احتفال حاشد لـلحزب الشيوعي اللبناني في الذكرى الـ83 لتأسيسه..

-

احتفال حاشد لـلحزب الشيوعي اللبناني في الذكرى الـ83 لتأسيسه..
«لِيَمت بغيظهم الخبثاء»، عبارة ردّدها مرات عديدة الأمين العام للحزب الشيوعي الدكتور خالد حدادة في احتفال الذكرى الثالثة والثمانين لتأسيس الحزب، وكأنه بهذا القول يبعث رسالة إلى رفاقه السابقين، بأنّ الحزب لا يزال صامداً ومنتشراً على امتداد الوطن وطوائفه وإطاراً سياسياً خارجاً عن «فكّي كمّاشة آذار».

فقد أحيا الشيوعيون أمس ذكرى عيد حزبهم فلفّوا قصر الأونيسكو ومحيطه براياتهم وشعاراتهم الحمراء. وما قاله حدادة من أنّ أكثر من 1000 شاب، لم يتخطّوا سنّ الخامسة والعشرين، قدّموا طلبات انتساب إلى الحزب، بدا واضحاً في الاحتفال، إذ شكّلت الوجوه الشبابية النسبة الأكبر من الحاضرين.

وانهمكت هذه الوجوه الجديدة في تأدية واجباتها التنظيمية، أو بيع الكتب والتذكارات أو متابعة الاحتفال من باحة الأونيسكو الخارجية عبر مكبرات الصوت وشاشة عملاقة.

وكالعادة، أتت مشاركة «كفرموسكو»، أو كفررمان، مميزّة فقدّم شبابها الحزبيون عرضاً مسرحياً بعنوان «صوت حجار»، عرضوا فيه بعض المراحل الأساسية التي مرّ بها لبنان، والخلاصة هي أن «الشيوعيين سيناضلون دائماً وبكل الوسائل الممكنة».

وعاد مارسيل خليفة، خلال احتفال أمس، فشارك الشيوعيين احتفالهم من خلال كلمة ألقاها وضاح معوّض، وكأنّ الفنان أراد محو مدة زمنية طويلة ابتعد فيها عن الحزب ووضع في مناسبات عديدة شالاً «أزرق سماوياً».

وألقيت خلال المهرجان كلمات عديدة، افتتحها الرئيس سليم الحص الذي اعتبر أنّ تمسّك الحزب بمبادئه «إنجاز كبير في بلد تنشط فيه الحياة السياسية التي تفتقد وجود تنظيمات حزبية ذات مبادئ وأهداف ثابتة»، مكرراً قوله «إنّ في لبنان الكثير من الحرية لكن القليل من الديموقراطية»، لأسباب عديدة منها ضعف الحياة الحزبية وتتالي الأزمات الوطنية وآخرها عام 2004 و«التي لا نزال نعيش تداعياتها».

ثم تحدث ممثل رئيس «كتلة التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، الدكتور ناصيف قزي، الذي حيّا الحزب الشيوعي على ما حمله من ثقافة الدفاع عن القضية الاجتماعية «وأخرجها من معادلة الصراع الطائفي». وأشار إلى النقاط التي تجمع «الشيوعي» و«التيار الوطني الحر»، منها «ضرورة معالجة الخلل في النظام السياسي اللبناني وبناء الدولة المدنية العلمانية والديموقراطية التي توحد اللبنانيين على أساس المساواة، إضافةً إلى معالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية ووجوب الحفاظ على السلام الأهلي».

بعد ذلك تحدث المفكر العربي د.عزمي بشارة موجهاً التحية الى الحزب الشيوعي «الذي ناضل من صفوف العمال وحمل السلاح للدفاع عن الوطن»، وقال: «إن اهم ما في هذه المرحلة التي نحن فيها ان الحزب الشيوعي لم يصبح يساراً سابقاً، فلا هو تحجر عقائدياً ولا أصبح يساراً سابقاً»، مؤكداً «الحاجة لوجود الحزب وتراثه ونضاله، وهي حاجة ليست لبنانية انما هي ايضا حاجة عربية للاستفادة من وجود ونضال الحزب الشيوعي اللبناني».

أضاف: «في مرحلة يحاول فيها البعض تخييرنا بين الرضوخ لمخططات الولايات المتحدة الاميركية في المنطقة وبين القبول بالانظمة الاستبدادية القائمة، وإذا لزم النقاش يقولون لنا اما القبول بأنظمة الاستبداد او الأصوليات الدينية، فإن كياننا السياسي كيسار ديموقراطي جدي وليس بالاسم، وكقوميين هو اعتبار هذه الخيارات خيارات وهمية»، لافتا الى «ان اليسار الديموقراطي في مرحلتنا هذه يقدم بدائله ويصنع خياره، وليس في ان ندعم اما المخططات الاميركية او نقبل بسياسات الانظمة الاسبتدادية».

ورأى بشارة «ان الخيارات التي يطرحونها علينا، وهي مرفوضة، هي بين الاستبداد المعادي لأميركا والاستبداد الحليف لأميركا وليس نظاماً غربياً ليبرالياً وبين الاستبداد. ما طرحه الاستعمار الغربي وما طرحته الولايات المتحدة الاميركية، ليس ديموقراطية ليبرالية غربية بل تحالفاً مع القوى الرجعية في مجتماعتنا ضد القوى التقدمية، ثم التحالف مع القوى الدينية ضد القومية».

أما الصحافي سليمان تقي الدين، فعدّد المراحل التي مرّ بها «الشيوعي»، ثم تطرّق إلى أزمة اليسار والفكر التقدمي، معتبراً «أنها الوريث الشرعي لإخفاقات حركة التحرر العربية بجميع وجوهها ومكوناتها». وحدد المهمة المرحلية في تجديد العروبة ورفع راية الإصلاح وإعادة بناء الصلة العفوية بين الاستقلال الوطني والديموقراطية.

الكلمة الختامية كانت للدكتور حدادة الذي توقّف عند نقاط عديدة، منها حرب تموز ومشروع الشرق الأوسط «الجديد القديم» حيث يتصارع محوران أساسيان، مشيراً إلى أنّ وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس أعطت لبنان شرف أن يكون الساحة الرئيسية لهذا الصراع، لكونه أصبح «وبقدرة القديس جورج بوش جزءاً من الأمن القومي الأميركي». وانتقد سياسة الحكومة الاقتصادية والاجتماعية والقضائية، ورأى أنها تخلّت عن مهماتها الوطنية في حرب تموز وتناست أن القرار في العدوان هو قرار أميركي، لافتاً إلى «فشلها في تحويل الخروج السوري من لبنان إلى عامل توحيد للبنانيين وإعادة بناء العلاقات اللبنانية - السورية».

وفي ما يخص المعارضة، اعتبر حدادة أنها فشلت بدورها في صياغة مشروع إنقاذي بديل وساهمت في تبديد مفعول الانتصار الكلي للشعب والمقاومة والجيش في حرب تموز.
وتناول الوضع الراهن مسجلاً ملاحظات حول المبادرات المحلية، واعتبر أنها «مرتبطة ببارومتر ومصالح الخارج سواء الأميركي والأوروبي والإيراني والسعودي والسوري»، مؤكداً «أنّ المبادرات الخارجية نجحت في تسويق تأجيل الانفجار الداخلي والتوصل إلى حلّ مؤقت».

وتطرق حدادة الى عمليات الاغتيال، ومعارك نهر البارد والمسؤولية عن الحرائق ومشاريع الخصخصة وأزمة الكهرباء والديون. واعتبر أنّ فتح بعض الملفات سيساعد في «إعادة اللحمة بين أبناء شعبنا»، مؤكداً «موقف الحزب الداعم للمحكمة الدولية»، وأضاف «نريد تحقيقاً مع مفعول رجعي للأحياء والأموات عن الفساد وهدر المال». وفي الختام أعاد حدادة طرح مبادرة الحزب لحل الأزمة السياسية التي تتمثل بـ«مرحلة انتقالية تقودها حكومة إنقاذية مستقلة تستطيع إبعاد فكي كماشة آذار عن عنق الوطن والشعب".

التعليقات