بات التمثيل النسائي في السلطات المحلية قضية تستحوذ اهتمام الكثيرين ممن يؤكدون على أهمية دمج المرأة في مواقع صنع القرار في المجتمع العربي بالبلاد.

وبادرت مجموعة "نساء القلعة" في مدينة شفاعمرو إلى ترشيح الناشطة السياسية، نجمة عباس حمادي، رئيسة لقائمة عضوية مستقلة تنافس في انتخابات السلطات المحلية 2018.

وتنشط نجمة حمادي عباس منذ عشرات السنين في مجالات جماهيرية عديدة في شفاعمرو والمجتمع العربي، أم لثلاثة أبناء هم: فادي طبيب متخصص في معالجة أمراض الأعصاب، ومجدي رئيس طهاة "شيف" في أحد المطاعم، وروان صيدلانية، وطارق طالب في المرحلة الإعدادية.

لقيت الدعم في حرية القرار من الزوج الذي يرى بأن مسألة ترشيحها هو حرية شخصية من حق زوجته. تعمل نجمة ممرضة وهي عضو في لجنة الصحة التابعة لبلدية شفاعمرو ومنتدى الصحة في المدينة، كذلك عضو جمعية "ثمرة الزيتون" التي أقامت مدرسة "فالدروف"، عضو في منتدى لتطوير الصحة في الجليل، وهي خريجة "برنامج مانديل لخلق قيادات جديدة"، حاصلة على عدة تدريبات في موضوع خوض انتخابات السلطات المحلية من خلال الحملة التي أطلقتها جمعية "كيان"، من خلالها جرى تنظيم العديد من الحلقات حول التمثيل النسائي في السلطات المحلية في العديد من البلدات العربية.

"عرب 48" حاور المرشحة نجمة حمادي عباس والتي أكدت على أن "نساء القلعة في شفاعمرو بادرن لطرح نسوي غير طائفي وغير عائلي، ولا نرضى أن نزين قوائم عضوية".

"عرب 48": لماذا جرى اختيار نجمة عباس رئيسة قائمة نساء القلعة للعضوية لانتخابات 2018؟

عباس: نحن في قائمة نساء القلعة نطرح طرحا نسويا غير طائفي وغير عائلي، ولا نرضى أن نزين قائمة عضوية في مكان ثان أو ثالث للمرأة بهدف رفع العتب! بل لنبدأ بالتغيير من خلال طرح جديد يفرض نفسه على واقع مجتمعنا العربي. أعلنا أن الباب مفتوح أمام أبناء شفاعمرو من الرجال والنساء للانضمام وخصصنا لهم المكان الثاني، فالقائمة ليست حكرا على النساء، بل هي قائمة شفاعمرية مستقلة تضم جميع العائلات والطوائف. جرى اختياري تقديرا لنشاطي وإيماني بالعمل البلدي وشدة انتمائي للبلد. لدي طموح لخدمة بلدي وأسعى لتكون شفاعمرو أفضل مدينة، ولتغيير واقع المدينة العريقة التي تعاني من عدم تمثيل نسائها في مواقع اتخاذ القرارات، بهدف تغيير الخطاب في المجلس البلدي لخطاب مشترك، فالمرأة التي تجتاز مسارا شاقا لخدمة المصالح العامة في مجتمعنا العربي قادرة على مواجهة التحديات لتوفير جودة حياة في مجتمعنا.

"عرب 48": كيف أثرت تجربتك في انتخابات 2013 على قرار ترشحك الحالي؟

عباس: خضت الانتخابات في العام 2013 لأول مرة وكنت أول امرأة ترشح نفسها في المدينة. كانت تجربة جديدة تحمل في طياتها تحديات كثيرة ونجحت لأكون عضو بلدية ليومين فقط ومن ثم بسبب فائض الأصوات خسرت القائمة المقعد بفارق أصوات قليلة جدا. في البداية عند ترشيحي للانتخابات واجهت انتقادات بأن العمل البلدي والسياسي لا يناسب المرأة وهو أمر صعب. تلك الانتقادات جعلتني متمسكة بالهدف بشكل اقوى، فهناك نساء يردن ترشيح أنفسهن للانتخابات، لكن يحتجن إلى دعم النساء الأخريات. هدفي الأساسي من الترشح صنع التغيير. عدد كبير من النساء العربيات يعمل في مناصب عالية ولا بد أن تشارك المرأة في الانتخابات، ونحن كنساء نشكل نحو 50% من المجتمع، لدينا قضايانا ويجب أن نطرحها على الطاولة في السلطات المحلية، ويجب أن نعمل على تحقيق التغيير.

"عرب 48": ما هي الرؤيا التي تحملها قائمة نساء القلعة الشفاعمرية؟

عباس: إعادة صياغة النسيج الاجتماعي من خلال تعزيز البرامج المشتركة وخصوصا في العمل الجماهيري لتعزيز الانتماء للبلد. وعلى صعيد العمل النسوي نطمح إلى تعزيز مكانة المرأة وتوسيع نشاطها ضمن الأطر النسوية، وتوفير أطر تلائم احتياجات المرأة بحسب وضعها الاجتماعي الاقتصادي، وتوفير برامج ومشاريع للمرأة والطفل. أما على صعيد العمل البلدي فنمتلك رؤيا واضحة وهي تعزيز الطرح النسوي في جميع المجالات، فالمرأة يجب أن تكون شريكة في اتخاذ القرارات، كما لا نستثني دور الرجل.

"عرب 48": ما هي التحديات أمام القائمة النسوية الشفاعمرية في خوض انتخابات 2018؟

عباس: يُعتبر قرار طرح قائمة نسائية جديدة تحديا بحد ذاته، فالقائمة لا تعتمد على عائلة أو حزب أو طائفة، وفي حال نجحت هذه القائمة فهذا إنجاز لبلدنا ومجتمعنا العربي. نحن كنساء نواجه تحديات المرأة أمام تحديات الرجل، فهو يزاحم مواقع السلطة أمام السلطات ونحن نزاحم هذه المواقع أمام المجتمع العربي وأمام السلطات.

"عرب 48": هل تأخر المجتمع الفلسطيني في الداخل في طرح فكرة تعزيز تمثيل المرأة في الانتخابات المحلية؟

عباس: للأسف، نعم. لقد جاء الطرح متأخرا، ولن ننتظر أكثر ويجب أن نُغير الواقع. أعتقد أن المجتمع جاهز لمثل هذا التغيير، والمرشحون يتحدثون في دعاياتهم الانتخابية عن أهمية تعزيز مشاركة المرأة في مواقع اتخاذ القرار. أما السبب في هذا التأخير فأنا لا أُبرئ الرجل والمرأة فكلانا نتحمل المسؤولية، وعلينا أن ننطلق لفرض واقع جديد يعتمد على الشراكة لننهض بمجتمعنا.

"عرب 48": كيف تصفين واقع التمثيل النسائي في السلطات المحلية؟

عباس: حسب البحث الأخير لجمعية كيان فإن المرأة العربية لا زالت تعيش حالة تهميش وإقصاء من الساحة السياسية، وحضورها قد يكون رمزيا في أفضل حالاته وصوريا في أسوئها. وأوضحت كيان أن ما يعزز أكثر هذا التهميش والإقصاء والتمييز المؤسساتي، معاناة نسائنا من الموروثِ الثقافي الذي يَعتبر مشاركتها السياسية غير مقبول، ومعاناة نسائنا بسبب المنافسات الحمائلية والعائلية والطائفية التي تغيّب صوت النساء مقابل منافسات ذكورية. بهذا أدعو النساء أن تتجرأ بالخروج عن المألوف ضمن العرف مع احترام ثقافتنا العربية، فالمسؤولية جماعية لا يحاسب الرجال والنساء كل على حدا. لنرتقي بأنفسنا علينا أن نضم وجوها جديدة من الشباب والنساء والرجال وأن نبني واقعا جديدا.

"عرب 48": هل الأحداث السياسية العامة في البلاد ساهمت في دفع النساء لخوض الانتخابات المحلية؟

عباس: نحن نواجه قوانين مجحفة مثل "قانون القومية" الذي يتطلب منا التفكير بطريقة جديدة وأن ندمج المرأة في نضالنا لمواجهة هذا الإجحاف. الظرف الآني يتطلب منا عدم التفكير العائلي أو الطائفي، بل التفكير في كيفية خدمة البلد والمجتمع ضمن رؤيا شمولية. لا يمكننا كنساء أن ننفصل عن الأحداث الأخيرة كالاعتداء الذي تعرض له أبناء شفاعمرو، مؤخرا، فهذه الأحداث وغيرها على مستوى المجتمع العربي عموما والشفاعمري خصوصا تتطلب منا التفكير بنهج جديد. والاحتياجات كثيرة أبرزها تحقيق المساواة على عدة أصعدة، في مجال الصحة، بناء مستشفيات في منطقة شفاعمرو، إقامة غرف طوارئ، مراكز صحية كبيرة، المسكن، الطلاب الجامعيين والصعوبات أمامهم مما يضطرهم للسفر خارج البلاد، وغيرها من قضايا العنف وضحايا حوادث العمل والغرق. المرأة يجب أن تكون شريكة لنتمكن من اجتياز هذه الأزمات.

"عرب 48": أخيرا، ما هي رسالتك للناخب الشفاعمري؟

عباس: شفاعمرو مدينة عريقة بأهلها جميعا. دعونا ننهض ببلدنا من خلال الطرح والخطاب المشترك الذي نحمله. لا يمكن للمرأة أن تقف جانبا أمام ما يواجهه بلدنا ومجتمعنا من أحداث متسارعة. نرى أهمية في دعم طرح جديد يغير مسار المجتمع بهدف تعزيز التعاون المشترك بين أبنائه من أجل توفير جودة حياة لبناء بلدنا شفاعمرو خصوصا والمجتمع العربي عموما. المرأة الشفاعمرية أثبتت كفاءتها وجدارتها في مجالات عديدة وهي تستحق الدعم والتأييد وزيادة تمثيلها النسائي.

اقرأ/ي أيضًا | التجمُّع وأبناء البلد في شفاعمرو: مُستمرون في تحالفنا وندعو لتوسيعه

اقرأ/ي أيضًا | انتخابات 2018: تغييب المرأة عن المشهد السياسي في النقب

اقرأ/ي أيضًا | 6 نساء عربيات على الأقل سيترشحن للانتخابات في مواقع أولى