شاركت جماهير غفيرة من كابول والمجتمع العربي، اليوم السبت، في مراسيم الاحتفاء بالمحرر محمد إبراهيم والذي عانق الحرية بعد عام من الاعتقال الإداري، وتقدم الاحتفال قيادات ناشطة بالفعاليات لنصرة الحركة الأسيرة وقيادات من مختلف الحركات والأحزاب السياسية والوطنية الفاعلة.

وخصص الاحتفال أيضا لإسناد ودعم الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال الإسرائيلي والتي تخوض لليوم السادس على التوالي معركة 'الحرية والكرامة'.

وأفرجت السلطات الإسرائيلية عن إبراهيم، الخميس، بعد 11 شهرا أمضاها بالسجون، وذلك وسط فرحة كبيرة للعائلة وأهالي القرية الذين تضامنوا طوال فترة اعتقاله مع العائلة ومعه بعد أن قبع داخل السجن بأمر إداري منذ 10.5.2016.

افتتح المهرجان الاحتفالي رئيس اللجنة الشعبية في كابول؛ وليد طه، قائلا: 'ألف تحية لابننا ابن فلسطين الشاب الصادق الخدوم المبدئي الحر الكريم محمد إبراهيم؛ والذي دفع على مدار سنة تقريبًا حريته من أجل قضية حق وعدل ويتبقى قضية اعتقاله وصمة عار في جبين سجانيه، أرادوه مكسورًا مهانًا؛ لكنه كسر عزيمة سجانيه وخرج بهامة وعزة وخرج مكللاً بالآباء والقامة التي تناطح السحاب وألف تحية لأهلنا وأخواتنا بمعزل عن الانتماءات السياسية'.

من جانبه، حيا رئيس مجلس محلي كابول، صالح ريان، في كلمته المحرر ابن بلده وبعث برسالة تقدير ودعم وإسناد للحركة الأسيرة التي تخوض إضرابا عن الطعام في سجون الاحتلال الإسرائيلي.

ورحب رئيس المجلس في الحضور وأثنى على جهود كافة الفعاليات والحركات والأحزاب التي كانت شريكة في الفعاليات التضامنية والمساندة في معركة تحرر ابن كابول والتي وصفها بمثال البطولة والتضحية، وأشاد بتجربة الإرادة والصمود في وجه الكيد والتزوير والباطل.

وقال ريان في كلمته: 'لقد كانت هناك تحركات شعبية رائعة من أجل تحرير الأسير محمد ابراهيم؛ هذا الشاب الرائع الذي سطر زاوية في تاريخ الحركة الأسيرة، واليوم نحتفي معًا وسويًا بتحرير محمد، الذي اثبت صمودًا وثباتًا وعزمًا وارادة وقوة رغم قوة الاحتلال'.

 زحالقة  حذر من أي محاولة لإطعام الأسرى قسرا

وجاء في كلمة النائب جمال زحالقة: 'بداية نهنئ الأسر المحرر محمد إبراهيم على الإفراج عنه، ونتمنى له الاستمرار في الصمود والنضال من أجل الدفاع عن المسجد الأقصى، وهذا بالنسبة لنا شرفٌ عظيم'.

وقال زحالقة إن 'إضراب الأسرى لم يكن قرارًا مستعجلاً أو قرارًا اتخذ دون دراسة، أشهرٌ طويلة، وربما أكثر من ذلك، كان هناك بحث للموضوع، وحين اتخذ القرار، جاء بعد تفكير عميق ومشاورات، كان الهدف أن يشارك جميع الأسرى في هذا الإضراب، ولكن أهمية الإضراب فاقت أن يشارك الجميع فيه من بداية الطريق'.

وتابع: 'أنا سأتحدث عن رسالة الإضراب، حتى لو لم تكن الوحدة والمشاركة من الجميع فرسالة الإضراب هي رسالة وحدة، وأنا أدعو الجميع إلى المشاركة في هذا اللقاء حتى يتحول هذا اللقاء إلى نقطة تحول في النضال الفلسطيني'.

وأضاف زحالقة: 'كثيرون سألوا ما علاقة الطعام والاتصال الهاتفي، بتحرير فلسطين؟، وقف الاعتقال الإداري هي مطالب حياتية، ومهم للجميع أن يعرف أن كل مطالب الأسرى هي أشياء كانت لديهم وأخذت منهم، وبالنسبة للأسير والسجين حتى الأشياء التي تبدو لنا صغيرة وبسيطة بالنسبة لهم مهمة جدًا، مهم جدًا للأسير الذي أمضى عشرات السنين نوعية الأكل الذي يتناوله، مهم جدًا له الصابون الذي يصلهم، مهم جدًا إذا تمكن الأسير من الحديث مع ابنه، وكم تستمر الزيارة، كل مطالب الأسرى تستند إلى قواعد ثابتة وقوية'.

القاعدة الأولى هي القانون الدولي، تابع زحالقة قائلا: 'فإسرائيل تخرق القانون الدولي بمجرد وضع الأسرى في سجون داخل إسرائيل، لأنّ القانون الدولي يحرم ذلك ويقول بأن سجون الاحتلال هي خارج الدولة وليست في الدولة المحتلة'.

وأكد أن هناك خرق في القانون الدولي في ظروف كثيرة، ولكن ليس أقل من القانون الدولي أهمية هو مكاسب الحركة الأسيرة، هي لم تأتِ منّة من سلطات السجون، بل هي مكاسب اكتسبها الأسرى عبر نضال مرير، وسقط فيها شهداء في إضرابات في السبعينات والثمانينات عن الطعام، هناك من أضرب وواجه وحصلوا على إنجازات ومكاسب، اليوم أُخذت كلها منهم.

وقال زحالقة: 'أنا لا أتحدث عن موضوع المساواة مع الأسرى، حتى قاتل رئيس الحكومة أفضل من ظروف اعتقال أسرانا في السجون، هناك ثلاثين سجين إسرائيلي على جنح أمنية، وظروفهم في كل المجالات، العطل، وغيره هي أفضل من ظروف أسرانا. وما أريد قوله أنّ هذا الإضراب بدأ حتى يحقق المكاسب، ولن يكون أي تراجع عن الإضراب إلا بتحقيق المطالب التي وضعها الأسرى'.

وتوجه بكلمته للأسرى بالقول: 'نحنُ نقول لأسرانا جميعًا بلا استثناء، من كل التنظيمات، نحنُ معهم بالكامل، في كل مطالبهم مطلب الحرية، ومطالبهم الأخرى نحنُ معهم، وندعمهم فهم ضحايا الاحتلال بغض النظر عن أية تهمة وجهت لهم، فهم الجهة التي تناضل من أجل الحرية وإسرائيل هي الطرف الذي يريد أن يقمع الحرية. هنا ضحية تتحدى مصيرها بالتضحية، لا يوجد وطنية بدون تضحية. وهؤلاء الأسرى ضحوا وهم يعرفون أنّ وقوفهم ضد الاحتلال سيدفعون ثمنًا، إما الشهادة إما السجن أو الملاحقة، ونحنُ شعبٌ مستعد للتضحية، ولم تكن مشكلة شعب فلسطين في يوم من الأيام عدم استعماله للتضحية، وشعبنا مستعد للتضحية'.

وحذر زحالقة من أي محاولة للقيام بإطعام الأسرى قسرًا، وطالب الأطباء الفلسطينيين في الداخل إلى عقد اجتماع سريع استباقًا يعلن فيه موقف واضح ضد الإطعام القسري.

وتوجه للأطباء العرب بالقول: 'نحنُ نريد لأطبائنا أن يتحركوا في نقابة الأطباء الإسرائيلية التي أعلنت في جلسات الكنيست أنّ الإطعام القسري هو نوع من التعذيب ومحرم على الأطباء، ويجب أن يكون هناك صوت وموقف والضغط على الطاقم الإسرائيلي، وقيام أي طبيب بإطعام الأسرى، سيتم ملاحقته دوليًا، ويجب البدء بالتحرك فيه، ونحنُ نتحدث عن 1600، وقد تتدهور حالتهم الصحية ويمكن أن تلجأ إسرائيل للإطعام القسري خلال فترة ليست بعيدة'.

خطيب: لم ينكسر محمد لإرادة التهديد ولا للقيد الذي هددوه به

من جانبه، قال رئيس لجنة الحريات كمال خطيب في كلمته: 'الأخوة والأخوات جميعًا، العريس محمد والده ووالدته وأهله وأهل بلده يحق لكم أن تهنئوا وتسعدوا ونحنُ معكم، بأن بين هذا السجن قد انتهى وأشرقت شمس حرية محمد، بفضل الجهد الذي بُذل مناصرةً لقضية محمد إبراهيم، ما معنى أن يمر إحدى عشرة شهرًا، دون لائحة اتهام، ليس لشيء إلا للتأكيد أنّ النتيجة كانت واضحة منذ اللحظة الأولى، ولأنّ هذه المؤسسة أرادت أن تجعل محمد عبرةً حتى ينفك الناس، وحتى يتراجع زخم المناصرة للقدس والمسجد الأقصى المبارك.

وتابع خطيب: 'السجن دائمًا وسيلة للإذلال وللمساومة ووسيلة لكسر الإرادة، محمد إبراهيم أرادوا مساومته على حبه للمسجد الأقصى، أنتَ طوال الوقت في المسجد الأقصى، وإذ بهم يزجونه في السجن، وها هو محمد يخرج من السجن بقامة مرفوعة دون أن يُساوم، وتأكيدًا من أهله أنه لن يُساوِم، هذا العشق والحب لمحمد جعله فعلاً يترك أهله وبيته ويذهب للصلاة في المسجد الأقصى، ولم ينكسر محمد لإرادة التهديد ولا للقيد الذي هددوه به'.

يُشار أّن هناك أسيرًا معتقلاً من أم الفحم هو محمد خالد جبارين، وسيطلق سراحه يوم 2/5، بعد اعتقاله لمدة 14 شهرًا، والتهمة مرّة اخرى الرباط في المسجد الأقصى، وعليه ستجتمع لجنة الحريات مع بلدية أم الفحم لإجراء برنامج استقبال واحتفال بالأسير محمد خالد جبارين، كما تم الاحتفال بلينا الجربوني.

وذكر خطيب ببرنامج لجنة الحريات والمتابعة لنصرة الحركة الأسيرة في إضراب الحرية والكرامة، مستعرضا النشاطات التي أُقرت والتي تمثلت بالتالي: الاثنين 24/4 اعتصام أمام سجن مجيدو، الساعة الخامسة والنصف، يوم الأربعاء اعتصام أمام سجن الجلمة، ويوم الجمعة عصرًا الساعة الخامسة كل القرى والمدن واللجان الشعبية للمشاركة في وقفات كلٌ في منطقته وبلده.

بركة: قضية الاسرى هي قضية شعب كامل

أما رئيس لجنة المتابعة محمد بركة، قال خلال الاحتفاء بالأسير المحرر:' قبل أكثر من شهر، كان هنا في كابول مهرجان تضامني مع المعتقل محمد ابراهيم، وتزامن المهرجان في ذلك الحين، مع إقرار بالقراءة التمهيدية لقانون حظر الأذان. واليوم نعقد مهرجانا، لتهنئة ابراهيم بالتحرر من الاعتقال، بالتزامن مع خوض الأسرى في سجون الاحتلال اضرابا عن الطعام، بطلب تحسين ظروف اعتقالهم. والرابط بين حظر الأذان، وظروف اعتقال الأسرى هو استبداد العنصرية الإسرائيلية'.

وتابع: 'إن موضوع الأذان ما زال مطروحا، وعلينا مواصلة النضال ضده، ولكن نقول مرّة أخرى ما قلناه من قبل، أن هذا القانون في حال إقراره نهائيا، فإن مكانه ومكانته في سلة المهملات، لأنه لا يجوز بنا أن نقبل بقانون يتطاول على جزء من مشهد وتضاريس الوطن والأنسان. واليوم نؤكد ما قلناه على مر العقود، أن قضية الاسرى هي قضية شعب كامل. وكل يوم يمر على هذا الإضراب، يشكل خطرا على حياة الأسرى، خاصة وأن بين المضربين مرضى وكبار في السن، وما من شك أن الإضراب سيشكل خطرا على حياتهم'.

وأضاف بركة: 'علينا أن نوصل قضية الأسرى لكل جهة محلية وعالمية. وكل من يستطيع أن يقدم شيئا لقضية الأسرى عليه أن يفعل، لنجعل منها حالة عامة، وقضية مثارة طيلة الوقت على جدول الأعمال. لأنه بالنسبة لبعض الأسرى، فإن غدا قد يكون متأخرا بالنسبة لهم، وأنا أقول هذا ليس من باب المبالغة، وإنما من باب الحقيقة'.

المحرر إبراهيم: الأسرى بحاجة إلى دعم الشعب الفلسطيني حتى ينالوا حريتهم وكرامتهم

وكانت الكلمة الأخيرة، للأسير المحرر محمد إبراهيم قائلاً: ' عانقت الحريّة بعد اعتقال إداري لحوالي عام ظلمًا وعدوانًا، ودون توجيه أي تهمة ودون ثبوت أي شُبهة، وليس لنا من تهمةٍ إلاّ حبّ فلسطين والقدس والأقصى والرّباط فيه والحرص على شدّ الرّجال إليه'.

وتابع المحرر إبراهيم: 'إحدى عشر شهرًا انقضت منذ اعتقالي حتّ إطلاق سراحي، في تاريخ 16.5.2011، داهمت بيتنا في ساعات متأخرة من الليل قوة كبيرة من قوات الشرطة والأمن وأحدثوا جوًا إرهابيًا فتشوا المنزل وبثوا فيه وصادروا ما صادروا، واقتادوني إلى مقر التحقيق لدى المخابرات، لقد كان تحقيقًا شاقًا، ففي إحدى المرّات استمرّ التحقيق اثنتي وعشرين ساعة متواصلة، صحيح أنه لم يكن هناك تعذيبٌ جسدي، ولكن كان تعذيبًا نفسيًا مميتًا. وكنتُ على قناعة أنني لم أقترف جرمًا سوى أنّني أحبّ فلسطين والقدس والأقصى، وبنظري هذه ليست تهمة بل شهادة اعتز بها لكنّها بنظرهم هذه جريمة نكراء لأنّهم يريدوننا جيلاً خُنّعًا لا هوية لنا ولا انتماء'.

وفي التحقيق، يقول إبراهيم: 'بدأوا يفبركون الاتهامات الخطيرة والادعاءات الباطلة التي لا أساس لها من الصحة وهدفها التخويف والترهيب. والحمد لله لقد صمدت حتى نهاية التحقيق، وعندما يأسوا منّي ولم يستطيعوا تقديم لائحة اتهام ضدّي، أصدروا أمرًا باعتقالي إداريًا، مثل مئات الفلسطينيين المعتقلين إداريًا الذين يقبعون في سجون الاحتلال لفتراتً طويلة ظلمًا وزورًا'.

وتابع: 'ما حصل معي من اعتقال تعسفي يمكن أن يحصل لأي شاب عربي وفلسطيني في هذه البلاد وذلك بسبب أرائه ومواقفه. وعليه يجب أن نكون جاهزين للتصدي لكل هذه المخططات التي تهدف إلى الحط من عزيمتنا وكسر إرادتنا وإرادة شبابنا في النضال من أجل قضايانا العادلة والوقوف بوجه الظلم والظالمين'.

وسرد مشاهد من فترة اعتقال قائلا: 'خلال فترة الاعتقال تنقّلت بين سجن النقب الصحراوي وسجن مجيدّو، خلالها تعرفت على المعنى الحقيقي للسجن والاعتقال، وعلى الأسرى ومعاناتهم. فلكلّ أسير قصة وقضية دفع ثمنًا غاليًا من أجل له أن يطلق سراحهم'.

اقرأ/ي أيضًا | إضراب 'الحرية والكرامة' يتفاعل بالبلدات العربية

وخلص إلى القول: 'لقد غادرت السجن في وقت يخوض به المئات من الأسر الفلسطينيين وعلى رأسهم القيادات من الفصائل المختلفة إضراب الحرية والكرامة بأمعائهم الخاوية من أجل تحسين ظروف اعتقالهم، هم بحاجة إلى دعائكم وتضامنكم معهم حتى ينالوا حريتهم وكرامتهم'.