مقاتلو "داعش" في العراق على مشارف سامراء بعد سيطرتهم على تكريت

نجح مقاتلو "الدولة الإسلامية في العراق والشام(داعش)" في التمدد جنوبا بعدما أحكموا قبضتهم على مدينة الموصل في شمال العراق، حيث تمكنوا الأربعاء من السيطرة على مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين، واضعين وحدة البلاد أمام أكبر تحدياتها منذ اجتياح العام 2003.

مقاتلو

أ.ف.ب

نجح مقاتلو "الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)" في التمدد جنوبا بعدما أحكموا قبضتهم على مدينة الموصل في شمال العراق، حيث تمكنوا اليوم الأربعاء من السيطرة على مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين، واضعين وحدة البلاد أمام أكبر تحدياتها منذ اجتياح العام 2003.

ولم يتوقف زحف هؤلاء المقاتلين الجهاديين الذي يقدر عددهم بالمئات إلا عند أطراف مدينة سامراء التي لا تبعد سوى 110 كلم عن شمال العاصمة بغداد، والتي تحوي مراقد وحسينيات.

 وأمام هذا الاختراق الأمني العسكري غير المسبوق، لم تجد الحكومة التي انهارت دفاعات قواتها بسهولة مفاجئة أمام المهاجمين، إلا التاكيد مجددا على ضرورة التمسك بوحدة العراق، والتوعد بضرب المتمردين.

وانتشرت منذ ساعات الصباح الأولى في الموصل (350 كلم شمال بغداد) مجموعات من المسلحين الذين ارتدى بعضهم زيا عسكريا فيما ارتدى اخرون ملابس سوداء من دون ان يغطوا وجوههم قرب المصارف والدوائر الحكومية وداخل مقر مجلس محافظة، بحسب ما أفاد شهود عيان.

وأضاف هؤلاء أن الهدوء سيطر اليوم على شوارع الموصل بعد يوم من سقوطها في أيدي مقاتلي "الدولة الإسلامية"، فيما أغلقت محالها أبوابها، وسط جولات قام بها المقاتلون بسياراتهم دعوا خلالها عبر مكبرات الصوت الموظفين الحكوميين للتوجه الى دوائرهم.

وقال أبو أحمد (30 عاما) الذي يملك محلا لبيع المواد الغذائية في وسط الموصل: "لم أفتح باب المحل منذ الخميس الماضي بسبب الظروف الأمنية. كنت قلقا من تدهور الأوضاع، وتبين أنني كنت على حق". وأضاف "لكنني باق في الموصل. هذه مدينتي على كل حال، وهي مدينة هادئة حاليا".

ولا تزال عشرات العائلات تنزح من الموصل باتجاه اقليم كردستان المجاور لمحافظة نينوى، بحسب ما أفاد شهود عيان.

ويتخوف سكان الموصل الذي يبلغ عددهم نحو مليوني شخص من تعرض المدينة لعمليات قصف من قبل الجيش كما يحدث في مدينة الفلوجة (60 كلم غرب بغداد) في الأنبار والتي يسيطر عليها ايضا تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" منذ بداية العام، وفقا لما أفاد به سكان في المدينة.

وقد أعلنت المنظمة الدولية للهجرة في بيان الأربعاء أن أكثر من 500 ألف مدني فروا من المعارك في الموصل ومنطقتها.

وفيما كان العراقيون منشغلين بأحداث الموصل ومحافظة نينوى التي أعلنوها ولاية اسلامية، شن المقاتلون الجهاديون هجوما على محافظة صلاح الدين جنوب نينوى لينجحوا وخلال ساعات قليلة في السيطرة على مدينة تكريت (160 كلم شمال بغداد) مركز المحافظة.

وقال ضابط برتبة عقيد في الشرطة لوكالة فرانس برس "كل مدينة تكريت في أيدي المسلحين"، بينما ذكر ضابط برتبة رائد في الشرطة أن المسلحين قاموا بتهريب نحو 300 سجين من السجن المركزي في المدينة.

وواصل المقاتلون زحفهم جنوبا حيث سيطروا على ناحيتي الدور والعوجة جنوب تكريت، وبلغوا مشارف سامراء حيث خاضوا اشتباكات عنيفة مع قوات حكومية لنحو ساعتين لم ينجحوا خلالها في دخول المدينة التي تحوي مرقد الامامين العسكريين، الامام العاشر والامام الحادي عشر.

وإلى جانب سيطرتهم على محافظة نينوى ومدينة تكريت وبعض المناطق الأخرى في صلاح الدين، أحكم المقاتلون أيضا قبضتهم على النواحي والأقضية التي دخولها الثلاثاء في محافظة كركوك الغنية بالنفط والمتنازع عليها بين العرب والاكراد.

وأقدم اليوم مقاتلو "الدولة الإسلامية في العراق والشام" على إعدام 15 من عناصر القوات العراقية في هذه المناطق في محافظة كركوك، وفقا لمصدر أمني ومسؤولين محليين.

كما قام هؤلاء باختطاف القنصل التركي في الموصل مع العشرات من مساعديه بعدما اقتحموا القنصلية التركية في المدينة، وسط تهديدات تركية ب"رد قاس" في حال تعرض المختطفون للأذى.

وفي ضوء هذا التدهور الأمني، دعا رئيس الوزراء نوري المالكي الذي يسعى للبقاء على رأس الحكومة لولاية ثالثة العراقيين الى التمسك بوحدتهم، متوعدا المقاتلين الجهاديين بطردهم من المواقع التي احتلوها.

وتتوجه أنظار العراقيين غدا الخميس إلى البرلمان الذي من المتوقع ان يعقد جلسة يصوت خلالها على إعلان حالة الطوارئ في البلاد بطلب من الحكومة التي أعلنت يوم أمس، الثلاثاء، التعبئة العامة وتعهدت بتسليح كل مواطن يتطوع لقتال "الإرهاب".

وفي هذا السياق، اقترح الزعيم العراقي مقتدى الصدر القائد السابق لميليشيا "جيش المهدي" تشكيل وحدات امنية بالتنسيق مع الحكومة العراقية تحت مسمى "سرايا السلام"، تعمل على حماية المقدسات الاسلامية والمسيحية من "القوى الظلامية".

وتبعد مدينة الموصل عاصمة الشمال العراقي بضعة كيلومترات عن الحدود مع سوريا حيث تفصل بينها وبين معبر اليعربية الفاصل بين العراق وسوريا منطقة ربيعة التي تسكنها عائلات لها امتدادات عشائرية وعائلية على الجانب الآخر من الحدود.

ويخشى مراقبون أن تؤدي سيطرة المقاتلين الجهاديين على نينوى إلى فتح ممر جديد وترسيخ مناطق نفوذ واسعة لهذه التنظيمات المتطرفة عند الحدود العراقية السورية.

وأظهرت صور نشرها تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" على الإنترنت مقاتليه وهم يزيلون الحدود بين محافظتي نينوى العراقية والحسكة السورية.

وفي بيان نشرته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) اعتبرت وزارة الخارجية السورية اليوم أن "الارهاب" الذي يواجهه كل من العراق وسوريا واحد، مبدية استعدادها للتعاون مع العراق "من أجل مواجهة هذا العدو المشترك".

من جانبه، اجرى وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف اتصالا هاتفيا بنظيره العراقي هوشيار زيباري عارضا دعم طهران "للحكومة والشعب العراقيين في مواجهة الإرهاب"، وفق ما نقلت الأربعاء وكالة آرنا الإيرانية الرسمية.

ووعدت الولايات المتحدة الأربعاء بتقديم مساعدتها لنصف مليون عراقي يتوقع أن يفروا من هجوم المسلحين الإسلاميين الذين سيطروا على مركزي محافظتي نينوى وصلاح الدين ويتقدمون باتجاه بغداد.

ودعت دول الاتحاد الاوروبي والجامعة العربية الأربعاء القوى الديموقراطية في العراق إلى الإتحاد في وجه المتشددين الإسلاميين.

ميدانيا ايضا، قتل 37 شخصا على الاقل واصيب العشرات بجروح في هجمات متفرقة في العراق احدها انتحاري استهدف مجلسا عشائريا شيعيا في بغداد وقتل فيه 15 شخصا، بحسب ما افادت مصادر امنية وكالة فرانس برس.

التعليقات