهم التاريخي في التأسيس الفكري والثقافي للنهضة العربية المعاصرة من خلال كوكبة من الادباء والمفكرين على رأسهم أمير البيان شكيب ارسلان، مروراً بالثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الاطرش، الى معركة المالكية التي قادها الأمير مجيد ارسلان، وصولاً الى نضالات المعلم كمال جنبلاط الى جانب حركة التحرر الفلسطيني، وقافلة الشهداء الذي سقطوا على درب التحرير والعودة. من هؤلاء جميعاً يستمد المجتمعون عزيمتهم في المضي قدماً على درب النضال، وفي الحفاظ على التاريخ الناصع، وعلى رفض الضيم ومقاومة الظالمين والدفاع المجيد عن الحقوق والكرامة متخطين حواجز التفرقة والترغيب والترهيب جميعها.

التواصل

إن التواصل هو عملية علنية ذات رسالة واضحة، نؤكد من خلالها أن علاقتنا بشعبنا هي علاقة حق طبيعي بالنسبة لنا وواجبنا ومسؤوليتنا أن نعززها ونوسعها آخذين بالاعتبار أن "إسرائيل" تتعامل معها كمسألة أمنية. لكن واجبنا هنا أيضاً أن لا نرهن أي حق طبيعي لنا وأية علاقة ببعدنا الفلسطيني والعربي بالمزاج الإسرائيلي ولا لقواعد لعبة قمعية تتناقض مع حقنا – حق الإنسان الطبيعي والذي يصونه القانون الدولي.

المقامات الدينية المقدسة

يؤكد المجتمعون رفضهم القاطع لاستغلال السلطات الاسرائيلية للمقامات الدينية المقدسة في فلسطين المحتلة، كأداة تحاول من خلالها غرس الفكر المتعلق بقضية التجنيد وحلف الدم المزعوم، داخل أطفالنا وربطه بالدين وذلك من خلال الطقوس العسكرية والسياسية داخل هده المقامات.
وبناءا على ذلك نطالب المجلس الديني في اراضي العام ٤٨ منع إجراء أي من هذه الطقوس في المقامات، لانها مقامات للتنسك والتعبد والتقرب الى الله وليست مكاناً لقسم اليمين العسكري والاحتفال ببدعة "يوم الجندي الدرزي" ولا مكاناً للاحتفال بما يسمى "عيد استقلال اسرائيل" الذي سيبقى يوماً لنكبة الشعب الفلسطيني.

كما اننا نتسمك بحق ابناء الطائفة الدرزية في اراضي العام ٤٨ بزيارة المقامات الدينية المقدسة في لبنان وسوريا على غرار ما يمنح لبقية الطوائف، ونعتبر ان رفض السلطات القضائية منحهم الاذن بالسفر الى زيارة هذه المقامات هو انتهاك خطير لحرية الرأي والمعتقد وتضييق على حرية ممارسة الشعائر الدينية. كما يؤكد المجتمعون أن الطائفة العربية الدرزية ستبقى في صلب الاسلام والعروبة وسيفه المدافع عن الحق.

اسرى الحرية

يتوجه المجتمعون بتحية فخر واعتزاز الى الشباب الدروز الذين يقبعون في السجون العسكريّة الإسرائيليّة والاسرى المحررين من هذه السجون والذي هم ضحايا التجنيد القسري المفروض بقوة القانون.

هؤلاء الابطال هم اسرى سياسيين وهم جزء من الحركة الاسيرة في السجون الاسرائيلية، اختاروا أن تُقيد أيديهم بالاصفاد بدل ان تحمل البنادق التي تصوب الى صدور إخوانهم في غزة والضفة الغربية.

ويؤكد المجتمعون أن مهما تكتم الناطق العسكري الإسرائيلي عن حالات الرفض المتنامية في اوساط الشباب الدروز، فإن الاحصاء الرسمية الإسرائيلية والدراسات البحثية التي تنشرها مراكز الابحاث الصهيونية، تؤكد ان هذه الظاهرة حاضرة بقوة، وأن الشباب الدروز يرفضون حلف الدم المزعوم، وهم تواقون للتأكيد على حلف الدم الذي كرسه اجدادهم الذين قاوموا المحتل والمستعمر.

التوصيات

١- يعتبر المجتمعون أن لقاء جنيف الذي ضم مختلف الاطر الوطنية التي تعمل على رفض التجنيد والتواصل القومي والتي تأطرت فيما يعرف بالهيئة العليا لرفض الخدمة الاجبارية والتطوعية في الجيش الاسرائيلي، يشكل محطة هامة لتفعيل إطار تنظيمي ديمقراطي للحوار والتشاور والتنسيق والعمل المشترك والتكامل والتضامن بين جميع العاملين على دعم رافضي الخدمة، والتنسيق والتعاون والدعم على كافة الأصعدة مع جميع الاحزاب والقوى الوطنية والعربية داخل اراضي العام ٤٨، التي تدعم اهداف الهيئة بكافة الوسائل الممكنة.

٢- العمل على مواجهة الإشكاليات والمعوقات السياسية والاجتماعية والقانونية والمالية التي تواجه الشباب الرافض للخدمة، وكشف انتهاكات حقوق الإنسان بكافة صورها وأشكالها.

٣- الإسهام الجاد والموضوعي في تشجيع ودعم التواصل القومي بين مختلف مكونات الجماهير العربية في اراضي العام ٤٨، والعالم العربي لا سيما الدول المجاورة لفلسطين.
٤- تنظيم الاجتماعات والندوات والمؤتمرات وورش العمل، بهدف تحديث الاحصاءات وتوثيق التجارب وتكريم المناضلين من اسرى سابقين وناشطين.

٦- تفعيل إصدار الدراسات والكتب والنشرات والمواقع الكترونية وبيانات المتخصصة وذلك بهدف ردم الفجوة الكبيرة في العالمين العربي والاسلامي حول حقيقة ما يعانيه ابناء الطائفة العربية الدرزية في فلسطين.

مجلس حقوق الانسان

وكان الوفد اراضي العام ٤٨، قد شارك في اعمال الدورة الرابعة عشر لمجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة حيث دعا الوفد هيئات الامم المتحدة المعنية بحقوق الانسان الى تفحص مدى التمييز اللاحق بالجماهير العربية في اراضي العام ١٩٤٨، وخصوصاً العرب الدروز، ومدى الاجحاف بالتعامل معها وعمق المؤامرة ضدها من خلال منهج التعليم الدرزي الهادف لمحو الهوية العربية للدروز، وابعاد الشباب الدرزي عن تاريخه القومي والوطني وسلخهم عن محيطهم. ولفت الوفد الانتباه الى أن التقرير الاسرائيلي الذي قدم الى "فريق العمل المعني بالإستعراض الدوري الشامل" الذي ينظمه مجلس حقوق الإنسان يتضمن الكثير من المغالطات والتعمية عن التميز العنصري الممارس.

وطالب الوفد بضرورة تنبه كل من خبير الامم المتحدة المستقل المعني بقضايا الأقليات، والمقرر الخاص المعني بالسكن اللائق، والمقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان والحريات الأساسية للسكان الأصليين، ولجنة القضاء على التمييز العنصري، والمقرر الخاص المعني بالآثار الضارة لنقل وإلقاء المنتجات والنفايات السمية والخطرة بصورة غير مشروعة، والمقرر الخاص المعني بحرية الدين والمعتقد، واللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والمقرر الخاص المعني بالصحة، بضرورة ان تشمل تقاريرهم المقبلة حالة المجتمعات العربية في "اسرائيل" والتي تعاني الكثير من المشاكل على عكس ما تبرزه التقارير الرسمية الإسرائيلية خصوصاً لجهة التمييز اللاحق بالشباب الذي يرفضون الالتحاق بالخدمة، اضافة الى منع السكان من الاستفادة من الثروات الطبيعية في قراهم (اخشاب الغابات، النباتات الطبيعية .. إلخ) وذلك تحت شعار حماية الطبيعية، في الوقت الذي لا تكترث الدولة لخطر الانشاءات العشوائية التي تقيمها شركات الإتصالات في القرى العربية والتي تسبب امراض سرطانية للسكان الذين يحاولون منعها بطرق سلمية على غرار ما حصل في قرية البقيعة في العام 2007.

كما طالب الوفد بضرورة الزام اسرائيل باحترام قرارات هيئات الأمم المتحدة، والوفاء بإلتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي؛ وتعديل القوانين واللوائح التنظيمية والسياسات المتعلقة بحرية الاجتماع، والحق في الاحتجاج على الانتهاكات المتعلقة بحقوق الانسان، لا سيما التجنيد الإجباري والخدمة العسكرية في صفوف الجيش الإسرائيلي، التي تشكل مساً في الحقوق القومية والإنسانية المتعارف عليها في كل الدول المتحضرة في العالم، حيث أن أبناء الأقليات القومية في الدول المختلفة معفيون من الخدمة الإلزامية فكم بالحري إذا كانت الدول التي يعيشون فيها في حالة حرب مع أبناء شعبهم.

...