يستدعي مرور 50  عاما على إعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية، ليفي إشكول، في الهيئة العامة في الكينست عن خطة لإنهاء الحكم العسكري المفروض على المواطنين العرب، البحث والتساؤل في عديد من القضايا المتعلقة به، وأولها هل حقا انتهى نظام الحكم العسكري؟

إذا ما تناولنا نظام الحكم العسكري ظاهريا، فإنه قد انتهى، لأنه لم تعد هناك تقييدات على حرية حركة وسفر المواطنين العرب، أو تقييدات على الإقامة، أو الوصول إلى البلدات اليهودية. لكن إذا ما تناولنا أهداف نظام الحكم العسكري الجوهرية، فإن الإجابة بنعم ستكون مجافية للحقيقة وغير دقيقة.

خبر عن مصادقة الكنيست إلغاء الحكم العسكري

فرض 'مجلس الدولة المؤقت' الصهيوني خلال حرب النكبة نظام حكم عسكري أو سيادة خاصة على المناطق المأهولة بالعرب الفلسطينيين، وهي مدن الرملة واللد ويافا ومجدل عسقلان والمثلث والجليل.

وقد حدد الباحث في تاريخ الشرق الأوسط، د. يئير بويميل، أهداف الحكم العسكري كالتالي:

تفريغ المواطنة من معانيها؛ منع عودة المهجرين إلى قراهم؛ منع أصحاب الأراضي من الوصول إلى أراضيهم؛ الحيلولة دون وجود منظم ومستقل للنشاط الجماهيري والاجتماعي والثقافي للعرب؛ منع النشاط السياسي المستقل للعرب؛ شرذمة العرب داخل إسرائيل، سياسيا واجتماعيا، وخلق تصدعات جديدة؛ تنظيم تدفق القوى العاملة العربية إلى البلدية العربية.

وما من شك أن العقلية التي وضعت هذه الأهداف رأت بالأقلية الفلسطينية  الباقية داخل إسرائيل خطرا أمنيا وجوديا يستدعي السيطرة عليه بشكل دقيق، وانتهاز أقرب فرصة عسكرية لترحيلها شرقا. لكن صمود أهالي كفر قاسم والمنطقة في أعقاب المجزرة خلال العدوان الثلاثي على مصر في العام 1956، بيّن للقيادة الصهيونية أن فرص 'هروب' العرب من بلداتهم ضئيلا.

على بعد خمسين عامًا، تبدو أهداف الحكم العسكري قائمة حتى اليوم وكذلك العقلية التي ترى بالمواطنين العرب خطرا أمنيا وجوديا على 'يهودية الدولة'، لكن وسائل التطبيق تبدلت وأصبحت أكثر 'تطورا'، إن جازت التسمية، لكن العرب أيضا تبدلوا وصمدوا في أرضهم وطوروا مجتمعا على الرغم من الحصار والتضييق منذ تأسيس إسرائيل.

في هذا الملف سنحاول التطرق إلى جوانب عديدة من فترة الحكم العسكري قدر الإمكان، مع التنويه إلى أن هذه الفترة الطويلة لم تأخذ حقها من البحث السياسي والتأريخي اللازم، ومن المستحيل أن يقوم بذلك ملف صحافي واحد أو أكثر.

اقرأ/ي أيضًا | مجزرة كفر قاسم: استعدادات واسعة لإحياء الذكرى الستين

هذه فرصة للتوثيق، ولكنها أيضا فرصة للتفكير بمعاني مواطنتنا في إسرائيل، وما هي آفاق تطورنا وتنظيم أنفسنا كمجموعة قومية تشكل جزءا لا يتجزأ من شعب يقع تحت الاحتلال.