تشهد سخنين في السنوات الأخيرة حراكا تجاريا نشطا ونهضة اقتصادية لافتة، مكنتها من استقطاب عدد من المستثمرين.

ويتجلى هذا الحراك بوضوح على جانبي الشارع الرئيس في سخنين الذي يضم سلسلة طويلة من المحال التجارية الحديثة، على مختلف أنواعها، تمتد على نحو 3 كيلومترات من مدخلها الغربي انتهاء بالقرب من مدخل عرابة المجاورة شرقا، ورغم المشهد الحديث والمنظم يبقى لبعض المراقبين وجهة نظر أخرى...

استثمار ناجح

مصلح شلاعطة

وقال المستثمر مصلح شلاعطة لـ"عرب 48" إن "الازدهار الذي تشهده سخنين جلب الكثيرين للاستثمار في المدينة ومنها شركات وشبكات تجارية كبيرة ومعروفة".

وأضاف أمن "هناك طلبات متزايدة لاستئجار بنايات وإقامة مصالح تجارية جديدة. تجربتي في إنشاء بنايات وتأجيرها لاقت إقبال لافتا، لذلك أحاول تطوير المصلحة وإقامة بناية أخرى في ظل حراك تجاري مستمر".

وعن إذا ما كان يخشى تراجع هذا الحراك مستقبلا، قال شلاعطة: "لا أعتقد أن هذا الحراك سيتراجع. قبل أن أقيم هذا المشروع الجديد اعتمدت التخطيط الحديث واستشارة مهنية مدروسة ومعرفة احتياجات السوق. ورغم أنني لم أنهي العمل في هذه البناية بعد إلا أن معظم المحلات أصبح مؤجرا لشركات معروفة".

وختم بالقول إن "المستثمرين يرون في الشارع الرئيس بمدينة سخنين مكانا مناسبا للاستثمار".

نهضة اقتصادية

وقال صاحب مجمع "الصين مول"، سامي خلايلة، لـ"عرب 48" إن "توسعة الشارع الرئيسي داخل المدينة وتطوير البنى التحتية في السنوات الأخيرة وفر أرضية مناسبة جدا للاستثمار وتقوية الحركة التجارية".

وأضاف أن "هناك حركة اقتصادية حقيقية بالمدينة تستقطب أعدادا كبيرة من سخنين والمنطقة، وهي في حالة تطور مستمر، لكن هناك مشكلة نواجهها وهي عدم وجود مواقف لسيارات الزبائن وهذا يؤثر علينا إلى حد كبير".

وختم خلايلة بالقول إن "الحركة التجارية في حالة نشطة، ونحن نشهد تزايد عدد المستثمرين والزبائن".

استقلالية الاقتصاد العربي

واستعرض ابن سخنين، المستشار الاقتصادي والمحاضر في جامعتي "أكسفورد" و"تل أبيب" د. سامي ميعاري، المشهد في مدينته ومفهوم النهضة الاقتصادية، وقال لـ"عرب 48" إن "الحديث في الآونة الأخيرة يدور عن بشائر نهضة اقتصادية في سخنين، وهذا يعني أنه رغم كل المعيقات التي تفرضها المؤسسة الإسرائيلية لإقصاء المجتمع العربي الفلسطيني بالداخل إلى الهامش، ورغم كل العقبات والمعيقات التي شهدتها سخنين إلا أن هناك بوادر نهضة اقتصادية لافته للنظر والتي جلبت عدد من المستثمرين العربا واليهود".

سامي ميعاري

وأضاف أن "من أهم عوامل هذه النهضة التي بدأت منذ منتصف سنوات التسعين، أولا، تعود لانتشار لعبة كرة القدم وشعبية فريق اتحاد أبناء سخنين التي جلبت جمهورا كبيرا من خارج المدينة، ما جعل سخنين محط أنظار الجميع. وهناك توثيق علمي اقتصادي لأهمية كرة القدم في مجال التطور الاقتصادي. ثانيا، فتح كلية سخنين وكليات أخرى في بداية العام 2000 والتي استقطبت أكثر من 3 آلاف طالب ووفرت فرص عمل لأكثر من ألف موظف وعامل من سخنين وخارجها. ثالثا، فتح المركز التجاري عام 2008 الذي يشهد حركة نشطة من داخل المدينة والمنطقة، إلى جانب جغرافية البلد التي تشكل ممرا للعديد من القرى والمدن العربية".

التدرج المنخفض

واستعرض الخبير الاقتصادي، ميعاري، الوجه الآخر للمشهد بوجهة نظر نقدية، وقال إنه "رغم الحديث عن هذه النهضة النسبية لغاية الآن، إلا أنه لم يتم دراستها بشكل علمي موثق لأن سخنين لا تزال مدرجة في السلم الاجتماعي بشكل منخفض جدا، ويقتصر هذا التدرج على اثنين من عشرة وهذه درجة منخفضة جدا".

وأضاف أنه "في سخنين كما في باقي البلدات العربية تشكل شريحة الشباب النسبة الأكبر من المجتمع، أي أن مجتمعنا هو مجتمع فتي وهذا يضاف إلى أهم العوائق التي يعاني منها المجتمع العربي بالداخل وهي النقص الحاد في مساحة الأراضي المخصصة للبناء، والمثبت علميا أن أهم عوامل النهوض الاقتصادي هو توفر الأرض. وما حدث في سخنين في السنوات الأخيرة وخصوصا انعدام أراضي البناء وتلك المخصصة أيضا للمنطقة الصناعية أدى إلى هجرة العقول من سخنين للسكن في المدن المختلطة، وكذلك هجرة رؤوس أموال من المنطقة الصناعية إلى ‘مسغاف’ وهذا يثبت بالدليل القاطع أن النهضة الاقتصادية في سخنين لم تكن ضمن خطة مدروسة بعيدة المدى، بمعنى أن هذا المشهد سيبقى مهددا مع غياب التخطيط والاستشارة المهنية".

وختم ميعاري بالقول إن "هذا إلى جانب غياب دور السلطة المحلية في تشكيل لجنة مهنية تقوم بهذه المهمة، وفي هذا السياق توجهت شخصيا عدة مرات للبلدية لإقامة هذه اللجنة المهنية الاستشارية تطوعا لكي نواكب وبشكل علمي مدروس للنهضة الاقتصادية في سخنين، لكن للأسف الشديد وتماما كما يحدث في كل البلدات العربية كان الجواب بأن برفض طلبي".

اقرأ/ي أيضًا | سخنين: خطوات نضالية للتصدي لمخطط تجريف شارع الشكاير