وافق الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، على اقتراح الهيئة الوطنية للصحافة رقم 179 لسنة 2018، الذي ينصّ على معايير صحافية تقيّد الحريّات وتمهّد لدمج الصحف القومية، التي تعتبر بوقًا للحكومة، لتصبح صحافة الرأي الواحد.

ولقّب الإعلاميون القانون بـ"إعدام الصحافة"، تعبيرًا عن رفضهم له، لما يحتويه من تقييد لحريّة الصحافة.

وبند القانون الرئيسية هو الحفاظ على أعضاء "الهيئة الوطنية للصحافة"، بتركيبتها واختصاصها، مؤقتا، ريثما تصدر اللائحة التنفيذية للقانون حسب ما يمليه رئيس مجلس الوزراء، مع الأخذ برأي الهيئة المرؤوسة من قبل موالي النظام، كرم جبر، وذلك خلال ثلاثة أشهر من بدء العمل به.

ويخالف القانون نصّ الدستور الذي كفل حرية الرأي والتعبير وحرية الجمهور بالمعرفة، إذ توسّع في فرض القيود وقوننة الحبس الاحتياطي للصحافيين وإدانتهم بالنشر، وذلك عبر استعمال مصطلحات فضفاضة مثل "الطعن في أعراض الأفراد"، "التحريض على العنف"، التمييز بين المواطنين"، و"الجرائم التي تمسّ الأمن القومي".

وتستطيع الدولة استخدام القانون، لما يحتويه من مصطلحات فضفاضة لإدانة الصحافيين بما يتوافق مع مصلحة النظام، لا تماشيا مع حقوق الصحافيين، التي من المفترض أن يكفلها الدستور.

وأتى هذا القرار، ليغيّر القانون السابق الذي أقرّه الرئيس المعزول ، محمد مرسي، والذي نصّ على حظر حبس الصحافيين على ذمة قضايا نشر وبالتالي ضمان هامش حرية للصحافة، ليجيز القرار الجديد حبس الصحافيين احتياطا، بالتالي خسارة الحرية النسبية التي أتاحتها ثورة 25 كانون الثاني/ يناير في عام 2011، بدون أن يستطيع الصحافيون الاعتراض على ذلك.

تقدمت نقابة الصحافيين بالعديد من الملاحظات حول القانون، لكن البرلمان تجاهل أغلبها، وأبقى على العديد من نصوصه الجدلية دون أدنى تعديل.

وأثار هذا القانون غضبًا، غير معلن، في أوساط العاملين بالمؤسسات الصحافية، خاصة منحه الهيئة القدرة على منع الصحافيين من ممارسة عملهم في الشارع، أو الالتقاء بالمواطنين، والمسؤولين، دون أخذ تصريح من "الجهات المختصة".

وأصدر ستة من أعضاء مجلس نقابة الصحافيين، بيانًا مشتركًا، أعلنوا فيه رفضهم لقانون الصحافة، مؤكدين أنه "يعد استمرارًا لمحاولات تقييد استقلال الصحافة، وحصار حرية الرأي والتعبير، وتقييد حرية الصحافة بالمخالفة لنصوص الدستور، وتهديد استقلال وبقاء المؤسسات الصحافية القومية".

وأباح القانون، للهيئة الوطنية للصحافة، الحق في "إلغاء ودمج المؤسسات والإصدارات الصحافية"، والذي أتاح خصخصة المؤسسات القومية، وفقدان المئات من العاملين فيها لوظائفهم، فضلاً عن وضع رئيس الهيئة رئيسًا للجمعيات العامة التابعة لكل المؤسسات الحكومية، وحصوله على صلاحيات واسعة تمكّنه من تعيين أعضاء هذه الجمعيات من خارج المؤسسات الصحافية.

وأعطى القانون للهيئة "الحق في مد السن للصحافيين بقرار منها"، وهي صلاحيات تتيح الوساطات بالعمل، وتهدر كفاءات حقيقية بهذه المؤسسات، بحسب بيان أعضاء مجلس نقابة الصحافيين.