الأستاذ جميل عرفات من المشهد يتحدث لـ'عرب 48' عن هزيمة حزيران/ يونيو عام 1967


ليس مفهوم ضمنا أن تتحدث الشعوب عن نكساتها ونكباتها، فاسمها لوحده يُشير إلى أكثر من مفهوم ويزيد من آلامها.

وكان لدى الفلسطينيين والعرب آمال كبيرة بتحرر الشعوب العربية وتحرير فلسطين وعودة اللاجئين إلى ديارهم، وسيطرة العرب على مواردهم المائية والنفطية، في حزيران/يونيو عام 1967.

عن أثر النكسة على الشعوب العربية والغربية، يحدثنا الأستاذ جميل عرفات من قرية المشهد، وقد أصدر أكثر من عشرين كتابا معظمها عن تاريخ فلسطين، وعمل عرفات خلال خمسين عاما على جمع وثائق ومصادر تحكي تاريخ فلسطين وتأثير الحكومات العربية على واقع الفلسطينيين في الداخل.

الأستاذ جميل عرفات من مواليد العام 1933، كان في الخامسة والثلاثين من عمره يوم وقعت حرب العام حزيران/يونيو1967، وكان أيضا شاهدا على أحداث النكبة في العام 1948.

عن سر تأييد جمال عبد الناصر وشعبيته الكبيرة، قال الكاتب جميل عرفات لـ'عرب 48' إن 'جمال عبد الناصر هو أول زعيم عربي وقف وذكر ووجّه الشعوب العربية إلى وجود شعب فلسطيني مُحتل، فقبل ذلك كانت فلسطين ميتة في أذهان الشعوب، ومِن أجلِ الشعب الفلسطيني اتفق جمال عبد الناصر مع ياسر عرفات لدعمه في تأسيس منظمة تحرير فلسطين'.

وأضاف أن 'ياسر عرفات كان قد درس الهندسة في القاهرة، وقبل عرفات كانت هناك علاقة جيدة لجمال عبد الناصر مع أحمد الشقيري، وبسبب دعم عبد الناصر لفلسطين وإسهامه ببناء منظمة التحرير الفلسطينية، الأمر الذي دفع الفلسطينيين والشعوب العربية للتمسك بمبادئه، مؤمنين بقدرته على تحقيق الانتصار، ما جعل الفلسطينيون يتمسكون لآخر لحظة بجمال عبد الناصر وقدرته على تحرير فلسطين'.

وأكد عرفات أن 'الشعوب العربية والفلسطينيين آمنوا وحملوا أملا كبيرا يتحقق فيه الانتصار، وخاصة بوجود قطبين في العالم هما روسيا التي تبنت جمال عبد الناصر، بينما تبنت بريطانيا وأميركا وإسرائيل، وبسبب تمسك عبد الناصر بفلسطين، شعر الفلسطينيون أنه السند الداعم للشعوب، وهو الذي أتى من سلالة الكادحين والبسطاء، فوالده كان فلاحا، لكنه أصر على تحرير الشعوب في مصر والعالم العربي'.

خطابات عبد الناصر

يتحدث عرفات عن المرة الأولى التي بث فيها المذياع خطاب جمال عبد الناصر، كان ذلك في منطقة الخانوق بمدينة الناصرة، كان جميل عرفات، أحد المستمعين للخطاب، وأصبح كثيرون في أوائل الخمسينات والستينات يشاركون في الاستماع لخطاب عبد الناصر، وهو يلقي كلمته، حتى أنّ قسمًا من تلاميذ المربي عرفات كانوا يتواجدون في الناصرة ويحفظون خطابات عبد الناصر شفويًا، ما جعلهم يحبونه ويؤمنون بقدرته على الانتصار.

وأسهب عرفات أن 'هذا الحب جاء بسبب شخصية عبد الناصر الكاريزماتية والمقنعة، وكان يبدو لبقا في الحديث وفي مظهره الشخصي أيضا، وبسبب الحب الكبير الذي حمله الفلسطينيون لعبد الناصر، زُجّ البعض من بلدات الداخل الفلسطيني في السجون الإسرائيلية بسبب تماهيهم مع الزعيم العربي جمال عبد الناصر، وحين خرج عبد الناصر إلى الشعب المصري وقال بصوت عال 'أنا أتحمل كل المسؤولية'، بكيتُ وبكى معظم أبناء الشعب الفلسطيني على الزعيم الشامخ وهو يُعلن ضعفه أمام الأمة العربية بمجملها'.

وأشار إلى أنه 'ما كان بالإمكان انتصار مصر، في ظل وجود قطبين في العالم هما الاتحاد السوفيتيي وأميركا'.

إنجازات عبد الناصر

وشرح الأستاذ جميل عرفات إنجازات جمال عبد الناصر، مؤكدا أنه 'أول مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية، وأنه وقف ضد فرنسا وحرر الجزائر، كما أمم قناة السويس، وأغضب بريطانيا بسبب قناة السويس، وساعد في الانقلاب ضد الإمام البدر في اليمن، وقضى عبد الناصر على نور السعيد وعلى الملك فيصل، باختصار فعل عبد الناصر الكثير، ليس كلاما، بل كُنّا نرى ونتابع، عبد الناصر تواجد في اليمن، واعترف بالشقيري وياسر عرفات على اعتبار أنهم زعماء فلسطين، ووزع عبد الناصر الأراضي على الفلاحين وفي اليمن أيضا'.

ولخص عرفات شخصية عبد الناصر بالقول إنه 'لا يمكن مقارنة مصر في أيام عبد الناصر بمصر اليوم، في أيام عبد الناصر كان عدد سكان مصر حوالي 16 مليون، أما اليوم فإن العاصمة القاهرة لوحدها تبلغ 16 مليون نسمة تقريبا'.

حرب حزيران 1967

وقال عرفات: 'كانت حرب حزيران/ يونيو 1967 التي تعرف باسم حرب الأيام الستة الأكثر فصلا في العلاقات بين إسرائيل وجيرانها العرب، وفي الحقيقة وقع اشتباك جوي بين سورية وإسرائيل في السادس من نيسان/ أبريل 1967، الأمر الذي دفع بمصر للتدخل عملا بتطبيق اتفاقية الدفاع المشترك مع سورية والتي تمّ توقيعها في تشرين الثاني/ نوفمبر 1966، وسبب آخر هو التحرشات الإسرائيلية بسورية، إثر قرار القمة العربية الأولى عام 1964 في القاهرة بتحويل مياه نهر الأردن في كلٍ من سورية ولبنان، حيثُ قام الطيران الإسرائيلي بقصف منشآت تحويل النهر واستفزاز سورية مرارا وتكرارا، وهناك من رأى أن انتهاء أزمة السويس في العام 1957 كان بسبب هروب القوات الإسرائيلية من شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة عبر الاتفاق على دخول قوات دولية تابعة للأمم المتحدة أيضا لتكون سببا لحرب حزيران 1967'.

وعارض ما قاله بعض المؤرخين أن 'قرار الرئيس الراحل عبد الناصر بالتدخل في اليمن قد أنهك الجيش المصري، مما جعله يفقد قوته في الحرب مع إسرائيل عام 67'.

واعتبر أن 'هذا افتراء وكذب، فالقوة الضاربة كانت في مصر متمثلة في القوات الجوية والمدرعات وقوات الدفاع الجوي، وكانت كل القوات اللازمة للخطة من صواريخ 'قاهر' علاوة على أربعة لواءات مستقلة وأربع فرق مشاة وفرقة مدرعة، وثلاثة لواءات مدرعة مستقلة مع وحدات سلاح المدفعية والهاون وسلاح المهندسين في مصر، ولم تكن حرب اليمن سبب الهزيمة، بل كان فشل قيادة القوات المسلحة المصرية هو السبب الرئيس في الهزيمة وسيطرة المشير عامر على الجيش، هو وشلته، وعزل الرئيس عبد الناصر عن حقيقة أوضاع الجيش المصري وبالطبع التآمر الدولي كان له أيضا الدور الكبير في الهزيمة، لذلك فإنّ الحديث عن ربط بين وجود جزء من الجيش المصري في اليمن من 1962-1967 وبين كارثة 5 يونيو 1967، هو حديث غير صحيح'.

وأشار عرفات إلى أن 'الاستفادة من نكسة حزيران، فالجيش المصري سجّل أولى انتصاراته مباشرة بعد هزيمة 1967، في معركة رأس العش، وإغراق المدمرة الإسرائيلية إيلات. وكان الرئيس الإسرائيلي الأسبق حاييم هرتسوغ قد اعترف بأن إسرائيل خسرت حربا، وعلى الجبهة الأردنية-الإسرائيلية سجل الجيش العربي الأردني والمقاومة الفلسطينية الانتصارات التكتيكية ليُسجَل انتصار حاسم في معركة الكرامة عام 1968، التي قضت لأول مرة على أسطورة الجيش الصهيوني الذي لا يُقهر'.

القدس والأقصى

ولفت عرفات أن 'هزيمة حزيران أدت للسيطرة على القدس والأقصى، فمن تداعيات حرب الأيام الستة عام 67 كان احتلال الضفة الغربية والقدس وتقطيعهما بالمستوطنات وتهويدهما ومحاولات طرد الفلسطينيين وهدم منازلهم، كما صودرت أراض بلغت مساحة نصف القدس في الرابع من حزيران/ يونيو 1967، وكانت نتيجة ذلك السيطرة على الضفة الغربية والقدس والتحكم في مقدساتها الإسلامية كالمسجد الأقصى وقبة الصخرة وإخضاع 2،5 مليون فلسطيني لسيطرتها وكذلك زيادة أعداد المستوطنين وبناء المستوطنات التي ابتلعت مساحات كبيرة من أراضي الضفة والقدس وضُمت القدس الشرقية إلى القدس الغربية في تموز/ يوليو1967، وتمّ إعلانهما بقرار من الكنيست عاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل في تموز/ يوليو 1980'.

محاولة إحراق جمال عبد الناصر أثناء أداء فريضة الحج

وختم الأستاذ جميل عرفات بالقول إن 'واقعة خطيرة جدا كادت تودي بحياة الزعيم العربي جمال عبد الناصر، أثناء أدائه فريضة الحج في السعودية، بسبب قطعه للبترول وإغلاق القناة في باب المندب. كما تعرّض عبد الناصر للمرة الثانية، لإطلاق نار عليه أثناء إلقاء خطابه أمام شعبه، طالبين منه أن يُسلِم، إذ اعتبروا الاشتراكية كفرا'.

اقرأ/ي أيضًا | هزيمة حزيران عمقت جراح النكبة الفلسطينية