تحل انتخابات السلطات المحلية بالبلاد المزمع إجراؤها في تاريخ 30.10.2018 على منطقة النقب، جنوبي البلاد، في ظل التصعيد المتواصل في السياسة الإسرائيلية للسيطرة والتحكم في مصير وشكل حياة العرب في الداخل الفلسطيني عموما والنقب على الخصوص.

وفي حين تشغل المعركة ضد سياسة هدم المنازل وأزمة السكن الحيز الأكبر في حياة المواطن العربي، تقع مسؤولية مواجهتها والتصدي لها وتوفير حلول السكن بالقدر الأكبر على المرشحين لرئاسة وعضوية السلطات المحلية الذين أدرجوها ضمن برامجهم الانتخابية.

يشغل النقاش الاجتماعي شرائح واسعة من العرب في النقب، في صلبه مسألة المشاركة السياسية للنساء، ويطرح السؤال كيف سيبدو شكل المرحلة المقبلة للنساء في الحيز الانتخابي بالنقب؟

وفي هذا الصدد، حاور "عرب 48" مجموعة من الناشطات السياسيات والاجتماعيات بالنقب حول المشاركة السياسية والتحديات المختلفة.

وقالت مديرة مركز حقوق النساء العربيات بالنقب في جمعية 'معك' الناشطة الحقوقية والنسوية، إنصاف أبو شارب، من قرية اللقية، لـ'عرب 48' إن "المرأة العربية تتمتع بالقدرة الكاملة على العطاء والتدرج بشكل سليم وفعال في كل الساحات المهنية والاجتماعية والسياسية، وعلى الصعيد السياسي تنعدم المشاركة السياسية للنساء بالنقب بسبب الحواجز الاجتماعية والعلاقة المباشرة مع التضييق الحكومي وسياسات هدم البيوت والإفقار، إلى جانب ظروف الحياة الصعبة التي تفرض على النساء الإنهماك في أمور الحياة اليومية ومسؤولياتهن الكبيرة".

وأضافت أنه "من غير المعقول أن تبقى أبواب السلطات المحلية موصدة أمام النساء، وهذا هو صلب عملنا النسوي. هدفنا إزاحة المعيقات والأفكار المسبقة فيما يخص قدرة النساء على المشاركة في اللعبة السياسية. ونحن على يقين بأن كل المشاريع والقرارات التي تشارك بها النساء داخل السلطات المحلية والتي يتم العمل عليها من وجهة نظر جندرية، ستحقق أهدافها بشكل أفضل لصالح المجتمع ككلّ. كما أن هذا الأمر سيعزز الديمقراطية ويساعد على إنجاح أعمال السلطات المحلية والبلدات العربية عموما".

وختمت أبو شارب بالإشارة إلى بوادر إيجابية بدأت تظهر في مشاركة نساء في العمل السياسي، وقالت إن "كل خطوة في اتجاه تعزيز مكانة المرأة ومنحها فرصة المساهمة والعطاء في الحيز الجماهيري وعلى الصعيد السياسي هي مباركة، ومنها بروز عدة أسماء نسائية كسرت الحاجز النفسي وقطعت شوطا في التدرج الجماهيري في بلداتها. وإذا لم تظهر النتائج المطلوبة في الانتخابات المحلية المقبلة فأنا مؤمنة بأنها ستظهر في الانتخابات التي تليها".

أسماء الصانع

وفي خضم البحث وإعداد التقرير برز مشروع المجلس النسائي النقباوي، وهو مبادرة اجتماعية سياسية تعمل على الرقي بالعمل النسائي في النقب ودمج النساء في مراكز صنع القرار.

وقالت مركزة مشروع المجلس النسائي في جمعية "سدرة" النسائية والعاملة الاجتماعية، سارة العمور، من مدينة رهط لـ"عرب 48" إن "المجلس النسائي النقباوي الذي أقيم في تاريخ 26.12.2017 يعمل على دمج النساء العربيات البدويات في مراكز القرار وضمن الحلبة السياسية، بغية تعزيز تمثيلهن وإسماع صوتهن في الحيّز العام الذي يعاني من غياب العنصر النسائي ويصبو إلى تشجيع الحضور النسائي في مراكز صنع القرار، على صعيدي السلطات المحلية ولجان القرى غير المعترف بها والأطر السياسية المعروفة، وذلك عبر التجهيز النفسي والنوعي للنساء المشاركات في المجلس النسائي وتبادل الخبرات بين النساء على الأصعدة المختلفة والتثقيف في مواضيع مختلفة مثل الحقوق، الحياة السياسية وتنظيم الأسرة، مع محاضرين وموجهين مختصين".

وشرحت عن العمل الميداني للمجلس النسائي النقباوي، وقالت إن "المجلس النسائي النقباوي الأول يضم 50 امرأة من معظم قرى النقب، وتشارك عضوات المجلس النسائي في اجتماعات لجنة التوجيه العليا لعرب النقب بشكل دوري، كما تقوم بمتابعة حقوق النساء العربيات ووضع خطوات عملية في اتجاه تعزيز مكانة المرأة ومساعدة النساء الأقل حظا وضحايا العنف الاجتماعي وغيرها. ومن بين النشاطات التي قمنا بتنظيمها في المجلس النسائي النقباوي المبادرة لاجتماع طارئ للنواب العرب، لمناقشة جرائم قتل النساء العربيات".

وتحدثت مديرة جمعية "نساء اللقية"، أسماء الصانع، عن أهمية التوعية السياسية للنساء بالنقب، وقالت لـ"عرب 48" إن "المشاركة السياسية للنساء كما يرى الكثيرون ممن يهمهم الأمر ما زالت بعيدة عن التطبيق بسبب صعوبة التحديات المصوبة تجاه عرب النقب ونساء النقب بشكل خاص وتركيبة المجتمع المحافظ الصعبة على النساء. وبالتالي، أعتقد أن هناك ضرورة لتوعية النساء بحقوقهن الإنسانية والطبيعية وحقهن في الحضور السياسي والاجتماعي على الصعيد العام".

وأضافت أن "النساء العربيات الفلسطينيات في مجتمعنا تتحمل مسؤوليات كبيرة. والمرأة عماد البيت العربي، وهذا بالذات يعطي النساء ميزة على الرجال في العمل المهني ذلك أن التفاصيل التي تعنى بها النساء بالبيت والحياة الزوجية والمجتمع والتوفيق مع عملها وتقدمها الشخصي هي أهم وأصعب من المسؤوليات الملقاة على السياسيين الذكور في غرف مغلقة. وتقع على الرجال مسؤولية الدعم والمساعدة والإيمان بقدرة النساء على المساهمة والعطاء، ومن أجل الوصول لهذه النتيجة فإنه على الرجال أن يكونوا أسياد قراراتهم في البداية لا أن تكون التبعية العمياء هي للقبيلة والعشيرة، بل للكفاءات بدون اي اعتبارات أخرى".

وختمت الصانع حديثها لـ"عرب 48" بالقول إن "الجزء الأكبر من مصير النساء وكسر الحواجز يعتمد على النساء أنفسهن. وعلى كل امرأة تعنى بالمشاركة السياسية تقع مسؤولية المساهمة الاجتماعية والتدرج في كل الساحات المطلوبة، وفرض نموذج جديد للنشاط الاجتماعي الواعي الملم بالمشاكل الاجتماعية والأفق للتحسين والمعركة القومية لعرب النقب، وألا يكون الهم الوحيد الوصول إلى دوائر القرار بل الوصول للتغيير الاجتماعي والتأثير على القدر الأكبر من الأفراد في سبيل بناء المجتمع الصحي".

راوية أبو ربيعة

وفي نفس السياق، قارنت المحامية والناشطة النسوية، د. راوية أبو ربيعة، بين دور النساء في انتخابات السلطات المحلية ودورهن في الانتخابات البرلمانية ونظرة المجتمع إليهن في الحالتين، وقالت لـ"عرب 48" إن "أكبر الحواجز التي تعاني منها نساء النقب في العمل السياسي هي مشكلة الشرعية الاجتماعية والتي تظهر معاييرها بشكل غريب بين تعامل المجتمع مع قصص نجاح لنساء مثل حنين زعبي أو عايدة توما، ولكن على الصعيد البلدي قد لا يتعامل المجتمع بنفس الموضوعية مع ترشح المرأة للانتخابات المحلية".

وأضافت أنه "بالرغم من وجود تقدم كبير في تعليم الفتيات بالنقب وانخراطهن في الحياة الأكاديمية وأصبح أنه من المفهوم ضمنا بدرجة معينة تعلمهن الجامعي، إلا أن المجتمع ما زال يرفض تقبل فكرة المشاركة السياسية للمرأة. وعند مقارنة وضع المرأة العربية بالبلاد ووضعها في الدول العربية نجد أن المرأة هناك قطعت شوطا في هذا السياق حتى وصلت إلى مرحلة تحصين مقاعد مضمونة للنساء".

وختمت أبو ربيعة بالقول إن "تحصين أماكن للنساء في السلطات المحلية قد يكون ضروريا لفتح باب المشاركة لهن، والمثال على ذلك تجربة النائبة حنين زعبي في حزب التجمع الوطني الديمقراطي في الدورة الأولى لها في العمل البرلماني ومن ثم انتخابها دون تحصين".

اقرأ/ي أيضًا | انتخابات 2018: هل تخبو القبلية أم تنتصر في رهط؟

اقرأ/ي أيضًا | ائتلاف "صوتك قوة" يصعّد المطالبة بتمثيل نسائي في السلطات المحلية