عكست المشاركة الشعبية الهزيلة في المسيرة والمهرجان المركزيين إحياء للذكرى الـ17 لهبة القدس والأقصى في مدينة سخنين، أمس الأحد، حالة الإحباط والتردي التي يعيشها العرب الفلسطينيون في أراضي الـ48، وأثارت التساؤلات حول عزوف الناس عن المشاركة في هذه الذكرى، وعزا البعض ذلك إلى عدم تطوير آليات النضال وسبل إحياء المناسبات الوطنية.

لم ترتق المشاركة لمستوى الحدث وحجم التضحيات التي قدمها الشهداء والجرحى والمعتقلون وعوائلهم، ولم يتجاوز عدد المشاركين في المسيرة ألفي شخص، بخلاف ما كانت عليه في السنوات الماضية.

احتضنت مدينة سخنين مساء أمس، الأحد، المسيرة المركزية لمسيرة هبة القدس والأقصى، لكنها لم تأبه للذكرى كما كانت في الأعوام الماضية، انطلق المشاركون من شارع الشهداء وعددهم كان بضع مئات، جابت المسيرة شوارع سخنين وصولا إلى النصب التذكاري للشهداء في مقبرة الشهداء وأقيم المهرجان الخطابي هناك، ولوحظ عدم تفاعل أهالي البلدة المستضيفة مع الحدث.

وبهذا الصدد، حاور "عرب 48" عددا من المشاركين حول تقييمهم للمشاركة في مسيرة ومهرجان هبة القدس والأقصى لهذا العام.

محمد شعبان

وقال الناشط السياسي، محمد شعبان، من مجد الكروم، إن "المشاركة الجماهيرية في مسيرة هبة القدس والأقصى لم تكن كافية ولا تليق بذكرى شهدائنا، حيث كان من المتوقع أن تستقطب المسيرة عددا أكبر مما شاهدناه هنا".

وأشار إلى أنني "لا أعلم سبب هذه المشاركة الجماهيرية الضئيلة، لكن أعتقد أن طريقة التحشيد والتحضير المسبق للمسيرة لم يتم بالشكل المطلوب".

ودعا شعبان "الجماهير العربية لأن تصحو حيال الظروف التي نعيشها والأوضاع المؤلمة التي تحل بمجتمعنا العربي مثل العنف والجريمة وما إلى ذلك، والتجنيد من أجل شجب ذلك والحد منها، وألا نكتفي بتحميل الشرطة المسؤولية وفي المقابل نقف نحن مكتوفي الأيدي".

عبد الغني بدران

وذكر الأستاذ عبد الغني بدران، من البعنة، أنه "مع الأسف الشديد لاحظت قلة المشاركة الجماهيرية هذا العام مقارنة بالسنوات السابقة، وبحسب اعتقادي فإن ذلك يعود بسبب عدم الإعلام الكافي عن هذه المسيرة إلى جانب عدم اتخاذ قرار الإضراب في المدارس العربية، ناهيك عن تأثير الخلافات الموجودة، اليوم، داخل القائمة المشتركة وما ينتج عنها من تداعيات".

ونوه إلى أن "هذا مؤشر أحمر يدعو قادة الجماهير العربية إلى البحث ومناقشة هذا الأمر، خصوصًا وأننا في هذه الأيام بأمس الحاجة إلى الوحدة، ومن هذا المنطلق فإن من يتحمل مسؤولية قلة المشاركة الجماهيرية في المسيرة هم النواب العرب ولجنة المتابعة واللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية".

وأكد بدران على أن "ذكرى هبة القدس والأقصى تحمل رسالة نود نقلها من جيل إلى آخر، حتى نعرفهم بأهمية الأقصى ونضالنا في هذه البلاد من أجل الحفاظ على مقدساتنا".

مصطفى أبو ريا

واعتبر رئيس بلدية سخنين سابقا، مصطفى أبو ريا، أن "المسيرة كانت بشكل إيجابي مع أننا كنا نتوخى أن تكون أقوى مما كانت عليه، لكن مع ذلك فإن المشاركة كانت كافية لأن نطلق رسالة للسلطات الإسرائيلية بأن جماهيرنا العربية لن تنسى ولن تغفر الجريمة التي حصلت في مثل هذه الأيام قبل 17 عاما، وفي الوقت ذاته لا يمكن أن تنسى المطالبة بحقوقها في سبيل نيل المساواة كاملة".

وشدد على أن "الرهان بضعف جماهيرنا العربية سيثبت غير ذلك بدون شك، وأنا على ثقة أن جماهيرنا قوية وستثبت نفسها في الامتحان مرة تلو الأخرى، وهي على استعداد لتقديم الغالي والنفيس من أجل نيل حقوقها المشروعة".

وختم أبو ريا بالقول: "أتمنى بأن يتوحد كافة أبناء شعبنا ويكونوا بمثابة يد واحدة في مطالبتهم بإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة".

شرف حسان

وقال الناشط السياسي، شرف حسان، من طمرة، إنه كان يتوقع مشاركة جماهيرية أكبر في المسيرة، معتبرا أن "المشاركة كانت بعكس التوقعات، وعليه فإن ذلك يستوجب منا كأحزاب وأطر ومبادرات شعبية وسلطات محلية ولجنة متابعة وكل من موقعه أن نعيد حساباتنا حول ما جرى وفيما لو قمنا بواجبنا تجاه التجنيد كما يجب لهذه المناسبة".

وحول سبب قلة المشاركة، قال: "أعتقد أن الأحزاب السياسية لم تقم بواجبها، هذه المرة، كما يجب بسبب انشغالها بأمور أخرى، على ما يبدو، ومن هذا المنطلق فإنه سيكون من الصعب التعبئة والتحضير لمثل هذا الحدث بالزخم المطلوب بدون تجند كافة الأحزاب إلى جانب عدم قيام السلطات المحلية واللجان الشعبية بدورها التعبوي".

ورأى أن "هناك حالة من اليأس نتيجة الوضع السياسي الراهن بسبب ما تسعى إليه المؤسسة الإسرائيلية التي تريدنا أن نصل إلى مثل هذه الحالة من الإحباط وفقدان الأمل في سبيل نسيان القضية العامة والانشغال في الأمور الذاتية والشخصية، وبالتالي فإن مجمل هذه العوامل تؤدي في نهاية المطاف إلى مثل هذه النتائج".

وختم حسان بالقول إنه "قبل أن نتراشق الاتهامات على بعضنا البعض وإلقاء اللوم على لجنة المتابعة، على كل منا مراجعة حساباته باعتبار أن لجنة المتابعة هي إطار وحدوي تضم كافة الأحزاب، فكان من المفترض أن تسبق هذه المسيرة نشاطات مختلفة من قبل الأحزاب على أن تتوّج بمسيرة مركزية في النهاية".

محمد بدارنة

وقيّم الشاب محمد بدارنة من سخنين، المسيرة بشكل سلبي وذلك بسبب قلة المشاركة الجماهيرية وتراجع أعداد المشاركين من عام إلى آخر، محذرا من "نسيان الذكرى وما قدمه الشهداء من تضحية في سبيل قضيتنا".

وطالب بأن "نحسب أنفسنا أقارب وعوائل الشهداء الذين ضحوا بحياتهم من أجل وطننا والعيش على أرضه، ومن هنا أناشد الجميع بأن نتحلى بالوطنية وأن يكون لنا تأثير ومشاركة أكبر في هذه الفعاليات".

وحول وعي الأجيال الشابة، أوضح بدارنة أنه "في النطاق الذي أعيش به أرى أن هناك وعيا كافيا لدى الشبان تجاه مناسباتنا الوطنية".

ورأى أنه "على كل منا مسؤولية تجاه قضية شعبنا"، مشيرًا إلى أنه "لم ير دعوات وتحشيد للمسيرة بالشكل المطلوب سواء كان من خلال شبكات التواصل الاجتماعي أو غيرها، وعليه يجب أن تقوم القيادات والمؤسسات كلجنة المتابعة والأحزاب السياسية في المرات المقبلة بالعمل على التعميم والتجنيد بشكل أكبر من أجل المشاركة في المناسبات الوطنية".

اقرأ/ي أيضًا | عاصلة: القيادة تتحمل مسؤولية قلة المشاركة في ذكرى هبة القدس والأقصى

اقرأ/ي أيضًا | سخنين تحتضن المسيرة والمهرجان المركزي للذكرى الـ17 لهبة القدس والأقصى