هل توجه السعودية ضربة للنفط الصخري الأمريكي أم لروسيا وإيران؟

تضاربت التحليلات حول قرار منظمة "أوبك" عدم خفض إنتاجها لوقف التدهور السريع في أسعار النفط، لكن نتيجته واحدة، انخفاض الأسعار بشكل حاد الأمر الذي ينطوي على تأثير كبير على المنتجين والمستهلكين وعلى قطاع الصناعة العالمي. وفي حين يرى بعض المح

هل توجه السعودية ضربة للنفط الصخري الأمريكي أم لروسيا وإيران؟

تضاربت التحليلات حول قرار  منظمة 'أوبك' عدم خفض إنتاجها لوقف التدهور السريع في أسعار النفط، لكن نتيجته واحدة، انخفاض الأسعار بشكل حاد الأمر الذي ينطوي على تأثير كبير على المنتجين والمستهلكين وعلى قطاع الصناعة العالمي. وفي حين يرى بعض المحللين أن السعودية تهدف من وراء خطواتها توجيه ضربة للنفط الصخري الأمريكي، لم يستبعد آخرون أنها تهدف لتوجيه ضربة لروسيا وإيران.

ووصل الانخفاض يوم الجمعة الأخير إلى مستوى جديد حيث هبطت العقود الآجلة لخام برنت، عن مستوى 69 دولارا للبرميل، وهو أمر لم يحصل منذ عام 2010.

وقالت صحيفة وول ستريت جورنال إن السعودية أكبر منتجي منظمة أوبك ترى ان أسعار النفط قد تستقر عند حوالي 60 دولارا للبرميل.  وقال محللون إن القرار السعودي بخفض الأسعار يأتي في إطار حرب  على النفط الصخري الأميركي، حيث  تسعى لتقويض ربحية منتجي أميركا الشمالية، لكنها بنت موازنتها على أساس 85 دولارا كحد أدنى.

وكان وزير البترول السعودي، علي النعيمي، حث  نظراءه في دول 'أوبك' بأن عليهم أن يكافحوا طفرة النفط الصخري في الولايات المتحدة، رافضاً خفض إنتاج الخام بهدف الضغط على الأسعار وتقويض ربحية المنتجين في أميركا الشمالية.

ورجحت كفّة النعيمي، في اجتماع المنظمة، خلال اجتماعها الخميس الماضي، على غير رغبة وزراء آخرين من أعضاء أقل ثراء في 'أوبك'، مثل فنزويلا وإيران والجزائر، كانوا يريدون خفض الإنتاج للتصدي للانخفاض السريع في أسعار الخام.

الكاتب والإعلامي السعودي جمال خاشقجي، تساءل في مقالة نشرها اليوم في صحيفة 'الحياة' اللندنية، عن أسباب قرار السعودية خفض أسعار النفط الذي يعتمد عليه الاقتصاد السعودي، ودعا وزير النفط السعودي علي النعيمي لأن يشرح موقفه.

وتساءل هل أبقت الحكومة السعودية على سقف الإنتاج الحالي بهدف الحفاظ على حصة المملكة السوقية واحتراماً لعملائها في شرق آسيا الذين قد تفقد بعضهم لو خفضت إنتاجها مليوناً أو نصف مليون برميل للحفاظ على الأسعار القريبة من رقم المئة دولار الجميل؟ ولكن عالم النفط متوحش، وشركاءها في سوق لا يتورعون عن رفع إنتاجهم والحلول محلها في الأسواق التي تخليها، وفي النهاية ستخسر عملاءها ويستمر الفائض في السوق ومعه الأسعار المنخفضة، أم أنها خطة سعودية لئيمة لإخراج النفط الصخري الذي ما كان له أن يستخرج لولا ارتفاع الأسعار لكلفة استخراجه العالية، مهددة بذلك مصالحها الاستراتيجية مع الأميركيين حلفائها الأقدمين، لعلها ملت منهم وتريد الضغط على إدارة أوباما المترددة التي لم تعد الحليف الذي يعتمد عليه، ولكن انخفاض الأسعار وإن أضرّ ببضع شركات أميركية فإنه مفيد للاقتصاد الأميركي الكلي وكفيل بتسريع انتعاشته، وهو ما تريده المملكة التي ستستفيد في المدى الطويل من تعافي الاقتصاد العالمي، إذاً هي سياسة سعودية بعيدة النظر.

ويضيف خاشقجي: لا، لا، سيقاطع أحد الخبراء قائلاً: أميركا مستفيدة في الاتجاهين، انخفاض الأسعار واستمرار إنتاج النفط الصخري، فالسعودية لن تستطيع أن تخرجه من السوق إلا بإيذاء نفسها، بأن تسمح لبرميل النفط أن ينزلق إلى ما دون 50 دولاراً للبرميل، وهذا ما لا تحتمله موازنتها المؤسسة على 85 دولاراً للبرميل الواحد، فكلفة إنتاج الصخري حول 53 دولاراً، كما أن التقنيات تتطور والكلفة تنزل باستمرار، ما يعني أن الفائض سيستمر ومعه سياسة أميركا في التخزين الاستراتيجي للنفط والذي أضعف قدرة أوبك، أي المملكة في التأثير في السوق.

ويتابع: إذاً هي السياسة، لا بد أن المملكة تريد إضعاف روسيا وإيران. ها هو الروبل الروسي يهوي، إنه تكرار لما فعلته السعودية في الثمانينات عندما تحالفت مع الولايات المتحدة لتسديد الضربة القاضية للاتحاد السوفياتي بعدما أثخنوه لكماً في أفغانستان، ولكن الاتحاد السوفياتي يسقط مرة واحدة فقط، وقد سقط وتفتت. هذه المؤامرة لم تثبت بعد ولا تزال وقائعها محل جدل وينفيها وزير النفط السعودي الأشهر الشيخ أحمد زكي يماني الذي عاش تلك المرحلة وكان أحد ضحاياها، ولو صحّت فإن إسقاط الاتحاد السوفياتي خدمة للإنسانية ربما يحق للسعوديين أن يتبنوها ويبرروا صبرهم على سنوات الركود العظيم الذي عاشوه من منتصف ثمانينات القرن الماضي إلى تسعيناته، والتي بالتأكيد لا يريدونها مرة أخرى وخصوصاً مع المشاريع غير الإنتاجية العملاقة التي التزمت بها حكومتهم. اليوم لا يوجد ما يستحق تضحية هائلة كهذه، فأوكرانيا ليست قضيتهم، أما سورية، فإن تدخلاً سعودياً- تركياً- أردنياً هناك أقلّ كلفة من إعلان حرب نفطية على السيد بوتين.

وتابع: الإيرانيون سارعوا بالقول إنها «مؤامرة سعودية» ضدهم، بالتأكيد سيقولون ذلك، فهم يجمعون بين عقدتين تحكمان سياستهم الخارجية، وهما السعي للهيمنة والشكوى من تآمر العالم عليهم، ومن ضمنه السعودية، التي تتحالف ضدهم مع الأميركيين كما يزعمون، ولكن السعودية أيضاً تعمل ضد الأميركيين كما جاء في بداية المقال.

واحختتم بالقول: المحصّلة النهائية، إنها عشرات الأسباب لتفسير ما حصل في ذلك اليوم البارد في فيينا قبل أسبوعين، ولن يحسمه إلا أن يخرج الوزير علي النعيمي ويقول شيئاً، وأحسب أنه لن يفعل.

  

 

 

التعليقات