انطلقت مساء اليوم السبت، في تل أبيب المظاهرة التي دعت إليها لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية بالبلاد، والمطالبة بإلغاء "قانون القوميّة"، بمشاركة عشرات آلاف المتظاهرين تحت شعاري "فليسقط قانون القومية" و"نعم للمساواة".

وتوافدت جماهير غفيرة من مختلف البلدات العربية للمشاركة في المظاهرة التي تقدّمها النواب العرب من القائمة المشتركة وقيادات حزبية وناشطون من الحركات والفعاليات السياسية والحزبية والشعبية.

ورفع المشاركون الأعلام الفلسطينيّة، رغم دعوات المتابعة إلى عدم رفع أي علم، كما رفعت شعارات تدعو وتطالب بإلغاء "قانون القومية"، وتندد بممارسات الحكومة الإسرائيلية تجاه الجماهير العربية بالبلاد، والممثلة بالتشريعات العنصرية.

تحريض إسرائيلي على رفع العلم الفلسطيني

إلى ذلك، حرض رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، على رفع العلم الفلسطيني في مظاهرة لجنة المتابعة المطالبة بإلغاء "قانون القومية"، وكتب نتنياهو في حسابه على "تويتر"، بأن رفع العلم الفلسطيني والتلويح به في مظاهرة ضد "قانون القومية" في تل أبيب، لهو أفضل دليل على ضرورة تشريع "قانون القومية".

وأضاف نتنياهو "سنستمر في رفع العلم الإسرائيلي بكل فخر ونغني النشيد الوطني بفخر كبير".

ذات الموقف تبناه رئيس الكنيست، يولي إدلشتاين، الذي قال: "هذا المساء أثبت مرة أخرى أن النضال الذي يخوضه أعضاء الكنيست العرب ليس ضد "قانون القومية"، بل ضد وجود دولة إسرائيل، وللأسف يقومون بجر المواطنين العرب في البلاد إلى مظاهرة تحريضية".

وشمل برنامج المظاهرة كلمات خطابية، لكل من: رئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية ورئيس بلدية سخنين، مازن غنايم، صاحب الامتياز في صحيفة "هآرتس"، عاموس شوكين، المحاضرة في الجامعة العبرية، إيفا إيلوز، بروفيسور قيس فرو، ورئيس لجنة المتابعة، محمد بركة، فيما تولت عرافة المنصة الخطابية، د. مها صباح كركبي.

بركة: لن نصمت بعد اليوم، ولن نتسامح مع العنصريّة

وألقى بركة أولى الكلمات الخطابيّة، وشدّد فيها على أنّ الشعارات التي رفعت هنا متفق عليها بين كافة مركبات لجنة المتابعة. سمعنا عن تحريض من قبل وسائل الإعلام عن رفع العلم الفلسطيني وهنا أقولها إن العلم الفلسطيني هو علم الشعب الفلسطيني، نحن هنا لنقول إننا متساوون، فمتى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا، هنا نصرخ مع محمود درويش "خالدون هنا ولنا هدف واحد أن نكون حيث وطننا وحيث لغتنا"، لن نصمت بعد اليوم، ولن نتسامح مع العنصرية، هذه أسئلة تتعلق بالإنسانية جمعاء، وحدود النضال عالمية وليست محلية فقط، هي أن العرب ليسوا قائمين أصلا في قانون القومية، لا يوجد أي دستور في العالم يصنّف الدولة لفئة قومية واحدة، دول حددت ذاتها لفئة واحدة مثل الولايات المتحدة في القرن الثامن عشر وجنوب أفريقيا قبل سقوط الأبرتهايد، صُنِّفت دولًا عنصرية، نحمل هوية شامخة لم تغب عن هذه البلاد على مدى التاريخ. وأعلنّا السنة التعليمية القادمة سنة اللغة العربية.

ووجّه بركة رسالة إلى الطائفة العربية الدرزية، بالقول: من هنا نقول لأهلنا بني معروف، لقد فرّقونا ثم لم يفرقوا بيننا، عندما أخرجونا من المواطنة والحقوق، وأنا أدعوكم إلى أن يلتمّ البيت بأهله والبلاد اشتاقت لأهلها.

وتابع بركة: هناك مخاطر عديدة من القانون، ولكن هناك آمال كبيرة، لن تكون نكبة أخرى، ولن نرحل، "كأننا عشرون مستحيل"، وسنتغلب على العنصرية، وننطلق لمستقبل واعد لنحمي أولادنا وبيوتنا هنا بيتنا وهذا وطننا وهنا باقون.

وأضاف بركة: نحن هنا لنقول لن نقبل بالأبرتهايد، نحن هنا لنقول لا نقبل بأقلّ من المساواة، إن قانون القومية لا يلغي فقط المواطنة وإنما يعني استمرار الاحتلال ومنع إقامة دولة فلسطين، ورفض أي حل سوى حل دولة الأبرتهايد، إنّ هذا القانون يقول إن الحياة فقط بواسطة السيف. إننا ندعو شعبنا إلى إنهاء الانقسام وتوحيد الصف، نحن لن نرحل بل رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، هو من سيرحل وعليه أن يرحل، ولو من أجل الفساد، أو لدواعي العنصرية والكراهية.

إيلوز: نريد قانونا للجميع، لا يمنح امتيازات لمجموعة

في حين خطبت المحاضرة في الجامعة العبريّة، إيفا إيلوز: هاجرت من المغرب، وأنا بنت 10 سنوات وعشت في فرنسا وحصلت على الحقوق ذاتها رغم كوني يهودية، لم يعاملني أحد كمختلّة، شعرت ما هي المساواة الحقيقيّة وهي في مركز حياتنا، عندما نتساوى لا خوف ولا يأس. أن نعيش كمتساوين أي أن نشعر بكرامة وأن نبني الإنسان من الداخل، عندما قدمت لإسرائيل عام 1991، اعتقدت أنها دولة عدالة، رغم الأخطاء، وكانت هناك محاولات للسعي للعدالة. اليوم، حكومة إسرائيل تنازلت عن حتى محاولات أن تكون دولة عادية، وكما في إسرائيل، في فرنسا، أيضًا، هناك انقسام بين معسكرين. ولكن في فرنسا انتصر معسكر العدالة، قبل 200 عام بعد تنازل الإقطاعيين عن امتيازاتهم وهذا ما غيّر العالم.

وأضافت: نحن نريد قانونا للجميع، لا قانونا يمنح امتيازات لمجموعة، إنني أطالب معسكر المركز أن يقف إلى جانب معسكر المساواة والعدالة، وأن يساند العرب في إسرائيل للنضال على مكانتهم. ونحن نقف معكم في معسكر المساواة، هذه أمسية تاريخيّة فيها يقول العرب واليهود لن نعيش في مجتمع أسياد وعبيد. وأنا اتنازل عن الامتياز الذي منح لي كيهودية، نحن نعلن أننا نؤمن بالمساواة بين البشر لبناء مجتمع يسعى للمساواة والسلام، وهذه فرصة للخروج من اليأس الذي يسيطر على العرب واليهود، إن اليأس يخدم نتنياهو.

غنايم: التواجد يدل الثقة الكبيرة بين القيادة والشعب

رئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية ورئيس بلدية سخنين، مازن غنايم، بدوره، قال إن هناك من شكك بالثقة بين أبناء شعبنا والقيادة، وهذا المشهد يدل على الثقة الكبيرة بين القيادة والشعب، لنا الشرف أن نصل إلى هنا للسعي للمساواة الكاملة والسلام العادل. لأول مرة مظاهرة بهذا الحجم خارج قرانا العربية، نحن هنا لنقول نحن أصحاب حق ولن نرفع الراية البيضاء، قانون القومية لم يبدأ اليوم، إنّما منذ عام 1948 والحل هو وحدتنا.

وأضاف غنايم: البحث عن تعديلات ووساطات لا يمكن القبول به، نحن جزء لا يتجزأ من الشعب العربي الفلسطيني، نحن هنا لنحافظ على لغتنا شاء من شاء وأبى من أبى، أيّة مساواة يتحدث عنها نتنياهو عندما يكون 53% من أطفالنا تحت خط الفقر، ويأتي هذا القانون العنصري ضد مواطنين أصلانيين في هذه الدولة. سنحافظ على لغتنا وعلى هويتنا فنحن هنا ولدنا ولم نأتِ بطائرة ولا على متن سفينة.

شوكين: "وثيقة الاستقلال" ضمنت المساواة

وقال ناشر "هآرتس"، عاموس شوكين، إنّه قبل 70 عاما قامت إسرائيل، التي عرّفت نفسها كدولة يهودية، تعطي حقوقا متساوية لكل مواطنيها دون تمييز بين نوع أو بين الأشخاص. هنا، اليوم، يوجد اختلاف حول هوية إسرائيل وطريقها ولكن مقابل حكومة تحرض ضد مواطنيها. علينا أن نكون موحّدين كي نضمن ديموقراطية ومساواة كأساس لكل شيء، لذلك أنا هنا اليوم.

وأضاف شوكين: دولة إسرائيل، كما قال رئيس الدّولة، مركبة من أربعة أسباط، علمانيين، متديّنين، حريديم وعرب متساوين في الحقوق. قبل 27 عامًا سن قانون حرية الإنسان وكرامته، لكنّ اليمين المتطرف لم يتقبل تعريف المحكمة لقانون حرية الإنسان وكرامته. إن "قانون القوميّة" يعرف الدولة كدولة يهودية ولا يأتي على ذكر المساواة، ودون أي ضمان للمواطنين غير اليهود، والهدف واضح ألا يتمتّع المواطنون غير اليهود بحقوق متساوية، إن العنصرية الواضحة غير مقبولة، وإن وثيقة الاستقلال ضمنت المساواة، لن تكون ديموقراطية تفرق بين مواطن وآخر، بما فيها الحق بالمسكن والاستيطان. إنّ نضالنا ليس فقط على حقوق العرب بل هو نضال على الديموقراطية في إسرائيل، وكل مواطن إسرائيلي تعني له الديموقراطية عليه أن يناضل وألّا يتوقف حتى يلغى هذا القانون.

وانتهى إلى القول مخاطبًا المواطنين العرب: إن نتنياهو يسعى إلى إيصالكم إلى اليأس فلا تمنحوه هذه الفرصة، مارسوا حقكم في الانتخاب.

فرّو: الدروز ليسوا مرتزقة.

وقال المؤرّخ قيس فرو إن الأمر عُرض وكأن الدروز هم فقط من مُس بهم في هذا القانون، هو عرض مشّوه ومقصود. وهو الجانب الذي يخدم الدولة وبعض تجار السّياسة، وكأن الدروز لا علاقة لهم بالعرب الذين يعارضون القانون، وكأن الحقوق مرتبطة بالخدمة العسكرية، وهذا دخلنا لحوار هل نحن " مرتزقة"؟ ثم جاءت اقتراحات نتنياهو حول التعديل وسط مدائح للطائفة الدرزية، والتخفيف عن الضغوطات على الطائفة الدرزية، وكذلك شدّد بينيت على محاولة إيجاد حل للدروز. وأنا أقول للدروز إن عروضًا كهذه في السابق لم تأت بأيّة نتائج. شكّل قانون القومية صفعة لكل من قبل بالتسويات التي طرحت تباعا لأبناء الطائفة، وهذا القانون جعلهم يتساءلون هل تحولنا إلى "مرتزقة"؟ ثم تأتي ادّعاءات أن لا تخلطوا بين السياسة وبين الخدمة العسكرية، وهذا واقع يتكرّر. وأذكركم بقضية مصادرة الأراضي من أعوام السبعين، وما جاء بعدها من وعود وهذه الوعود تتكرر، وهي مجرد سياسة فرّق تسد، لفصل الدروز عن عمقهم العربي، أنا أقول إنّ القيادة الدرزية، وبدل أن تطالب بحقوق متساوية تتصرف وكأن الدروز "مرتزقة"، وأنا لا أقول إنّ أبناء الطائفة المعروفية "مرتزقة"، وإنما تتصرف القيادة الدرزية وكأنهم كذلك. على أن نسعى إلى مواطنة متساوية للجميع، فالحلول الجزئية لا يمكن قبولها. وأحذر أبناء الطائفة الدرزية من حلول جزئية وربط الحقوق الطبيعية بالمواطنة بالخدمة العسكرية.

أبو رحمون: الردّ الوحيد على هذا القانون الكولنيالي هو دولة جميع مواطنيها

دعت النائبة نيفين أبو رحمون (التجمّع، القائمة المشتركة)، إلى إعلاء صوت الفلسطينيين عاليًا رفضًا لـ"قانون القومية"، الذي يشكّل تعبيرًا صارخًا عن قمع الفلسطينيين شعبًا ككل، أو المواطنين داخل الخطّ الأخضر وعن التمييز الفاضح الذي يمارسه النظام الصهيوني الكولنيالي، وعن مسعاه إلى جعلهما أساسًا دستوريًا.

وقالت أبو رحمون: "الردّ الوحيد على هذا القانون الكولنيالي هو دولة جميع مواطنيها، ودولة تستند إلى مساواة في حقوق جميع مواطنها دون أي تمييز على أرض الواقع في العرق أو القوميّة أو الدين أو الجنس، وليس مجرّد شعارات كالتي تقدّمها إسرائيل".

وأضافت "كلّي أمل بأن تثير صرخاتنا اليوم معارضةً اجتماعيّة شاملة لهذا التشريع التمييزي والعنصري، ولسياسات الفصل العنصري التي تمارسها دولة إسرائيل. كل من يدعم مبادئ العدل والمساواة عليه أن يقف إلى جانبنا في نضالنا المفصليّ هذا".

وانتهت أبو رحمون إلى القول إنّ "المظاهرة اليوم هي بداية لنضال جديد، نضال شعبي وسياسي إلى جانب النضال في الكنيست. الآن، علينا أن نكمل نضالنا لإحقاق حقّ تقرير المصير للشعب الفلسطيني وبدء إنشاء مؤسساتنا الوطنيّة الفلسطينيّة. قانون القوميّة يصيب حقّ تقرير المصير للشعب الفلسطيني برمتّه بمقتل، لذلك علينا أن نكون موحّدين وأن ندفع بإستراتيجيّة مشتركة للنضال ضد هذا التشريع".

سجال حول رفع العلم الفلسطيني

وتسبّب مكان المظاهرة، ودعوة شخصيّات صهيونيّة إلى إلقاء كلمات، مثل شوكين، بالإضافة إلى الدعوة الصريحة لعدم رفع العلم الفلسطيني التي أطلقتها جهات في المتابعة، بجدل كبير على مواقع التواصل السياسي حول سقف الخطاب السياسي لفلسطينيي الداخل في المرحلة الرّاهنة.

وتقدّر لجنة المتابعة أعداد المشاركين في المظاهرة بالآلاف، وذلك في بيان صدر عنها الثلاثاء الماضي، أعلن خلاله على إقامة غرفة طوارئ لإدارة التحضيرات وضمان تشابك الجهود، لإنجاح "مظاهرة الآلاف" التي دعت إليها لجنة المتابعة.

كما أعلنت المتابعة في البيان أنها تلقّت بلاغات من عدد من حركات سلامية وديمقراطية في الشارع الإسرائيلي، بعزمها المشاركة في المظاهرة التي ستجري باسم لجنة المتابعة وتحت شعاراتها.

"المظاهرة انطلاقة لإلغاء قانون القومية ولتفكيك الابرتهايد الإسرائيلي"

أكّد رئيس الكتلة البرلمانية للقائمة المشتركة، النائب د. جمال زحالقة، أن مظاهرة عشرات الآلاف في تل أبيب هي انطلاقة المعركة لإلغاء قانون القومية الكولونيالي العنصري. وقال زحالقة: "هدفنا ليس إلغاء قانون الأبرتهايد الجديد فحسب، بل إلغاء كل القوانين العنصرية وتفكيك نظام الابرتهايد الإسرائيلي برمّـته".

وقال زحالقة: "لا نكتفي بتعديل القانون وإضافة كلمة مساواة فهي لن تنقذه من عنصريته، ويبقي الجوهر الكولونيالي للقانون، ولا نكتفي أيضًا بإلغاء القانون لأن هذا يعيد حالة التمييز والفصل العنصري إلى ما كانت عليه. لا مجال للحصول على مساواة إلّا بتغيير النظام القائم كليًّا وتحويله إلى نظام دولة ديمقراطية لكل مواطنيها، ينعم فيها الجميع، عربًا ويهودًا، بالحرية والكرامة وبالمساواة التامة الفردية والجماعية".

وتطرّق زحالقة إلى ما جاء في القانون بخصوص القضية الفلسطينية: "لقد فرض القانون على التاريخ اليهودي أسطورة الوطن التاريخي الصهيونية، واشتق منها حق تقرير المصير لليهود فقط وشرّع الاستيطان، وأكّد على ضم القدس ومنح صفة قانونية لمحو الفلسطينيين ولتهويد الزمان والمكان واللغة. وهو بهذا استهدف بشكل مباشر كل أجزاء الشعب الفلسطيني، ويجب أن يكون ردّ فلسطيني شامل عليه. لذا فإن الخطوة القادمة هي إضراب عام للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، حتى نرسل للعالم بأسره رسالة بأن شعب فلسطين هو شعب واحد وهو يرفض قانون القومية ويرفض كل المشاريع الرامية إلى تصفية قضيته، وسيبقى يناضل حتى يحقق انهاء الاحتلال والاستقلال والعودة".