الكويز تثير أزمة عنيفة في مصر

-

الكويز تثير أزمة عنيفة  في  مصر
وقعت مصر يوم الثلاثاء الماضي اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة ( الكويز) مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل والتي تسمح من خلال هذه الاتفاقية بدخول المنتجات المصرية المنتجة في مناطق صناعية معينة في مصر بدون رسوم جمركية او قيود او تعريفات جمركية بشرط أن تشترك إسرائيل في إنتاج هذه السلع بنسبة 11.7 على الأقل من سعر السلعة عند خروجها من المصنع وتم تحديد عدة مناطق صناعية لبدء تطبيق الاتفاقية عليها.

المعرف أن هذه الاتفاقية رفضت مصر توقيعها منذ 1996 وحتى الآن مما حدا بمعارضي الاتفاقية إلى وجود ضغوط أمريكية لتوقيعها في هذا الوقت بالذات وتحاول الولايات المتحدة من خلال هذه الاتفاقية إدماج الاقتصاد الإسرائيلي في اقتصاديات الدول العربي ومحاولة فرض التطبيع الاقتصادي خاصة بعد المعارضة الشعبية للتطبيع في مختلف المجالات وتوقع الولايات المتحدة هذه الاتفاقية بذريعة تنشيط العملية السلمية.


وفي نقابة الصحفيين عقدت اللجنة الاقتصادية ندوة عاصفة حول هذه الاتفاقية دعت إليها المهندس رشيد محمد رشيد وزير الصناعة التجارة الخارجية ولكنه تهرب من الحضور واعتذر في اللحظة الأخيرة وناب عنه العديد من رجال الأعمال المصريين المشتركين بمصانعهم في هذه الاتفاقية وهم من مالكي مصانع الغزل والنسيج ومن كما حضرها المحررين الاقتصاديين في الصحف المصرية، أدار الندوة ممدوح الولي المحرر الاقتصادي بجريدة الأهرام وعضو مجلس نقابة الصحفيين.

بدأت الندوة بكلمات رجال الأعمال والذين أكدوا أهمية هذه الاتفاقية للاقتصاد المصري لرفع الصادرات المصرية للولايات المتحدة من المنسوجات من 550 مليون دولار إلى 5 مليار دولار أسوة بالأردن التي وقعت الاتفاقية في 1999 وارتفعت صادراتها للولايات المتحدة بشكل كبير.

وردا على المخاوف من التغلغل الإسرائيلي في الصناعة المصرية أكد رجال الأعمال إن العمال المصريين هم وحدهم من سيعمل في المصانع المصرية وانه لا خطر عليهم لان الاتفاقية_ حسب زعمهم _ تم توقيعها من أجلهم ومن اجل توفير فرص عمل لهم خاصة وان أول يناير القادم سيتم إلغاء التعامل بنظام الحصص وفتح الأسواق تطبيقا لاتفاقية الجات مما يعرض الصناعة المصرية لخطر المنافسة غير العادلة من المنتجات الصينية التي تلتهم الآن 25 بالمائة من حجم صادرات النسيج العالمي وسترتفع هذه إلى ما يوازي 50 بالمائة مما يجعل السوق الأمريكي العملاق هو الملجأ الأخير لصناعة المنسوجات المصرية .

وأكد رجال الأعمال إن العوامل الاقتصادية وحدها هي التي دفعت إلى توقيع هذه الاتفاقية والتي لا خلفية سياسية ورائها وان كانت هناك خلفية سياسية فإنها لدفع عملية السلام في الشرق الأوسط وأنها في إطار معاهدة السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل.

وفور انتهاء جال العمال من كلماتهم ارتفعت أيادي كثير من الصحفيين لتحاصرهم بالأسئلة وكان أول المتحدثين هو الأستاذ أسامة غيث نائب رئيس تحرير جريدة الأهرام اقرب الجرائد الحكومية من النظام الحاكم والتي تبنت موقفا مؤيدا لتوقيع الاتفاقية بينما شنت صحف المعارضة حملة شعواء على الاتفاقية وموقعيها تحدث غيث في البداية مؤكدا انه لا خطوط فاصلة بين السياسة والاقتصاد وإلا فلماذا رفضت مصر توقيع الكويز لمدة ثماني سنوات ثم وافقت عليها فجأة هذا العام وأضاف غيث إن العوامل السياسية هي التي دفعت إلى توقيع هذه الاتفاقية بعد غياب عرفات وتولي آبو مازن جماعته مؤقتا مقاليد السلطة في الأرض العربية المحتلة واشتداد ساعد المقاومة في العراق وإذا تركنا السياسة وتحدثنا بلغة اقتصادية فإننا نقول إن الرقم الذي ذكر عن صادرات المنسوجات إلى الولايات المتحدة وهو 550مليون دولار هو رقم غير دقيق بالمرة لان الصادرات المصرية إلى أمريكا قريبة من هذا الرقم ونصفها من النفط ولذلك فلا يعقل أن يكون الرقم صحيحا.

ثانيا إن المقارنة بالأردن ليست في صالح دعاة توقيع الاتفاقية لان العجز في الميزان التجاري الأردني بعد تطبيق الاتفاقية هناك قفز إلى 1.1 مليار دولار وهو رقم كبير مقارنة بالاقتصاد الأردني.

ثالثا إن تطبيق الاتفاقية سيتسبب في هجرة الاستثمارات العربية من مصر لان المستثمر العربي لن يشترك مع المستثمر الإسرائيلي خاصة في ظل الأحداث الدامية في فلسطين والعراق.

رابعا إن نسبة المشاركة إسرائيلية ال 11.7 المنصوص عليها في الاتفاقية ليست نسبة 11.7من مكونات المنتج بل هي من السعر الإجمالي للسلعة فور خرجها من المصنع مما يرفع هذه النسبة إلى نسب اكبر حسب ربح المصنع.

خامسا إن هذه الاتفاقية لدينا البديل عنها وهو أن سبعة عشر دولة عربية ستفتح أسواقها بدون قيود او جمارك في الأول من يناير القادم وكذلك دول الكوميسا التسعة عشر فضلا عن تطبيق اتفاقية الجات في أول يناير القادم.

كما أن لدينا الاتحاد الأوروبي والذي يعفي المنتج المصري من الرسوم والجمارك من سنة 1987 ومع ذلك فالصادرات المصرية إليه من المنسوجات تقريبا صفر بينما الصادرات التونسية في مجال النسيج إلى الاتحاد الأوروبي تصل إلى خمسة مليار دولار.

وتحدث الأستاذ شفيق احمد علي نائب رئيس تحرير مجلة روز اليوسف عن الأضرار الاقتصادية والسياسية لهذه الاتفاقية لأنها تقوي الاقتصاد الإسرائيلي بعد الانهيارات الاقتصادية بفعل الانتفاضة وأضاف إن هناك أشياء لا تقاس بالربح المادي _هذا لو كان هناك ربح _مثل الانتماء والوطنية والانحياز للقضايا القومية وكان يجب على رجال الأعمال قبل الموافقة على هذه الاتفاقية أن يلقوا نظرة بسيطة على الفضائيات ويشاهدون الجنود الإسرائيليين وهم يقتلون الشعب الفلسطيني بدم بارد.

ورغم ا الندوة قد انتهت بالمصافحة بين رجال الأعمال والصحفيين إلا أن المعركة لا زالت مستمرة على صفحات الجرائد بين مؤيد ومعارض ولا ينتظر أن تنتهي هذه المعركة قريبا.



التعليقات