لم تشذ الكاريكاتورات التي انتشرت في الصحف العربيّة عشيّة هزيمة الخامس من حزيران/ يونيو عام 1967 عن العناوين التي طالعتها تلك الصحف في الفترة ذاتها، من ثقة عمياء بتحرير فلسطين من العصابات الصهيونيّة، إنفصالا عن حقيقة ما يجري على أرض المعركة واتساقا مع الخطاب العام للسياسيين العرب في ذلك الوقت.

وتأتي الكاريكاتورات في تلك الصحف ترجمةً لخطابات سياسيّة ما فتئ السياسيون العرب من ترديدها، مش الشعار الأثير الذي قاله أول الأمر رئيس منظمة التحرير، آنذاك، أحمد الشقيري، وردّده، لاحقًا، الإعلامي أحمد سعيد، وهو 'إلى البحر يا صهاينة'، فقد صوّرها أحد الكاريكاتورات بقبضة كتب عليها 'الجيوش العربيّة' توجّه صفعةً لرجل ملتحٍ يسقط في البحر، كُتِبَ تحتها 'إلى البحر يا صهاينة'، كما في كاريكاتور آخر ظهر فيه ما أسمته الصحيفة 'جيش الشعب' وهو يقوم برمي اليهود إلى البحر، كُتب تحتها 'إلى الجحيم يا صهاينة'.

وفي كاريكاتور آخر، ظهرت إسرائيل على شكل رجلٍ محاصر من قبل فوّهات الجيوش العربيّة، كُتبَ عليها أسماء دول الطوق العربي، وهي سورية ولبنان والمتحدة (في إشارة إلى مصر، التي احتفظت باسم الجمهورية العربية المتحدة، حتى بعد انفصال سورية) والأردن.

بينما أظهر رسم كاريكاتيري آخر شخصًا، يتّضح، من السّياق، أنه إسرائيلي، مشنوقًا بنجمة داوود، كتب أسفلها 'كيف نستعمل نجمة إسرائيل'.

وللأسف، ليس بالإمكان الحصول على الكاريكاتورات التي انتشرت بعد النكسة، كي تتم المقارنة بين حالة التجييش التي سبقت الحرب، وبين حالة الانكسار التي أعقبتها.

اقرأ/ي أيضًا | هزيمة حزيران: معسكر بانياس ومقر الشرطة كانا خاليين

كانت الكاريكاتورات في تلك الحرب تعبيرًا عن لسان المتحدثين الرسميين للسلطات، التي ألهبت قلوب العرب قاطبة بحلم تحرير فلسطين، الذي لا شك أنه ساور قلوب العرب، كل العرب، وأفئدتهم، خصوصًا وهم يسمعون الأنباء المتواترة على تحرير الجيوش العربيّة الجنوب الفلسطيني، لكنهم لم يجدوا أحدًا يعبّر عن همومهم بعد تلك الهزيمة النكراء.