هل ردعت نظرية "الرجل المجنون" بيونغ يانغ؟

منذ تولي الزعيم كيم جونغ أون السلطة في 2011، حققت كوريا الشمالية تقدما سريعا نحو تحقيق هدفها تطوير صاروخ يمكن أن يجهز برأس نووي ويمكن أن يضرب الأراضي الأميركية.

هل ردعت نظرية

(تويتر)

لم يشهد العالم من قبل مناوشات ومشادات بهذه الحدة والوضوح بين زعيمين لدول تمتلك قوة نووية، وفي حين يرى البعض أن سياسة ترامب في التعامل مع التهديد النووي الذي تشكله كوريا الشمالية على الأمن القومي الأميركي، غير مدروس ومتهور، يرى خبراء مطلعون على الملف الكوري، أن موافقة بيونغ يانغ في نهاية المطاف على استئناف الحوار مع سيول، قد تكون ناجمة جزئيا عن الخوف من أن تنفذ الولايات المتحدة التهديدات التي أطلقها الرئيس دونالد ترامب بشن حرب.

بعد سنتين من تصاعد التوتر في شبه الجزيرة الكورية، شهد الوضع فجأة هدوءا بعد أول محادثات بين الكوريتين، أمس الثلاثاء، ومع قرار بيونغ يانغ إرسال وفد إلى الألعاب الأولمبية الشتوية المرتقبة في الجنوب الشهر المقبل.

منذ تولي الزعيم كيم جونغ أون السلطة في 2011، حققت كوريا الشمالية تقدما سريعا نحو تحقيق هدفها تطوير صاروخ يمكن أن يجهز برأس نووي ويمكن أن يضرب الأراضي الأميركية.

ومن غير المعروف إذا كانت بالفعل قادرة على إطلاق صاروخ مجهز بقنبلة نووية قادر على الوصول إلى البر الأميركي، لكن تقدمها التكنولوجي والعسكري ساهم في تعزيز موقفها الدبلوماسي تحسبا لاحتمال استئناف المفاوضات.

وقال كيم جون أونغ، في خطابه بمناسبة رأس السنة، إن كوريا الشمالية "يمكنها مواجهة أي تهديد نووي من الولايات المتحدة، إنها تملك ردعا قويا قادرا على منع الولايات المتحدة من اللعب بالنار".

في حين نقلت "فرانس برس" عن خبراء أنه مهما كانت القدرات الفعلية لكوريا الشمالية والإعلانات الصادرة عن أجهزتها الدعائية، فإن الخطاب الحربي للرئيس ترامب الذي لا يمكن توقع تصرفاته، ترك في نهاية الأمر أثرا لدى نخب النظام الكوري الشمالي، التي قد تكون حاولت خفض حدة التوتر بدافع القلق من احتمال حصول حرب.

إستراتيجية نيكسون

حضر مدير معهد دراسات الشرق في الأكاديمية الروسية للعلوم، ألكسندر فورونتسوف، في نهاية السنة الماضية عدة اجتماعات في بيونغ يانغ.

وكتب، أمس الأربعاء، على موقع "38 نورث" أنه اجتمع مع مسؤولين كوريين شماليين "كانوا يخشون أن تكون الولايات المتحدة تحضر ميدان المعركة لعملية عسكرية ضد الشمال".

وأضاف "لقد بدوا مندهشين فعلا من أن الجنوب ليس مدركا بأن ترامب كان يمضي بحزم نحو الحرب". وأكدوا أن بيونغ يانغ "لم يكن لديها أية أوهام" حيال هذا الأمر.

وأشار إلى "قلق متزايد" في بيونغ يانغ، من أنه يجري التحضير لهجوم وأن "ساعة الصفر لم تعد بعيدة جدا".

وأكد مسؤولو إدارة ترامب، عدة مرات في أكثر من مناسبة، أن الخيار العسكري مطروح على الطاولة كما أن الولايات المتحدة شاركت في 2017 في عدة مناورات مشتركة مع اليابان وكوريا الجنوبية ونشرت في الوقت نفسه ثلاث حاملات طائرات في المنطقة.

ومنذ وصوله إلى السلطة، أهان ترامب الزعيم الكوري الشمالي عبر وصفه بأنه "قصير وسمين" واعدا بصب "النار والغضب" على النظام، كما أنه عارض علنا وزير خارجيته ريكس تيلرسون حول احتمال إجراء اتصالات مباشرة مع بيونغ يانغ.

وبذلك، اعتبر عدد من المحللين أن الرئيس يستخدم "نظرية الرجل المجنون" التي كان يلجأ إليها الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون، وتقوم على أساس إعطاء الانطباع بأن رئيس الولايات المتحدة متهور وغير منطقي بهدف إخافة الخصوم وحملهم على تقديم تنازلات.

"خوف كبير"

في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وصل ترامب إلى حد التهديد "بالتدمير الكامل" للنظام الكوري الشمالي. واعتبر كيم جونغ أون، آنذاك، أن هذه التصريحات صادرة عن "مريض عقلي".

وكتب آنذاك أحد معلقي صحيفة "نيويوركر" أنه "لم يتحدث أبدا في السابق زعيمان يترأسان دولتين نوويتين بهذا الوضوح عن مواجهة".

ورأى غو ميونغ هيون، من معهد "أسان" للدراسات السياسية، أن البيت الأبيض تمكن من "زرع خوف كبير لدى بيونغ يانغ". وقال إن الكوريين الشماليين "أتوا للمحادثات مع الجنوب لاستعادة بعض المجال الإستراتيجي".

أمس الأربعاء، شكر الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن، نظيره الأميركي، على جهوده، مشيدا بدوره "المهم جدا".

لكن وزير الخارجية الأميركي السابق، جون كيري، اعتبر من جهته أن تغريدات الرئيس الأميركي خلقت "فوضى سياسية"، فيما رأى العديد من الخبراء أن موقف ترامب سيؤتي على المدى الطويل نتائج عكسية.

وكتب روبرت كيلي، من جامعة بوسان الوطنية، في الأيام الماضية، أن الرئيس الأميركي "كان يتحدث إلى الدولة الأخطر في العالم وكأنها ولد لا يطاق".

وقال "بصراحة إن ترامب قام ببساطة بتصعيد الأمور وخطابه أقنع بالتأكيد النخبة في نظام كيم بأن البرنامج النووي قرار حكيم".

 

التعليقات