عندما نتحدث عن يوم الأرض كمحطة مفصلية في تاريخنا كشعب، سياسيًا وتاريخيًا، فهذا يحتاج كل مرة من جديد إلى تقييم سُبل نضالنا والمكاشفة حول ماهية هذا النضال على المستوى الشعبي الميداني وكذلك التعبوي.

والأهم، إلى جانب نضالنا الشعبي والمدني، يجب تقوية المركب الديمقراطي والتشديد على تفعيل عمل مؤسسات المجتمع المدني. بالإضافة إلى ابتكار سبل جديدة في النضال تعتمد على خطة عمل مدروسة، ترتقي بنا كأصحاب أرض ووطن وليس كرد فعل.

هناك تصعيدٌ مستمرٌ من قبل المؤسسة الإسرائيلية، وبالمقابل، تحول نضالنا إلى نضال تقليدي للذكرى ليس أكثر، وهو ما لا يتوافق مع معركتنا الوجودية التي لا زلنا نخوضها حتى الآن.

التحديات

قد يكون بناء قيادة محلية وطنية من خلال تشكيل لجان شعبية تحمل بوصلة وطنية تستطيع قيادة الناس، وطرح قضية الأرض بحرقة ليس التي نخشى فقدانها فحسب، إنما تسعى لاسترجاع الأراضي التي خسرنا.

تحديات كبيرة لا زالت تواجهنا ونحن نحيي ذكرى يوم الأرض الـ42 لهذا العام، منها استمرار اقتلاع وإخلاء وهدم القرى مسلوبة الاعتراف في النقب وقضية الروحة وقضية الأوقاف الأرثوذوكسية والكثير من تحديات يومية ومصادرة الأراضي من خلال التنكر لملكيتها القانونية، وهنا تبرز الخطورة لا في المصادرة فحسب، وإنما، أيضًا، في التنكر للملكية إذ ترفض الاعتراف بالملكية التاريخية وبالحق التاريخي الفلسطيني في أرضه وهنا أهمية النضال في إجبار المؤسسة الإسرائيلية على الاعتراف بحقنا بملكية أرضنا.

وانطلاقًا من هنا، ندرك أهمية تغيير مفهوم التعامل مع يوم الأرض كيوم عادي أو كيوم لتشديد النضال على حقنا التاريخي في الأرض، الذي يحتاج إلى أدوات نضالية مدروسة وألا يقتصر اليوم على ذكرى بل نحتاج إلى طرح تحديات واضحة أمام المؤسسة الإسرائيلية حول الاعتراف بملكيتنا وحقنا الفلسطيني بأرضنا والتي تطرح مرحلة نضال مختلفة في معركتنا الوجودية.

الأوقاف الأرثوذوكسية

واليوم، لا يمكن الحديث عن يوم الأرض كيوم نضالي لنا بمعزل عن قضية الأوقاف الأرثوذوكسية بعد أن أصبحت قضية حارقة وملحة هي قضية تستدعي منا التعامل معها بجدية أكبر وأن تندرج ضمن القضايا الوطنية قضايا الأرض والهوية. عندما نتحدث عن الأوقاف الأرثوذوكسية نتحدث عن جزء أصيل من فلسطين التاريخية، لذلك نحن نتحدث عن استعادة السيادة العربية الفلسطينية على الكنيسة المقدسية المشرقية التي تعاني من هيمنة يونانية تفرض سيادتها على الكنيسة يتوجب علينا تحرير الكنيسة واستعادة ملكيتها التاريخية لأصحاب الكنيسة الحقيقيين أصحاب البلاد.

هذا التلاعب في مصير الكنيسة المقدسية المشرقية "أم الكنائس" وبمصير أبنائها يشكل خطرًا حقيقيًا على مصير الأرض الفلسطينية ومكانتها خصوصًا أننا نتحدث عن الأرض كمركب أساس في تشكيل هُويتنا الوطنية والجمعية.

مسيرة العودة الكبرى

كذلك لا يمكن الحديث عن يوم الأرض كيوم نضالي بمعزل عن التلاحم مع المبادرة لمسيرة العودة الكبرى وأفضل إحياء ليوم الأرض هو تنظيم مسيرة العودة على أن لا تنحصر في غزة الصامدة المحاصرة وإنما تمتد إلى جميع أماكن تواجد الشعب الفلسطيني تحت عنوان فك الحصار.

هذه المبادرة التي تعكس وجه المقاومة الشعبية الفلسطينية تربك الاحتلال الإسرائيلي، هي مقاومة شعبية لفك الحصار وإعادة ادراج غزة وحصارها على أجندة العالم السياسي.

وقد يكون هو إحراج، أيضًا، لما هو تقليدي في نضالنا وللموقف الرسمي الفلسطيني الذي لطالما نادى للمقاومة الشعبية "السلمية" أين هو اليوم من هذه المبادرة؟!

ماذا نريد من نضالنا؟ وكيف نريده؟

يحتاج نضالنا وباستمرار الى إعادة بلورة تليق بنا كأصحاب لهذا الوطن. نريد نضال يرفع سقف خطابنا وأدائنا السياسي نريد نضالا متلاحما مع الكل الفلسطيني يربك ويحرج المؤسسة الإسرائيلية ويلزم الموقف الفلسطيني الرسمي في التماثل مع المقاومة الشعبية.

أداؤنا السياسي مهم لتثبيت الوعي والذاكرة الجمعية للكل الفلسطيني ولكن هذا لا يكفي إذا انحصر بأدوات تقليدية، واجبنا تجاه القضية عمومًا وللأرض خصوصًا هو تعميم حالة وعي حول أهمية تصعيد حراكنا وأدواتنا. نريد يوم أرض نضالي يعيد تثبيت السيادة الفلسطينية على الأرض.

ويبقى السؤال كيف يمكن أن تكون صورة النضال إذا أصررنا على أن أحد جوانب الصراع ليس فقط في مصادرة الأرض، وإنما الاعتراف بالملكية التاريخية لنا كأصحاب لهذا الوطن وأن السيادة بطبيعة الحال لأصحابها.

اقرأ/ي أيضًا | مسيرة العودة الفلسطينية بين السلاح والمقاومة الشعبية المدنية