55 عاما على ثورة 23 يوليو..

-

55 عاما على ثورة 23 يوليو..
تصادفنا اليوم الذكرى الـ 55 لثورة الضباط الأحرار، ثورة 23 يوليو عام 1952 التي حررت مصر من نظام الوصاية الخارجية ووضعتها في حيزها العربي واستنهضت الهمم العربية.

الثورة التي انتشلت مصر من براثن التخلف والفساد والتبعية والخنوع والضعف، لتنهض بها ومعها في جميع المجالات.

وحملت الثورة مشروعا نهضويا لبناء مجتمع عصري حديث متنور ومتحرر. وحققت انجازات حقيقية في مصر، في ميادين شتى ابرزها : التصنيع، الإصلاح الزراعي، بناء المؤسسات العلمية والمدارس والجامعات، التعليم المجاني، تأميم القناة، بناء السد العالي، كهربة الريف وطرد المستعمر البريطاني من خلال اتفاقية الجلاء وبناء الجيش الوطني...

وحررت ثورة 23 يوليو الارادة الوطنية المصرية، ووضعت مصر في مكانها وحيزها العربي، وعززت من مكانتها لتتبوأ قيادة الحركة القومية العربية.

هناك أربع قناعات أساسية آمن بها قائد الثورة جمال عبد الناصر، تركت جميعها بصماتها الواضحة على مسار الثورة طيلة حياة قائدها:

أولاً، أنحيازه الواضح لصالح الفقراء والمستضعفين ومصالحهم ،فناضل من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية.
ثانياً، ايمانه الراسخ بالوحدة العربية وادراكه اليقين لدور مصر القيادي في النضال لتحقيقها.
ثالثا، عداؤه للصهيونية وللتوسع الإسرائيلي.
رابعا، عداؤه للاستعمار.

لقد أدرك جمال عبد الناصر طبيعة إسرائيل وعدوانيتها وخطرها ليس فقط على الشعب الفلسطيني والارض الفلسطينية، إنما أيضًا على المنطقة برمتها. كما أدرك مبكرا أن اسرائيل لا تسعى أن تكون دولة عادية كباقي الدول في المنطقة، وأدرك كذلك أنها وضعت نصب عينيها على أن تكون وتبقى سيدة هذه المنطقة. لذلك رأى جمال عبد الناصر أن التصدي لاسرائيل وعدوانيتها ليس مصلحة فلسطينية فحسب انما مصلحة مصرية عليا. ولعله تيقن أن الدور الذي ترسمه إسرائيل لنفسها، بمساعدة الدول الاستعمارية، لتكون الدولة الاقوى والمهيمنة على المنطقة، لا يمكن له أن يتم الا على حساب مصر ودورها وقيادتها للحركة القومية العربية.

وما أن انطلقت ثورة 23 يوليو واخذت مصر مكانتها ودورها القيادي، حتى تغير وجه المنطقة، واخذ الصراع ضد إسرائيل وعدوانيتها يدخل افاقا جديدة ويأخذ معاني اعمق. انهت الثورة بقيادة عبد الناصر حالة الخضوع العربي لاسرائيل وحددت بوضوح التناقضات الحقيقية في المنطقة، وحصنت الموقف العربي بالمحرمات والمحظورات، ووضعت العلاقات مع إسرائيل على قمة هذه المحرمات، ووضعت من يقوم بها في دائرة الخيانة.

وبقدر ما أحبت الشعوب العربية جمال عبد الناصر، الذي حول فكرة القومية العربية من فكرة نخبوية إلى فكرة شعبية، ورأت فيه قائدا للحركة القومية العربية، ناصبت إسرائيل جمال عبد الناصر العداء. ونكاد لا نجد في التاريخ الحديث حالة مشابهة لمثل هذا العداء. لقد احتشدت «القبيلة» الاسرائيلية بكل مكوناتها ضد عبد الناصر. وفي كل عام في عيد «لاغ بعومر» اليهودي كان افراد «القبيلة» الاسرائيلية،بتحريض من قيادتهم، يصنعون مجسدا لعبد الناصر ويضعونه فوق كومة من الحطب ويحرقونه في اغلب المدن والمستوطنات الاسرائيلية!

في الذكرى السنوية لثورة 23 يوليو تجدد الاجيال المختلفة وخاصة الشباب الوطني والقومي، العهد لثورة 23 يوليو المجيدة.



"د.محمود محارب"

التعليقات