اشتباك مسلح بين قوى محلية في صيدا

النائب اللبناني ‏اسامة سعد يتهم اطرافا بمحاولة خلق توترات لتوفير الذرائع لبعض الملفات ‏الحساسة، وطالب بالكف عن اللعب بمصير الناس

اشتباك مسلح بين قوى محلية في صيدا
مرة جديدة، تكون فيها منطقة تعمير عين الحلوة التي تعتبر اشبه بـ«جزيرة امنية»، لكونها ‏تقع خارج سيطرة الجيش اللبناني، وحتى خارج مخيم عين الحلوة، بؤرة توتر امني تحصد القتلى ‏والجرحى وتوقع الاضرار المادية، من دون حسيب او رقيب.‏

والغريب في الامر ان الغالبية الساحقة من وسائل الاعلام تجاهلت الاشتباك ولم تنشر تفاصيل حوله.

وافادت صحيفة الديار اللبنانية بان منطقة صيدا شهدت ثلاث ساعات ساخنة، حفلت بالاشتباكات التي روعت سكان المنطقة ‏اللبنانيين، في تبادل لاطلاق النار بدأ باشكال فردي وتطور الى ما يشبه «الحرب».‏

ومنطقة تعمير عين الحلوة، التي كانت قبل اشهر قليلة محطة لاحتجاجات اطلقت في وجه القوى ‏الامنية، حيال الاجراءات الامنية التي تتخذها وحداته عند مداخلها، كانت يوم امس، ‏وبتوقيت سياسي لافت، محطة لتوتير امني، كاد ان يتطور ويدخل في نفق مظلم، وسط اسئلة دارت ‏من قبل اوساط سياسية، عما اذا كان ما جرى من اشتباكات يرتبط بصورة مباشرة بـ«حرب ‏الانفاق» التي فتحت بين بعض الاطراف الفلسطينية والحكومة اللبنانية.

لكن اللافت الذي ‏ترافق مع اشتباكات التعمير، الاتهام الذي وجهه رئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب ‏اسامة سعد، الذي اتهم اطرافا على علاقة ما ببعض الاجهزة اللبنانية والقوى السياسية ‏النافذة، يتم مدها بالمال، تحاول خلق توترات لتوفير الذرائع على الارض، لبعض الملفات ‏الحساسة، وطالب سعد الاجهزة بالكف عن اللعب بمصير الناس والاساءة لهم.‏

وتتداخل منطقة تعمير عين الحلوة جغرافيا مع مخيم اللاجئين الفلسطينيين في عين الحلوة، ووحداتها ‏السكنية بنيت في العام 1956، على اثر الزلزال الذي ضرب اجزاء واسعة من لبنان احدث ‏تدميرا واسعا في عدد من المناطق ومنها بيوت صيدا القديمة، قبل ان تنشأ صيدا الحديثة، وهي ‏تعتبر من الاكثر المناطق اكتظاظا، حيث تعيش فيها مئات العائلات الصيداوية المسحوقة ‏اجتماعيا، وهي، وعلى عكس بقية المناطق اللبنانية الاخرى، خارج المناطق الخاضعة لسيطرة ‏الجيش اللبناني منذ انتشاره في منطقة صيدا في الاول من تموز عام 1991، اي انها تحظى بـ«حكم ‏ذاتي» وكل الاحداث الامنية التي تجري فيها غائبة عن سلطة الدولة واجهزتها، وفي السنوات ‏الاخيرة، اقام في تعمير عين الحلوة، عشرات العائلات الفلسطينية، هربا من الاكتظاظ الشديد في ‏المخيم، ولجأ اليها عشرات العناصر المنضوية في منظمات اسلامية متشددة، ومنها منظمة «جند ‏الشام» وما عرف بـ«مجموعة الضنية» التي لجأت اليها في اعقاب الاشتباكات التي خاضتها هذه ‏المجموعات مع الجيش اللبناني في منطقة الضنية في الشمال.‏

ولضبط حركة الدخول والخروج من تعمير عين الحلوة، اقفل الجيش اللبناني بعض الممرات الخاصة ‏بالمشاة عند مدخل المنطقة، ووضع سياجا حولها، خاصة وان منطقة التعمير مفتوحة امام القوى ‏الفلسطينية المتواجدة في المخيم.‏

وفي التفاصيل ان مشكلاً فردياً بدأ اول من امس بين عنصرين احدهم من «جند الشام» والآخر من ‏‏«جماعة الضنية» حيث تطور بعد ظهر امس الى اطلاق نار بين الاثنين، تجمعت على اثره عناصر من ‏الجانبين قدرت بحوالى الخمسين شخصاً وبدأت بإطلاق النار، حيث هرع اهالي حي التعمير الى منازلهم ‏خوفاً من الرصاص الطائش.‏

ومع إصابة احد المدنيين بلغت المعركة اوجها حين بدأ استعمال قاذفات الصواريخ الـ«آر بي ‏جي» تطلق في شوارع حي التعمير من «زاروب الى زاروب» ومن حي الى حي آخر، فسقط عدد من ‏المدنيين نتيجة التراشق.‏

والسؤال المطروح الى اين تم نقل الجرحى؟ ‏فإذا كان تم نقلهم الى مستشفيات صيدا، فمن المفترض ان تتولى قوى الامن الداخلي التحقيق ‏الاولي مع المصابين لمعرفة مصدر اطلاق النار. اما اذا كان تم نقلهم الى داخل المخيم فيعني ذلك ‏انهم ينتمون الى فصيل فلسطيني أو الى جماعات اصولية اتخذت من المخيم مقراً لها.‏

مدينة صيدا لفّها التوتر، وحصلت اجتماعات بين النائبين بهية الحريري وأسامة سعد وقوى ‏اخرى وفاعليات من صيدا لتهدئة الوضع، الا ان كل ذلك لم يسفر عن نتيجة، حيث كان المفاجئ ‏ان الاشتباكات توقفت عند بدء الافطار.‏

الغريب في الامر انه لم يصدر عن وزارة الداخلية او وزارة الدفاع اي بيان رسمي حول ‏تفاصيل الاشتباك، وكأن الامر غير معنيين به، مع العلم ان الاجواء المتوترة التي عمت في ‏منطقة صيدا أعادت اللبنانيين بالذاكرة الى بداية الحرب اللبنانية، وحادثة اغتيال ‏الزعيم الصيداوي معروف سعد في تلك الاثناء.‏

التعليقات