تعتبر مدينة رهط في النقب، جنوبي البلاد، التجمع السكاني العربي الأكبر في المنطقة، يقطنها أكثر من 70 ألف مواطن عربي، تكتسب أهميتها أيضا من كونها ثاني أكبر مدينة عربية في البلاد بعد مدينة الناصرة.

تجري في رهط كسائر السلطات المحلية في البلاد الانتخابات لرئاسة وعضوية المجلس البلدية في تاريخ 30.10.2018، ويبدو أن الانتخابات المحلية المقبلة مختلفة عن سابقاتها في عيون الجمهور العربي، وتتميز بالنقاش المحتدم في المرافق الاجتماعية من خلال شبكة التواصل الاجتماعي حول دور العائلية والقبلية، وتأثير الطرح العائلي على مستقبل رهط، على سبيل المثال لا الحصر.

يبلغ عدد أصحاب حق الاقتراع في رهط نحو 34 ألف بينهم أكثر من ثلاثة آلاف سيدلون بأصواتهم للمرة الأولى، وتشهد المدينة منافسة انتخابية ساخنة، ويستصعب المراقبون توقع النتائج التي تعتمد في جلها على الائتلافات السياسية وتقلبات الرأي العام.

وحاور موقع "عرب 48" عددا من المرشحين والناشطين السياسيين في رهط حول الانتخابات البلدية المقبلة.

المرشح لرئاسة بلدية رهط عن قائمة الحركة الإسلامية (الجنوبية) فايز أبو صهيبان، يبلغ 53 عاما وهو والد لتسعة أبناء، يحمل اللقب الثاني في الدراسات الإسلامية واللقب الأول في اللغة العربية، عمل مدرسا منذ العام 92، ومديرا لمدرسة الرازي الإعدادية في رهط، كما شغل منصب رئيس بلدية رهط في العام 2013 رهط.

فايز أبو صهيبان

قال أبو صهيبان لـ"عرب 48" عن الجديد في انتخابات 2018 لبلدية رهط، إن "من أهم العناصر التي تميز الانتخابات القريبة هي الشفافية وقدرة الناخبين والجمهور على تلقي المعلومات والاطلاع على البرامج السياسية للمرشحين، بفضل شبكات التواصل الاجتماعي وسهولة منالية المعلومات، ويملك الناخب فرصة أكبر للحكم واتخاذ القرارات المبنية على معرفة بالتحالفات والبرامج دون التعرض لتأثير الأجسام المعنية والضغوطات القبلية عليه".

وشدد على أهمية المعركة ضد القبلية في الانتخابات المقبلة في رهط، مذكرا المرشحين أن "أكثر ما يشكو منه المواطن الرهطاوي قبل قضايا السكن والتعليم والخدمات، هي قضية المساواة بين الجميع لأن القبلية تؤذيه عند استخدامها لقمع الرأي الآخر ودفن الكفاءات، وابن العائلة الصغيرة ليس متساويا في التصويت مع ابن العائلة الكبيرة في الواقع الذي تحكمه القبلية، كما أن المرشح العائلي مُلزم لعائلته لا لجمهور أبناء رهط، إضافة إلى أن معظم المرشحين لبلدية رهط استنكروا وخرجوا ضد التصويت القبلي الذي لا يعتمد على الكفاءات، وهنا جاء الوقت لترجمة تلك التصريحات إلى أفعال".

وتطرق المرشح أبو صهيبان للمشاكل التي تعاني منها رهط، مُؤكدا أن "الضائقة السكنية تشغل حيزا كبيرا من تفكير المواطن الرهطاوي، يقف الآلاف من أبناء رهط مترقبين ومستحقين لقسائم بناء، ولكن تأخرت فرصهم بسبب النقص أو التقسيم غير العادل أو سداد الالتزامات الانتخابية في بعض الأحيان. نحن بدأنا في تخطيط ضاحية رقم 6 في رهط منذ العام 2012 ولم يتم تسويقها حتى اليوم رغم دفع المستحقين للمبالغ المطلوبة، إضافة إلى ضرورة توفير فرص عمل للشباب والنساء بما يلائمهم والنهوض بالشبيبة بشكل عام وهو أمر أساسي في رهط حيث يشكل الشباب ما نسبته 60% من سكانها، وخلال عملنا السابق في مدينة رهط ساعدنا على إقامة مركز ريان للتشغيل ومركز الشبيبة، النشيطين في مجاليهما حتى اليوم".

وختم المرشح أبو صهيبان موجها رسالة للمرشحين والأهالي في رهط، وقال إن "رسالتي الأولى هي للمرشحين في مدينة رهط، علينا أن نتحلى بالتنافس الرياضي، أن نسوّق برامجنا الانتخابية وأن نجعل الحكم والقرار في يد المواطن الرهطاوي دون أي ضغوطات غير موضوعية، بالإضافة إلى أن هناك مسؤولية تاريخية على الأحزاب لبناء المؤسسات وتوجيه الحالة العائلية نحو الكفاءات. والرسالة الثانية أوجهها للمواطن الرهطاوي بأن ينتخب من يراه مناسبا بعد قراءة وتحليل للبرامج السياسية للمرشحين واتخاذ القرار الأكثر مسؤولية".

المرشح لرئاسة بلدية رهط، فيصل الهزيل، حاصل على لقب أول في الحكم المحلي ولقب أول في التربية، عمل مديرا لقسم المعارف في بلدية رهط حتى العام 1989، وهو مرشح عن قائمة الإصلاح والتغيير المحلية.

قال الهزيل لـ"عرب 48" إن "قائمتنا تدخل انتخابات العام 2018 بهمم عالية وبعد تنظيمنا انتخابات تمهيدية في قائمة الإصلاح والتغيير، في جو من الديمقراطية والحرص على المستقبل الجماعي، وكلنا أمل بإنجازات كبيرة في هذه الدورة الانتخابية، وهدفنا الوصول إلى تغيير حقيقي وديمقراطي في رهط".

فيصل الهزيل

وأضاف أن "الجمهور الرهطاوي قد جرب القوائم الحزبية الأخرى الكبيرة ومنها الحركة الإسلامية والإدارة الحالية، أعتقد أنه في المرحلة المقبلة ستكون الفرصة من نصيب قائمة الإصلاح والتغيير لضخ دماء جديدة وتغيير الواقع الحياتي في مدينة رهط إلى الأفضل".

وأكد المرشح الهزيل أن "هناك العديد من الأصعدة التي تحتاج إلى العمل والتغيير والتجديد، ليس فقط في المجال الخدماتي، إنما المطلوب من الرئيس أو المرشح وكل من يريد أن يلعب دورا جماهيريا أن يجعل النسيج الاجتماعي والحفاظ عليه جزءا من أولوياته ومهامه، وأن يكون جاهزا للإصلاح وحل الخلافات. وعلينا التجديد في أعرافنا الاجتماعية لنلائمها مع معالم المدينة والتطور في حياتنا المدنية والاجتماعية".

وختم الهزيل حديثه لـ"عرب 48" بالقول إنه "على كل مرشح في رهط أن يعلم أنه ملزم بشكل ديمقراطي لكل مواطني رهط لأنها ليست ملكا لشخص أو عائلة. وعلى جميع أطراف اللعبة السياسية العمل للحفاظ على الديمقراطية في الائتلاف والمعارضة والشارع الرهطاوي أيضا".

المرشح لرئاسة بلدية رهط عن قائمة الثقة والأمل المحلية وعضو في حزب التجمع الوطني الديمقراطي، حسن النصاصرة، مدرس سابق ومدير مدرسة لمدة 21 عاما، يحمل اللقب الأول في التربية والأدب واللقب الثاني في إدارة السلطات المحلية والإدارة العامة.

قال النصاصرة لـ"عرب 48" إنه "خلال عملي لسنوات طويلة في سلك التربية والتعليم، استطعت تكوين صورة تصف بدرجة موضوعية ما تعاني منه بلداتنا العربية وأين تقع مواطن سوء الإدارة. ومن هنا وبطلب من العديد من المواطنين أقمنا قائمة مستقلة غير عائلية هي قائمة الثقة والأمل، ورغم المعرفة بقوة العائلية وتغلغلها في المجتمع بشكلها السلبي وتسييرها للعديد بعيدا عن الاعتماد على الكفاءات والبحث عن الرجل المناسب إلى اتجاه التبعية العمياء، نحاول بدرجة معينة بناء نموذج جديد وطرح جديد. حققنا بعض النجاحات، ولكن المعركة ما زلت كبيرة أمامنا".

حسن النصاصرة

وأضاف النصاصرة، متحدثا عن أهم ما تعاني منه رهط وخصوصا العائلات الصغيرة، أن "الوضع سيء في رهط، فنحن نعاني من المحسوبيات الشخصية والصفقات المشبوهة، وتلعب أجسام كثيرة من خارج رهط أيضا دورا في التفرقة والفتنة بين العائلات والأفراد. لا مساواة في التقسيم وخصوصا في قضية توزيع قسائم البناء والتي هي الأهم والأكثر حرقةً، هناك الكثير ممن لا يستحق قد يحصل على قسائم بناء ليست من حقه، وذلك لكونه مقربا من ‘الصحن’ وهنا المعركة على الديمقراطية هي أمر واقع وحيوي، وعلى جميع مواطني رهط اتخاذ الموقف الصائب والحازم والحاسم".

وختم المرشح النصاصرة حديثه لـ"عرب 48"، موجها رسالة إلى شباب رهط، وقال: "أنتم المستقبل وأنتم الحاضر، أولا والأهم هو تفويض المصلحة العامة على مصلحة الفرد وليعلم من يفكر في نفسه فقط أنه يؤذي غيره بشكل مباشر. أوصيكم بالحفاظ على جو ديمقراطي واحترام جميع المرشحين وكل ما تفرزه الديمقراطية. ونحن في قائمة الثقة والأمل نعد بالخدمة لجميع مواطني رهط وشبابها الذي نؤمن بوعيه وقدرته على اتخاذ القرارات السليمة".

وقال الممثل المسرحي والناشط الشبابي، سهل الدبسان، لـ"عرب 48" عن الانتخابات المحلية في رهط والنقب، إن "ما يميز الانتخابات في النقب عموما أنها قبلية بشكل كامل تقريبا، وتحتوي هيمنة ذكورية اجتماعية. في النقب كله القبيلة هي التي تحكم والدافع في الكثير من الحالات هو الإحساس بالسيطرة واليد العليا على قبائل وعائلات أخرى وليس بالشكل الخدماتي والمهني الجامع".

وأضاف أنه "نرى بشكل مستمر نموا للقبلية وتزايدا للعنف وتقلصا للخدمات والمساهمات التي تقدمها السلطات المحلية، وكل هذه الظواهر مرتبطة ببعضها البعض في الانتخابات المحلية وتقوم بتفكيك المجتمع وإعادة القوة للإطار القبلي بشكل دائم والتقوقع فيه".

سهل الدبسان

وختم الدبسان حديثه لـ"عرب 48" متطرقا إلى حقوق المرأة ودور الشباب، بالقول: "نحن جزء من مجتمع أبوي ذكوري بطبيعة حاله لا مكان لمشاركة المرأة السياسية فيه، ولدى المجتمع تخوف أصلا من منحها المنبر. وبنفس العقلية يخاف السياسيون الكبار من فتح الباب للشباب كي لا يأخذوا أماكنهم وينجحوا فيما فشلوا هم فيه وهو التغيير وخلق مجتمع أفضل، وهذا ما دفعني لاتخاذ القرار بعدم التصويت بشكل شخصي. وفي الختام أشدد أنه علينا ترك القبلية جانبا ومنح المنبر للشباب وإلا سوف تبقى معاناتنا مستمرة".

وقال الناشط السياسي والمحامي سامي أبو عايش من رهط، لـ"عرب 48": "أختلف مع الكثيرين في النظرة للانتخابات البلدية، وأعتقد أن ما ينقصنا هو المشاركة الشبابية وأن الوصول للمشاركة الشبابية هو في يد الشباب أنفسهم وهم من عليهم قيادة هذا التغيير بصعود السلم في عائلاتهم وأحزابهم وقوائمهم. كما يجب على المرشحين الأكبر سنا أن يستشيروا الشباب ومحاولة صياغة آليات عمل جديدة بما يلائم روح العصر ومشاكل".

سامي أبو عايش

وأضاف أن "التغيير واضح في آليات الوصول والمشاركة السياسية، فالعديد من العائلات قامت بتنظيم انتخابات داخلية وهي خطوة ديمقراطية جدية جدا. لا أسمي التكتل العائلي قبلية سلبية، نحن مجتمع عائلي منذ فجر وجودنا وقد حافظت المنظومة العائلية على وجودنا في العديد من المحطات ولا يجب علينا محاربتها، كما أعتقد أنه من الأجدر بنا تنظيمها وتحسين عملها حتى تدعم الكفاءات الفردية وتقوم بإعداد الأنسب والأكثر فاعلية في المجتمع".

وختم أبو عايش بالقول: "كلي ثقة بشباب رهط والنقب. أعتقد أن الصعود الشبابي قادم، وسوف يقود المرحلة القادمة شباب واع وديمقراطي فذ. وقد بدأ يظهر العديد من الوجوه الشابة في النقب وانخراطهم في الحيز العام والمساهمة في تشكيل وجه المجتمع العصري التكافلي".

اقرأ/ي أيضًا | خاص | علي سلام باق في رئاسة البلدية لغاية الانتخابات المقبلة