حماة: استشهاد 23 شخصا خلال 24 ساعة، والعفو الدولية تصف القمع في تلكلخ بـ"الجرائم الانسانية"

حماة ستكون المقياس لحقيقة توجهات الأسد في التعامل مع الاحتجاجات * العفو الدولية: يمكن اعتبار القمع في تلكلخ جرائم إنسانية * مجموعة الأزمات الدولية: النظام السوري أخطأ تشخيص الاحتجاجات ويبتعد عن دعامات تأييده الأساسية

حماة: استشهاد 23 شخصا خلال 24 ساعة، والعفو الدولية تصف القمع في تلكلخ بـ

 

قال ناشطون سوريون، إن قوات الامن اعتقلت عشرات الأشخاص في حماة، الأربعاء، بعدما قتلت بالرصاص ما يصل إلى 23 شخصا خلال الـ 24 ساعة الماضية.. وقالت منظمة العفو الدولية، إن سوريا ربما تكون قد ارتكبت جرائم ضد الانسانية في أعمال قمع وقعت في وقت سابق.

وما زالت الدبابات متمركزة خارج حماة، التي شهدت واحدة من أكبر الاحتجاجات ضد الرئيس بشار الأسد، وشهدت المدينة أيضا قمعا دمويا ضد إسلاميين قبل نحو 30 عاما.

ولكن بعض الدبابات تحركت لتتمركز في مواقع بعيدة عن المدينة، وقال مقيم إن قوات الامن تتركز الآن بصورة أساسية حول مقر حزب البعث، ومقر قيادة الشرطة، ومجمع أمني تابع للدولة.

وقال عمار قربي، رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الانسان في سوريا، ومقره القاهرة، إن عدد الذين قتلوا يوم الثلاثاء ارتفع إلى 22، وأضاف أن المئات قد اعتقلوا.

وقال رامي عبد الرحمن من المرصد السوري لحقوق الانسان، إن 23 شخصا استشهدوا في حماة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، وإن شخصية معارضة في المدينة أفادت بانقطاع الماء والكهرباء صباح يوم الأربعاء.

سانا: مقتل شرطي وإصابة مدنيين بنيرات المجموعات المسلحة

وأفادت الوكالة العربية السورية للأنباء، أن شرطيا قتل في اشتباك مع جماعات مسلحة فتحت النار على قوات الأمن، وألقت قنابل بنزين وقنابل مسامير عليه؛ ولم يذكر تقرير الوكالة أي وفيات بين المدنيين، ولكن قال إن بعض "المسلحين" أصيبوا.

ومنعت السلطات معظم وسائل الاعلام المستقلة من العمل في سوريا، منذ اندلاع الاحتجاجات في مارس / آذار، وهو أمر يتعذر معه التحقق من التقارير التي ترد من النشطاء والسلطات.

وأخليت حماة من قوات الأمن لنحو شهر، بعد مقتل 60 محتجا على الأقل بالرصاص في الثالث من يونيو / حزيران، ولكن الفراغ الأمني شجع المحتجين.. وقال نشطاء يوم الجمعة، إن مئات الآلاف احتشدوا للمطالبة برحيل الأسد.  

وفي اليوم التالي، عزل الأسد محافظ حماة، وأرسل دباباته وجنوده لمحاصرة المدينة، مما يشير إلى عملية عسكرية شبيهة بتلك التي نفذت في مراكز احتجاج أخرى.

العفو الدولية: يمكن اعتبار القمع في تلكلخ جرائم إنسانية

وفي تقرير صدر اليوم الأربعاء، قالت منظمة العفو الدولية، إن أعمال القمع التي جرت قبل شهرين ضد واحد من نقاط الاحتجاج، وهي بلدة تلكلخ القريبة من الحدود مع لبنان، ربما تشكل جريمة ضد الانسانية.

وحثت منظمة العفو الأمم المتحدة على إحالة سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، وقالت إن تسعة أشخاص توفوا في المعتقل، بعدما احتجزوا خلال العملية التي جرت في البلدة.

ووصفت المنظمة العملية بأنها "عملية أمنية مروعة" اعتقل فيها عشرات الرجال ومعظمهم تعرضوا للتعذيب.

وقال بعض المحتجزين لمنظمة العفو، إنهم تعرضوا للضرب و"للشبح"، وهو وضع تكون فيه الضحية مربوطة من المعصمين في قضيب مرتفع عن الأرض، بحيث تكون واقفة على أطراف أصابع قدميها لفترة طويلة.

شبح وصعق بالكهرباء

وقال شاب عمره 22 عاما لمنظمة العفو، إنه جرى تقييده في وضع الشبح، وتعرض للصعق الكهربائي في مواضع من جسده، وفي الخصيتين، خلال اعتقاله على مدى خمسة أيام في حمص.

وأضافت: "تعتبر منظمة العفو أن الجرائم التي ارتكبت في تلكلخ يمكن تصنيفها بأنها جرائم ضد الانسانية، إذ يبدو أنها جزء من هجوم واسع ومنهجي على السكان المدنيين."

وتقول جماعات حقوقية، إن قوات الامن السورية قتلت 1300 مدني على الأقل، في مختلف أنحاء البلاد منذ بدء الاحتجاجات قبل 14 أسبوعا.

وتقول السلطات إن 500 من رجال الجيش والشرطة قتلوا برصاص مسلحين، وتحمل المسلحين أيضا المسؤولية عن معظم وفيات المدنيين.

ورد الأسد على الاحتجاجات بمزيج من أعمال القمع، وتقديم التنازلات، فوعد بإجراء حوار وطني مع المعارضة، ومن المقرر إجراء محادثات مبدئية بشأن الحوار يوم الأحد.

حماة ستكون المقياس لحقيقة توجهات الأسد في التعامل مع الاحتجاجات

وترفض كثير من الشخصيات المعارضة الحوار مع استمرار القتل والاعتقالات، ويقول دبلوماسيون إن أحداث حماة ستكون مقياسا لما إذا كان الأسد سيختار بين التركيز على الحل السياسي أو العسكري للاضطرابات.

وسعى بعض أهالي حماة لسد الطرق المؤدية إلى الأحياء السكنية الرئيسية في المدينة بحاويات للقمامة، وأخشاب، وألواح معدنية، وإطارات مشتعلة، في محاولة لمنع تقدم محتمل للقوات.

وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش، والتي مقرها نيويورك، إن مسؤولا في المشفى الحوراني في حماة، أبلغها أن قوات الأمن حاصرت المستشفى أمس، دون أن تدخله، وذلك أثناء استقبال جثث لأربعة أشخاص، ومعالجة 60 آخرين من إصابات بأعيرة نارية.

وقالت سارة لي ويتسون، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومان رايتس ووتش: "قوات الأمن ردت على الاحتجاجات بوحشية.. صار هذا مألوفا على مدى الشهور القليلة الماضية."

وكان الأسد الأب، الذي حكم سوريا 30 عاما حتى وفاته في 2000، قد أرسل قواته إلى حماة في 1982 لسحق انتفاضة قادها إسلاميون في المدينة.

وأدى ذلك إلى مقتل عدة آلاف، وربما وصل العدد إلى 30 ألفا؛ وترددت شعارات على لسان محتجي حماة في الأسابيع الماضية، تلعن حافظ الأسد، في تذكير بأثر الجرح الغائر الذي لحق بالمدينة.

مجموعة الأزمات الدولية: النظام السوري أخطأ تشخيص الاحتجاجات ويبتعد عن دعامات تأييده الأساسية

على صعيد آخر، أفاد تقرير لمجموعة الأزمات الدولية، أن طيفا واسعا من الشرائح الاجتماعية التي كانت من الدعامات الأساسية للنظام السوري تحولت ضده.

وأصدرت المجموعة ومقرها بروكسل، الأربعاء أيضا، الجزء الأول من تقرير بعنوان "الاحتجاجات الشعبية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط (VI): ثورة الشعب السوري على إيقاع بطيء"، يتناول نشوء وتركيبة حركة الاحتجاجات التي تشهدها سوريا منذ مارس/آذار الماضي.

ويشير التقرير إلى أن الخطأ الرئيسي الذي ارتكبه النظام السوري تمثل "في تشخيصه الخاطئ" لحركة الاحتجاجات، "وتصرّفه وكأن كل جزء من الاضطرابات حالة منعزلة، تتطلب ردًّا على مقاسها، بدلاً من رؤيتها على أنها أزمة وطنية من شأنها أن تتعمق ما لم يتم إحداث تغييرات جذرية".

"نظام الأسد يحول أزمة قابلة للإدارة إلى أمر أكثر خطورة بكثير، على نفسه وعلى المجتمع"

وينقل التقرير عن روبرت مالي، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات، يقول: "إن النظام يقوم، خطوة خطوة، بالابتعاد عن دعامات تأييده الرئيسية – قاعدته الاجتماعية، الأغلبية الصامتة في البلاد، وقواته الأمنية ذاتها.. إنه يحوّل، ومن خلال أفعاله، أزمة قابلة للإدارة، إلى شيء أكثر خطورة بكثير على نفسه وعلى المجتمع بصورة عامة".

وأضاف التقرير أن استعمال النظام المفرط للقوة أدى إلى "توسيع نطاق حركة الاحتجاجات، إذ انضم إليها العديد من المواطنين الذين أغضبهم سلوك النظام".

ونقل التقرير عن بيتر هارلينغ، مدير مشروع العراق، وسورية ولبنان في مجموعة الأزمات: "يواجه النظام إرثًا ثقيلاً، لقد نشأت الأزمة نتيجة حالة منهجية من سوء الإدارة أفضت، على مدى سنوات، إلى تقويض القاعدة الاجتماعية الداعمة للنظام على نحو خطير".

وأضاف أن "سوء الإدارة البالغ في معالجة حالة الاستياء الشعبي، أدى إلى تفاقم الأمور بشكل دفع العديد من السوريين من الاحتجاج على المظالم الاجتماعية-الاقتصادية، إلى الاحتجاج على المظالم السياسية، ومن المطالبة بتغيير السلوك إلى الإصرار على تغيير النظام".

ويوضح التقرير أن الأحوال المعيشية "ساءت بشكل كبير وعلى جميع المستويات، مع بقاء فقاعات نادرة من الثراء الفاحش في مراكز المدينتين الرئيسيتين دمشق وحلب"، وذلك في ظل تجميد الرواتب، وارتفاع تكاليف المعيشة بشكل كبير، مما أدى إلى تدهور "الأحوال المعيشية بالنسبة للطبقة العاملة في ضواحي العاصمة، وعمال المناطق الريفية، والطبقة الوسطى الحضرية المكوّنة من الموظفين الحكوميين".

الفئات الاجتماعية الموالية للنظام شعرت بالتهميش، وتعويل النظام على أجهزة الأمن مخادع

ويشير التقرير إلى أن "الفئات الاجتماعية التي طالما اعتُبرت موالية للنظام، بعض الأقليات وطبقة رجال الأعمال، شعرت بالتهميش نتيجة الغطرسة والجشع المتناميين للنخبة الحاكمة، ونتيجة الوعود الفارغة بإحداث تغيّرات سياسية".

ويرى أن "المصالح الضيقة للنخبة، والمؤسسات السياسية الضعيفة، والدور المبالغ به للأجهزة الأمنية"، ضيّقت "احتمالات إجراء إصلاحات حقيقية، وكبّلت أيادي حتى أكثر الأطراف إصلاحية داخل القيادة".

ويقول التقرير إنه بالرغم من أن النظام بات "يعوّل في المقام الأول على الأجهزة الأمنية ذات الأغلبية العلوية"، إلا أن هذا الأمر قد يكون مخادعًا"، إذ أن كثيرين فيها يشعرون منذ زمن بعدم الرضا وبالرغبة في التغيير".

ويضيف أن هؤلاء حتى الآن وحدوا "صفوفهم خلف النظام، إلاّ أن ذلك لم يكن بدافع الولاء بقدر ما هو نتيجة للمنظور الطائفي، الذي يرون حركة الاحتجاجات من خلاله وما ينتج عن ذلك من آلية دفاعية تجعلهم يدافعون عن الطائفة".

ويرى التقرير أن "غريزة البقاء التي يعتمد عليها النظام، يمكن أن تحدث أثرًا عكسيًّا.. سيجد كثيرون صعوبة في المحافظة على هذا الزخم.. بعد أن يبلغ هذا العنف الجنوني مداه، قد تدفعهم الغريزة نفسها إلى التخلي عن النظام".

التعليقات