تعنت الجيش ورفضه للبدائل التي وافقت عليها شركة الكهرباء يشير إلى مخطط مبيت

12 ألف دونم من أراضي الروحة ضمت لمناطق النفوذ وبعضها لمناطق بناء

تجربة الروحة أثبتت أن التحرك الجماهيري هو القادر على الحفاظ على الحقوق والأرض


أثار قرار المجلس القطري للتخطيط والبناء المصادقة على تمرير خط الكهرباء (400 كيلو واط) من أراضي الروحة، غضبا عارما بين أصحاب الأراضي وأهالي وادي عارة، الذين ظل يراودهم الأمل حتى اللحظة الأخيرة بتغيير مسار الخط المذكور ودرء مخاطره عن أراضيهم.

ورأت اللجنة الشعبية للدفاع عن أراضي الروحة أن المصادقة، التي تمت رغم موافقة شركة الكهرباء على تغيير مسار الخط، جاءت استجابة لرغبة الجيش الإسرائيلي الذي رفض أي مبادرة لتغيير المسار وأصر على تمريره من أراضي المواطنين العرب.

ويكشف موقف الجيش عن توجهات سياسية وأمنية إسرائيلية لمصادرة أربعة آلاف دونم من أراضي الروحة تقع شمالي خط الكهرباء المزمع إقامته، الأمر الذي يشكل إخلالا باتفاقية الروحة التي وقعت مع السلطات الإسرائيلية عام 2000، وكان من المقرر بموجبها أن تتحرر منطقة "ب" بشكل نهائي من سيطرة الجيش الإسرائيلي ومناطق تدريباته العسكرية.

وكانت اتفاقية الروحة قد أفضت إلى تحرير 12 ألف دونم في منطقة "أ" بشكل نهائي، في حين لم تتحرر منطقة "ب" بشكل كامل، حيث يحظر حتى اليوم على أصحاب الأراضي في هذه المنطقة من دخول أراضيهم 100 يوم في السنة، بذريعة إجراء تدريبات عسكرية للجيش الإسرائيلي.

لم ترفع لجنة الدفاع عن أراضي الروحة أيديها وهي لا ترى بمصادقة المجلس القطري للتخطيط والبناء نهاية المطاف، فقد عقدت فور صدور القرار جلسات مع السلطات المحلية في وادي عارة والنواب العرب ولجنة المتابعة العليا ومركز التخطيط البديل ومهندسين وقانونيين، وذلك في إطار استعداداتها لخوض المعركة المقبلة.

وستجري في نهاية الشهر الجاري، ضمن فعاليات يوم الأرض، مسيرة إلى أراضي الروحة، ستكون بمثابة "الطلقة الأولى" للمعركة الجماهيرية للتصدي لهذا المخطط، وفي هذا السياق، يقول رئيس اللجنة الشعبية للدفاع عن أراضي الروحة، المهندس سليمان فحماوي في حوار مع "عرب 48"، إن تجربة الروحة أثبتت بأن التحرك الجماهيري هو القادر على استرداد الحقوق واسترداد الأرض.

بعد سنوات من المفاوضات والمحاولات لتغيير مسار الخط، أقر المجلس القطري للتخطيط والبناء تمرير خط الكهرباء من أراضي الروحة، ماذا يعني القرار إذا ما تم تنفيذه على الأرض؟

القرار يعني أن الخط سيقضي على إمكانية الانتفاع بأي شكل كان من مساحة بعرض 100 متر على طول المنطقة، لأن الخط هو ضغط عال بقوة 400 كيلو واط وهو يمتد من منطقة المركز باتجاه شمالي البلاد، أي أنه سيقطع منطقة الروحة طولا، ما يعني اقتطاع آلاف الدونمات من أرض الروحة "المحررة"، وهو السبب الذي جعل الجيش الإسرائيلي يرفض، على ما يبدو، جميع البدائل لتغيير مسار الخط رغم موافقة شركة الكهرباء عليها.

أنت تعتقد أن هناك دافعًا أمنيًا وسياسيًا وراء قرار الجيش الإسرائيلي يهدف لإنجاح مخطط الاستيلاء على الأرض؟

نعم، تعنتهم وإصرارهم كان مثيرا للاستغراب، فنحن نتحدث عن مفاوضات ومحاولات استمرت منذ عام 2013 وحتى اليوم، وكلما تقدمنا خطوة مع شركة الكهرباء قام الجيش بإحباطها عبر رفضه القاطع بتعديل مرور الخط من المنطقة التي يسيطر عليها، رغم تعهد شركة الكهرباء بالقيام بكل الخطوات الضرورية لمنع تأثير الخط على المناورات العسكرية.

الآن، بعد المصادقة على المخطط من قبل المجلس القطري للتخطيط والبناء، ما الذي يمكن عمله؟

لقد حاولنا خلال سنوات منع هذه المصادقة، علما أن المخطط موجود منذ عام 2003 ولو كانت مجالسنا وبلدياتنا "صاحية" وتنبهت وتصدت له بالوقت الصحيح لما وصلنا لهذا الوضع.

 

ما يمكن أن نفعله هو اتخاذ قرار بأن هذا الخط لن يمر من فوق أرضنا مهما كلف الثمن، وقد اتخذنا هذا القرار فعلا وبدأنا بالتحرك الجماهيري ونحن بصدد تحويل مسيرة الروحة، التي ستجري في إطار فعاليات يوم الأرض إلى الطلقة الأولى في معركة الروحة الثانية مستفيدين من تجربة المعركة الأولى التي علمتنا أن المطالب لا تأخذ بالتمني.

وما هي الخيارات المتاحة أمامكم؟

هناك خيارات أخرى منها، تمرير الخط من تحت الأرض وليس من فوقها، وهو اقتراح نبحثه حاليا مع شركة الكهرباء، ولكن ذلك لن يحدث بدون ضغط جماهيري وتحرك بمستوى الحدث، ويجب أن نضع نصب أعيننا كيف قلبت انتفاضة الروحة في عام 1998 المعادلات وغيرت قرارات عسكرية وحررت الأرض.

ولكن ها هم ينقلبون على ما أنجز في عام 98 ويسعون للاستيلاء على الأرض بطرق أخرى؟

لا رجعة إلى الوراء، فضمن الأراضي التي تحررت في إطار اتفاقية الروحة، هناك 12 ألف دونم دخلت مناطق نفوذ المجالس المحلية: أم الفحم وعارة وعرعرة وكفر قرع، بعد أن تم إزالة معسكري الجيش من عين ابراهيم وكفر قرع وأي أثر عسكري في المنطقة بشكل نهائي، وهناك مناطق دخلت إلى منطقة البناء وتم البناء فيها، منها 500 وحدة سكنية في معاوية ومنطقة "الحوارنة" في كفر قرع التي أقيمت عليها مساكن ومراكز تربوية ومكتبة عامة.

هذا إضافة الى زراعة أكثر من 50 ألف شتلة زيتون، فالروحة اليوم "جنة خضراء" بعد أن كانت أرض نار وبارود.

ولكن هناك أراضي لا يستطيع أصحابها دخولها في جميع أيام السنة؟

نعم، وفق الاتفاق فإن هناك 3000 دونم تصنف على أنها منطقة محاذية لمنطقة التدريبات العسكرية يحظر على أصحابها دخولها خلال 100 يوم في السنة، "خشية" سقوط شظايا قذائف ناتجة عن التدريبات العسكرية التي يجريها الجيش الإسرائيلي في تلك الأيام، وسنواصل من جهتنا العمل حتى تحريرها بالكامل.

أنت من قرية أم الزينات المهجرة الواقعة على سفح جبل الكرمل وعضو سكرتارية لجنة المهجرين، ويبقى هذا الحوار ناقصا إذا لم نسألك عن مسيرة العودة التي تتزامن هذه السنة مع الذكرى الـ70 للنكبة؟

مسيرة العودة التقليدية التي تنظمها لجنة المهجرين في ذكرى النكبة وفق التقويم العبري تحت شعار "يوم استقلالكم يوم نكبتنا" ستكون هذه السنة إلى قرية عتليت (التي أبقت إسرائيل على اسمها بعد تهجيرها)، وهي إحدى قرى الساحل الفلسطيني الواقعة بالقرب من حيفا.

ويتوقع أن تشهد المسيرة، بتأثير الزمان (سبعينية النكبة) والمكان (ساحل فلسطين)، زخما وحضورا متميزا، فقد نجحت مسيرة العودة حتى الآن في استقطاب آلاف المشاركين، وصلت في العام الماضي 20 ألف أنسان معظمهم من الشباب الفلسطيني، الجيل الثالث للنكبة، ونتوقع أن يصل العدد هذه السنة إلى عشرات الآلاف.

اقرأ/ي أيضًا | شعبية دالية الكرمل: دخول اتحاد المياه لمجمع موتسكن قرار كارثي